هند عيسى تكتب .. قصائد

قصائد
قصائد

شارع جانبى يبدو غير مؤرخ

بالإسكندرية،

أصعد على التاليتوار

الشارع لا يسكنه أحد

به مدرسة. كانت بالأصل قصرًا  لإيمانويل قازدوغلى. أخمن

مهجورة على ما يبدو، أفكر بإكمال تعليمى «لا يفوت الأوان أبداً»

أفكر بالحكمة الغبية..

أدخل المدرسة، كُل شىء على عاتقى.

أرن الجرس لبدء أول يوم دراسى من الماضى،

الذكريات تصطف، أتصنع الصرامة معها بيبيدى بابيدى دو انتبااااه

أعيد تصميم الديكور الذى لطالما كرهته:

مرايا بكُل مكان، غابة مصغّرة بالباحة الخلفية دُمانا المفضلة مُثبتة على الجدران 

لتخفيف الوحشة،

أدخل التواليت:

أطبع على الباب قُبلة حمراء وأغانى غرامية، أفجّر المواسير

لطالما خفت منها، بداخلها أسرار خصلات شعر وأصوات.

الانفجار يخلّف بحر أزرق بباحة اللعب

تنزف المواسير، نقطة نقطة، تاب تاب، أحلام تلاميذ صدئة

أستعد

بمريول أزرق قصير من الشاش وماكياچ غير مؤدب للفصل

أقص ضفيرتى الطويلة أزينها بأكواريام، أصنع بها مشنقة حنونة بجانب،

ديسك «الولدالانطوائى»

يدخُل المسيو: درس جديد بالعلوم، الإسعافات الأولية لإنقاذ فراشة، يكتب

الطبشور معتمداً على نفسه «المدرسة مكان جيد لتنفيذ الانتحار»

حصة جديدة تبدأ

تدخل مِس آنچيل تعطينا درساً جديداً فى الحب وتحذرنا من

عواقب الانتحار، آوه فات الأوان مِس آنچيل

تدخل الريح من النافذة، تستعد لقول شىء، تختار الفتيات، تكتب على صدورنا وزغب أفخاذنا قصائدنا المُفضلة

«تخرج»

أية أوهام تلقيناها بالمدرسة؟

ابراااكادابرااا انتهى أيها الكابوس، أنا آمُرك!

‏ «la tristesse durera toujours»

ينتهى اليوم الدراسى Claquette أموت للمرة المائة.

 

يصرُخ المنبه، توقظنى ماما: يا صغيرة «يوم دراسى جديد»

أظل تلميذة صغيرة إلى الأبد لأن الحياة

يوم دراسى جديد..

>>>

أتابع لهوى

ك طفلة صغيرة فى ملاه مهجورة

أسمح للنسيم بتمشيط شعرى والعبث به، سعيدة بتشوش الرؤية

غير آبهة بأوراقى المتساقطة تاركة الريح تأخذها نحو حيواتها الهاربة والزمن الضائع

مع ذلك كان من الأفضل ألا أكون موجودة

لأن الحياة مهما كانت جميلة فإنها

تؤدى بى إلى الهاوية وتسرقنى، أتذكرها فأخرج من منتصف الحفلات بكحل سائل راكضة بكعب حذاء مكسور نحو جميع النوافذ نحو جميع الطرق المظلمة ماضية إلى حيث أصير متوحشة، وتعلمنى كل يوم كيف أخفى رقتى كنقطة ضعف

الحياة شىء لا نتذكره بل نعيشه، سأفعل أى شىء كى لا أتذكرها أتناول الأفيون حتى

كبيرة هى الحياة ولا تستحق التفاتة

صغيرة هى الحياة وتشبه قلبى

أشعل سيجارة وأؤجل

خططى التى اتخذتها منذ دقائق

أشعل سيجارة وأؤجل خططى التى اتخذتها منذ سنين

أشعل أخرى وأؤجل حياتى كلها..

>>>

أثاث من الخشب متروك منذ زمن بعيد، يـُسمع منه حفيف الأشجار

أصيص كأنه الغابة

 ومن حوض الاستحمام يصدر هدير المحيط

ومن الليل، رغبة الصيد الأولى تستيقظ فى قطتى

ونافذة واحدة تحمل كل إطلالات العالم

جسدى متأهب لخطر مضى، مر به أسلافى

ذاكرتى مثل صندوق الدنيا، متكدسة بأشياءٍ لا تخصنى

تاريخ السلالات محفور ويتدفق فى وجهى، وكل مايحدث فى العالم، يترك بصماته هناك، على جلدى.

الأشياء الأولى تنادينا

 وما خُلقنا منه يصحو فينا متخطياً كل الحضارات.

>>>

أمس حلمت بالغابات

أتت وأنقذتنى، سمعت صوتها يخفق تحت أرض المدينة

وُلِدت بحارٌ على الأسفلت، وصحت الوعول المرسومة على الخزانة، حطمت الحملان واجهاتكم اللامعة، وأَكَلَت أوراق العالم الأشد أهمية، رميت أقراطى وحذائى وعدت للبيت أخيراً.

>>>

 

خَدّيْن من البازلت

تُحيلهما ذِكرى اللمس من وقتٍ لآخر إلى، جلد وحنان

لا تلمس

لَمْسةٌ واحدةٌ قد تُوقِظ مالا تَعْرِف..

>>>

 

أحلم بأننى أغرق عارية فى محيط واسع

من بعيد ألمح ألواح نجاة خشبية

أنتهى دائماً بصنع تابوت عائم..

>>>

وربما كانت هذه هى الجائزة

 عُلبة فارغة..

 وأن تصل خفيفاً

 بأيادٍ شاغرة على الدوام.

نقلا عن عدد أخبار الأدب بتاريخ 14/5/2023

اقرأ أيضًا : فيلم «إنشالله ولد» الأردني يشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي