«العابرون» قصيدة للشاعر الدكتور إيهاب عبد السلام

 إيهاب عبد السلام
إيهاب عبد السلام

خَطَرَت بِنَفْسِكَ فِكْرَةٌ فَمَعَاذَ

أنْ ينتهِي التَّطْوَافُ عندَ لِمَاذا

كَمْ خَاطِرٍ يَجْتَاحُ قلبَك خِلْسَةً

وَلَرُبَّمَا يَتَسَلَّلُونَ لِوَاذَا

يَتَسَاءَلُ التِّلْمِيذُ فِيكَ وَطَالَ مَا

حَارَ الجَوَابُ وَأعجَزَ الأُسْتَاذَا

رَافَقْتُهُ خَمْسِينَ حُزْنًا كَامِلًا

واليَوْمَ أسْألُ صَادِقًا: مَنْ هَذَا؟!

سَيَعُودُ مَاءُ النَّهْرِ يَوْمًا نَبْعَهُ

وَيَعُودُ سَيْلًا مَا يَكُونُ رَذَاذَا

*

مَا فِي الكُؤوسِ سِوَى الفَراغِ وَرُبَّمَا

عَشِقَ الرِّفَاقُ رَنِينَهَا الأخَّاذَا

هِيَ رَنَّةٌ أوْ رَنَتَّانِ وَبَعْدَهَا

تِلْكَ الكُؤُوسُ جَمِيعُهَا تَتَحَاذَى

يَا سَطْوَةَ الأحْزَانِ حِينَ تُحِيطُنِي

مَا اجْتَازَ قَلْبِي سُورَهَا الفُولَاذَ

فِي حَانَةٍ حَوْلِي ضَجِيجٌ صَاخِبٌ

هَذِي الرُّؤُوسُ تَظُنُّهُ إنْقَاذَا

وَكَأنَّنِي أرْجُو مِنَ المَوْتِ الحَيَا

أوْ نَاشِدٌ في التَّائِهِينَ مَلاَذَا

*

العَابِرُونَ مِنَ الفَنَاءِ طَرِيقُهُمْ

لَا يَفْرِقُونَ حَقِيقَةً وَمَجَازَا

جَفَّتْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ أزْيَارُهُمْ

وَيُجَهِّزُونَ لِشُرْبِهِمْ أكْوَازَا

مَا أحْرَزُوا إلَّا نِقَاطَ أُفُولِهِمْ

وَتَرَاهُمُ كَمْ بَارَكُوا الإحْرَازَا

السَّيْفُ يَحْصُدُهُمْ وَيَرْقُبُ نَسْلَهُمْ

وَيُعَلِّقُونَ بِنَصْلِهِ الأحْرَازَا

هُمْ أتْقَنُوا نَقْشَ الْوُهُومِ جَمِيلَةً

وَطِلَاءَ وَجْهِ الْمُسْتَحِيلِ جَوَازَا

*

القَاعِدُونَ عَلَى بِسَاطِ كَلَامِهِمْ

سَيَرَوْنَ كُلَّ مُغَرِّدٍ مُجْتَازَا

إنْ كُنْتُ بُحْتُ فَمَا أَبَحْتُ سِوَى الصَّدَى

مَا كُنْتُ لُحْتُ لِفِكْرَةٍ مُنْحَازَا

الشِّعْرُ هَزْهَزَةُ السُّكُونِ لِأَنَّهُ

لَا يَرْتَجِي للسَّاكِنِينَ مَفَازَا

هُوَ ذَلِكَ الشَّيْخُ الَّذِي لَا يَنْحَنِي

تَخِذَ المَجَازَ لِدَرْبِهِ عُكَّازَا

كُلُّ الْكَلَامِ مَقَاعِدٌ قَدْ ثُبِّتَتْ

وَالشِّعْرُ يُشْبِهُ مِقْعَدًا هَزَّازَا