أصل الحكاية| 100 ضربة.. عقوبة البلاغ الكاذب في مصر القديمة

أرشيفية
أرشيفية

لقد كان الاستقرار وما يزال أهم الدعامات التي تطمح لها أي مؤسسة حاكمة في قيادة شعوبها، ويعتبر أكثر القطاعات التي بحاجة إلى ذلك النوع من الاستقرار هو القطاع الأمني، ومن ثم رأى المشرع القديم عبر فترات التاريخ المختلفة أن يضع من القوانين ما يكفل لهذا القطاع أن يمارس وجباته في الحفاظ على الأمن العام.

لذا كان تجريم البلاغ الكاذب في مصر القديمة أحد الضمانات التي تحقق الاستقرار للجهاز الأمني فضلا عن أهميتها في منع الناس من اتهام بعضهم البعض دون دليل، وربما كان السبب هو رؤية أخلاقية تهدف إلى محاربة الكذب، والمتابع للإجراءات القضائية يلاحظ الاهتمام بهذه الجريمة، فنرى في كتاب الموتى ما ينص على إزدراء الكذب "إنني لم أنطق كذبا، لم أضع الكذب مكان الصدق، لم أنطق كذبا على علم مني"،
كما أكدته شروق السيد باحثة في التاريخ المصري القديم.

أصل الحكاية| وسائل التسلية والترفية لدى المصري القديم

وقد أكدت الوثائق أن المصري القديم عرف جريمة البلاغ الكاذب، فنرى محضر لمحاكمة ترجع إلى عهد تحتمس الرابع بخصوص الضرائب وتقضي بتوقيع عقوبة مقدارها مائة ضربة على موظف الخزانة «مري» بعد أن وجد أنه مخطئ مع موظف المالية التابع لمعبد حتحور في مصر العليا.

وأوضحت باحثة في التاريخ المصري القديم، أن كذلك فلدينا اوستراكا BM 5625 "عهد رمسيس الرابع" تقرر "إذا رجعت مرة أخرى ورفعت شكوى ضده فلتضربوني مائة ضربة" فهنا يتعهد المبلغ بالكذب ألا يعود إلى مثل هذه الشكاية الباطلة وإلا وقعت عليه العقوبة، ونفس الأمر تؤكده اوستراكا DEM 133 "عهد رمسيس الرابع" أن أي فرد يقدم بلاغاً كاذباً يعاقب بما أتى وبما سببه من جراء بلاغه هذا فتقرر على لسان أحد الأفراد "إذا اعترضت على ذلك فيما بعد فسوف اضرب مائة ضربة".

ويبدو أنه أحيانا ما كان أصحاب الإدعاء الكاذب يتراجعون عن دعواهم ربما خوفا من العقوبة، إلا أن عقوبتهم كانت تلحق بهم وهو ما قررته اوستراكا Cairo 25556 حيث نجد رافعو الشكوى قد تراجعوا عن دعواهم وأقسموا بذلك، ورغم ذلك وقعت عليهم عقوبة البلاغ الكاذب "هم ضربوا مائة ضربة شديدة جدا".