في الخمسينيات.. حكاية شبح مدرسة البنات

صورة موضوعية
صورة موضوعية

وقفت ناظرة مدرسة البنات تعلو الدهشة وجهها، وتموج انفعالاته حيث لم تصدق مازعمته المشرفة وطالبات القسم الداخلي من أن شبحا يطوف المدرسة كل ليلة، ويمشي بخطوات منتظمة، وقد التفت في ثياب بيضاء ثم يذوب في السواد أي الظلام فجأة عندما يسمع اول حركة.

وبصوت يشوبه إصرار وقفا المشرفة أيضا تؤكد أنها رأته بعينيها منذ ٣ ليال وأوشكت أن تصرخ لكن صوتها خانها، غير أنها كانت قد أوقدت النور واتجهت إلى النافذة واقسمت عدة طالبات أنهن شاهدن نفس المنظر.

وقالت إحداهن أن اللهب والدخان والزفير ينبعث من عين الشبح ومن فمه!

فما كان من الناظرة إلا أن استدعت الحارس المكلف بالحراسة الليلية والذي فوجئت به أيضا يؤكد هو الآخر أنه شاهده، وطلب من الناظرة أن تمنع المشرفة من الحركة أثناء الليل، وأن تحظر الطالبات إلى استغلال النور حتى لاتغضب الروح الشريرة فتصيب إحداهن بالمس!

وانهى الحارس كلامه يستأذنها باستحضار أحد أولياء الله لطرد هذا الشيطان من المدرسة، وتناقلت المدينة كلها قصة الشبح الملتف في البياض والذي عكف على زيارة المدرسة كل ٣ ليال بعد أن ينام الجميع.

جلست الناظرة تعض على أناملها من شدة الدهشة ومايتردد على سمعها، واتخذت القرار وهو أن تتأكد بنفسها، وبالفعل ظلت في حجرة المشرفة واطفأت النور وتظاهرت بالنوم.

وفي الموعد المحدد سمعت صوتا غريبا وهمهمة مخيفة، زالصقت عينيها على زجاج النافذة، وبدأت تحدق في الظلام فرأت الشبح يتسلق الشرفة ثم يخطو خطواته الرهيبة، تشجعت الناظرة وفتحت النافذة، ونادت على الحارس المكلف بالحراسة الليلية فلم تظفر بجواب، والتفت إليها الشبح ومضى نحوها بثبات، فتملكها الرعب وأغلقت النافذة بفرعب وفزع واستلقت على الفراش في شبه ذهول.

وفي اليوم التالي وبعد أن صدقت الناظرة كل القصة حملتها إلى رؤسائها من رجال الوزارة وسألتهم الرأي والنصيحة، لكن عنفها بعضهم لأنها مربية فاضلة كيف تؤمن بقصص الأسباح والعفاريت، وذهب الأذكياء منهم إلى المشرفة ربما كانت على علاقة بأحد الشبان وأنها دبرت معه الأمر على تلك الصورة لتخدع الجميع عن علاقتها.. فالأمر كله لعبة من العاب السينما!

احتجت الناظرة على هذا الظن واكدت براءة المشرفة وحسن سيرتها، وطلبت من الذين لا يصدقون أن يحضروا بأنفسهم ليروا الشبح.

وتوجه بعض كبار المسئولين عن التعليم واتفقوا على أم يقيموا في المدرسة ليلا ليتحققوا من النبأ.

وسهر ا حتى موعد ظهور الشبح وكان معهم الحارس واطفأوا الانوار، وانتظروا لكن الشبح لم يظهر وطال الانتظار حتى أوشك الفجر أن يملأ الأرض، وانصرفوا بعد أن قاموا بتعنيف الناظرة التي أخذت تلعن الشبح الذي أخجلها أمام الجميع وتخلف ميعاده لأول مرة.

وفي الليلة التالية يظهر الشبح يحاول اقتحام الباب بصوت أجش كأنه من عالم آخر يطلب أن يفتحوا له الباب بالحسنى، فلم تجد الناظرة إلا إبلاغ الشرطة، ودبرت معهم أمرا، وفي الوعد المحدد الذي تعود الشبح أم يظهر فيه، وما إن أقبل بخطواته المعهودة ودق باب الطالبات يسالهن أن يفتحن له، ظهرت الناظرة وقد استجمعت شجاعتها وبيدها مسدس وهي تقول: لا تتحرك وإلا أطلقت الرصاص.. وإن كنت روحا فدافع عن نفسك.. ووجهت قوة المسدس إلى قلبه.


وفجأة خر الشبح على قدميه صارخا..سامحيني ياست الناظرة.. حرام تقتليني.. واكتشفت أن الشبح هو الحارس المكلف بالحراسة الليلية، وتمكن رجال الشرطة من القبض عليه والذين كانوا يخافون في مكان ما داخل المدرسة.

وقف الحارس يدافع عن نفسه قائلا: أنا فقير.. وأريد أن آخذ بعض من ملابس الطالبات اللاتي لهن أسر ثرية، لكي يلبسهن فتياته وخشي أن يكتشف أمر سرقته للملابس ويضيع مستقبله، لذلك لجأ إلى هذه الحيلة.. وانهار في بكاء مرير يطلب منهم أن يسامحوه ويعفوا عنه، غير أن أحدا لم يرق لدموع الشبح ولا لفقره.. فقد فصل شبح مدرسة البنات من الخدمة وعوقب بالحبس.

 

                                                                                     المصدر مركز معلومات أخبار اليوم جريدة أخبار اليوم ١٩٥٠