كنوز | نصيحة «بيرم التونسي» في رمضان

«بيرم التونسي» و السادات
«بيرم التونسي» و السادات

كل عام وأنتم بخير.. نعيش الأن أيام شهر رمضان الكريم.. شهر الخير والبركة والرحمة.. شهر التعبد والتكافل والتراحم.. الشهر الفضيل الذى تسمو روحانياته بالنفس البشرية.. الشهر الذى تجتمع فيه الأمة الإسلامية على مائدة واحدة عمادها الدين الواحد واللغة الواحدة والمصير المشترك، ومع أول أيام الشهر الكريم «كنوز» تقدم بلاغة وفصاحة وسلاطة لسان ودبابيس الزجال الشعبى الكبير «بيرم التونسى» المصرى القح الذى صاغ رؤيته شعراً عن روحانيات رمضان التى عاشها وعايشها ورصدها من خلال سلوك المصريين فى الشهر الكريم، ومنها ما أعجبه وما لم يعجبه فاستخدم حصيلته اللغوية فى صياغة ما يريد طرحه من انتقادات تجاه سلوكيات من يتعاملون مع روحانيات الشهر الكريم بسلوكيات بعيدة عن التقوى، ويأخذون من صيام رمضان المظهر دون العمق الإيمانى المطلوب، فكتب ثلاث قصائد بتنويعات مختلفة عن الشهر الفضيل، الأولى يدعو فيها الصائم إلى الابتعاد عن كافة المعاصى واللهو حتى يصبح صيامه عبادة حقيقية وليس لونا من ألوان إنقاص الوزن.

فيقول: «يا صايمْ صيام الشرابْ والطعام.. صيامك حلالْ، أو صيامك حرامْ .. لسانَكْ يصومْ.. وعِـينَكْ تِصُومْ وإيْدكْ تِصومْ عن جَـميعْ الأَثام.. يِصُومْ اللسانْ إذا كانْ يُصانْ.. لا يغـتابْ فلان ولا يْسِىءْ فـلان.. وخلِّى المزَاحْ ولو كان مُبَاحْ.. ومـعظــــم ذنوبنا سببها الكلام.. وعينكْ تصـونها عـن الفاتناتْ.. عن العاريات، عن الضاحكات، عن المائلات.. لا تجمع ما بين الصيام والآهات.. وإذا كـــنت ناوي.. بلاش القهـاوى وتنوي في بيتك على الاعتصام.. بلاش الملامـــةْ وبلاش الأذيـَّـة.. إذا كنت تِأْذِى الضعيف واليتيم.. بإيدك يا صايم، صيامك رِجِـيم.. وإيدك تصوم عـن جميـع الآثام.. ورمضان كـريم يحب الـكرام.. ويحييكم الله إلى كل عام».

● وفى القصيدة الثانية تتجلى سخرية بيرم من الذين يسافرون إلى المصايف بحجة الهرب من ارتفاع درجات الحرارة عندما يحل الشهر الفضيل ضمن شهور الموسم الصيفى، فيقول:
«فى العامْ دا رمضان يسلِّى وافى على بْلاجْ ستانلى.. واتْجَلى إبليس علينا بكل معْنى التجلّى.. يا بو العيون فى الحقيقة الأمر ما فيهْش ضِـيقـه.. القعْدة قعْده بريئهْ وانت اللى عمَّال تِفَلِّى .. ما لْها الخُصور النحيلة تِجـذِبها أرداف تِقيله.. وفْنونْ يا راجلْ جـميلهْ عليها بَشَوَات تِصَلِّـى.. نِعْطَشْ ونِرْوِى النَوَاظِـرْ ونْجوعْ ونِشْبَعْ مناظرْ.. والبحرْ مليَان يا شاطــرْ أشكال وأصناف تِحَلِّى.. جَنْبَكْ هِنَا صحْنْ قِشْطه وهناك تشوفْ وِرْكْ بَطَّه.. وشىء بمايوه تَغَطَّـىَ وشِى مايوهْ رُبْع مِللِّى.. اليوم يفـوت يا جماعْ فى ساعهْ أو رُبْع ساعة.. على الْعطاشَهْ الجـواعه يا ريتْنا صايمين تَملِّى».

اقرأ أيضا:«البامية الملوكي» تتسبب في نفي بيرم التونسي 

وفى القصيدة الثالثة يوجه بيرم التونسى انتقاداته للخطباء الذين يتعمدون إطالة الخطبة فى الشهر الفضيل بحديث مكرر، ويطلب منهم الاقتداء بخطب الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» فى البلاغة والقِصَر، فيقول:
«خُطَبْ النَّبِى سَجِّلُوها فى كُتُب خمسه.. وكل خُـطْبهْ سطورْها منْ دهـبْ خمسه.. محـندقه يحفظوها خمسه من خمسه.. مُشَوِّقَــهْ يشْـتِهِيها خمسه فى خمسه.. قَعَدْنا فى الشمسْ نِسْمَعْ والخطيبْ فى أمَانْ.. السَّقْفْ فُوقُهْ، يِكِنُّه مِنْ لَظَى النيرانْ.. خمسه يفهِّمْنا إن الشهرْ ده رمضان.. وخمسه، فَضْـل الصيام فى صِحِّـة الأَبْدان.. وخمسة يِوْصِفْ عِقابْ الفاطِر الخَزْيان.. وخـمسه فيهــا يعيدْ كُل اللِّــى قالهْ كمان.. وخمسه فيهــا يِحَذَّرْنا مِـن النسيان.. واللى فِهِـمْ خُطْبِتُه، واحدْ على خَمْسه !!».
رحم الله بيرم التونسى الذى كان يرصد كل شيء ويعبر عنه بلغة المصرى القح الفصيح.