الفاصلة القرآنية.. كانت سببًا فى إقبال الصحابة على الإسلام

القرآن الكريم
القرآن الكريم

اليوم نقف مع لون جديد من ألوان فصاحة القرآن، نكشف به عن سر من أسرار الفصاحة القرآنية التى كانت سببًا فى إقبال الصحابة على الإسلام بمجرد سماع بضع آيات منه. يقول الله تعالى فى سورة طه محذّرًا آدم وحواء من عداوة الشيطان: ﴿فقلنا يا آدمُ إنّ هذا عدوٌّ لكَ ولزوجِكَ فلا يُخرجنَّكما مِنَ الجنةِ فتَشقى﴾.

مما يلفت انتباه المتأمل فى هذه الآية أن التحذير موجَّه إلى آدم وحواء عليهما السلام بصيغة المثنى فى قوله: «يخرجنكما»، فلماذا عدل عن التثنية فى قوله: السؤال هنا: «فتشقى»، وكان الظاهر أن يقول: «فتشقيا»؟!

والجواب على هذا التساؤل من عدة أوجه: أحدها: أنه أراد بالشقاء هنا الشقاء فى طلب الرزق والمعاش والكدّ؛ لأن الرجل فى الإسلام هو المنوط به السعى على طلب الرزق لا المرأة، لقوله تعالى فى سورة النساء: ﴿الرجالُ قوّامُونَ على النساءِ بما فضَّلَ الله بعضَهم على بعضٍ وبما أنفقوا مِن أموالهم﴾، فمن تمام القوامة إذن أن ينفق الرجل على زوجته، بعكس ما هو حاصل من عمل المرأة بلا مسوِّغ، فعمل المرأة جائز ومطلوب بضوابطه.

وثانيها: أن الرجل هو قيِّم الأسرة، فشقاؤه شقاء لهم.

اقرأ أيضًا | فصاحة القرآن: التعبير بالماضي عن المستقبل

وثالثها، وهذا بيت القصيد من مقالتنا: أن القرآن أفرد الفعل «تشقى» مراعاةً للفاصلة القرآنية المختومة بالألف الممالة فى سورة طه: ﴿طه «١» ما أنزلنا عليكَ القرآنَ لتشقى «٢» إلا تذكرةً لمن يخشى «٣» تنزيلًا ممن خلقَ الأرضَ والسماواتِ العلى...﴾.

وهذا اللون من البلاغة القرآنية سُمى بعد باسم «الفاصلة القرآنية»، وهى آخر كلمة من كل آية، وهو ما يُسمّى بالسجع فى النثر، وبالقافية فى الشعر، وسُمّيت بالفاصلة لأنها تفصل بين آيتين، وقد جاءت الفاصلة القرآنية فى سورة طه التى منها الآية المذكورة بألف مقصورة لتناسب طبيعة السورة التى تقص علينا قصة سيدنا موسى مع الفرعون، وكان الهدف الأساس من هذه القصة على نبينا عليه الصلاة والسلام، هو تقوية قلبه ومواساته فيما يلقاه من قومه، وتشجيعًا له على حمل الرسالة.

د. محمد عاطف التراس

نقلًا عن جريدة الأخبار بتاريخ 07/04/2023