إتجار بالبشر.. خطف.. وتهريب مخدرات l خريطة العنف في الغرب الليبي

العنف فى الغرب الليبي
العنف فى الغرب الليبي

تقرير يكتبه: عمرو فاروق

 لا تزال الأجواء مشتعلة في الداخل الليبي، في ظل التعثر في حل الوضع المعقد سياسيًا، وفشل الأطراف المتصارعة في إقامة بنيان نظامي مسلح موحد قائم على العقيدة الوطنية، بديلاً للميليشيات المسلحة المتعددة الولاءات، وسيطرتها المطلقة على مدن الغرب الليبي تحديدًا.
غالبية القيادات الميليشوية، ينتسبون لدائرة الجماعات الأصولية المتشددة، أو لائتلاف الإتجار في البشر، والمواد المخدرة والأسلحة الخفيفة، وتهريب الوقود والنفط، والتربح من عمليات السطو المسلح، ويعملون في إطار «زعماء العصابات»، سعيًا لإدارة الشبكات الممتدة من المرتزقة والمأجورين.

يمتلئ الغرب الليبي بعشرات الميليشيات التي تضم آلاف المقاتلين والمسلحين، وهي تحولت إلى بديل عن الأجهزة الأمنية النظامية في ظل هيمنتها على مقدرات الدولة، وقيامها بأدوار رئيسية في إشعال الخلافات بين الجبهات المتصارعة على السلطة، وترتكز أخطرها وأهمها في مدن مثل طرابلس العاصمة، ومدينة الزاوية، ومدينة مصراته.
هيمنة الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي على أصول الدولة والمؤسسات الاقتصادية والتجارية، وتمويلها من مصرف ليبيا المركزي، جعلها تطمع في الثروة والسلطة معًا، فتم التخطيط لدمجها في منظومتي الداخلية والدفاع، في ظل تفاقم أزمة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتعايش مع واقع العنف والجريمة.

الاقتتال والتصادم المسلح بين ميليشيات الغرب الليبي، يمثل السمة الغالبة على أوضاع المشهد الداخلي، في ظل التدهور السياسي والاقتصادي والأمني، وتعثر الموقف لدى القوى السياسية في الشرق الليبي، الممثلة في برلمان طبرق، برئاسة عقيلة صالح، ورئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا، فضلًا عن الجيش الوطني الليبي برئاسة المشير خليفة حفتر.

تضم العاصمة طرابلس عددًا من الميليشيات الفاعلة في المشهد الداخلي، أمثال قوات «رحبة الدروع»، أو الكتيبة 33، ويقودها بشير خلف الله، الملقب بـ»البقرة»، وتتمركز في منطقة تاجوراء، وعرف عنها تورطها في عمليات غير قانونية منها الإتجار بالبشر، والاختطاف من أجل الحصول على فدية مالية، كما ترتبط بصلات وعلاقات وطيدة بمفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني، ومعظم منتسبيها ينتمون إلى جماعة «الإخوان»، كما تضم في طياتها معظم العناصر المتطرفة التي كانت موجودة سابقًا في مجموعات إرهابية شرق البلاد مثل «مجلس شورى ثوار بنغازي»، و»مجلس شورى مجاهدي درنة»، و»أنصار الشريعة»، و»كتائب شهداء بوسليم».
وتليها ميليشيا «قوات الردع» بقاعدة معيتيقة، ويزيد عدد مسلحيها على 5000 مقاتل، ويتزعمها عبد الرؤوف كاره، المحسوب على «التيارات السلفية»، وتسيطر على عدد من المنشآت الليبية الكبرى، مثل المصارف، ووزارة الخارجية والجزء العسكري من مطار معيتيقة، وتتمركز في القاعدة العسكرية لمطار «طرابلس»، بعد تدميره عام 2014.

وتُحكم «قوات الردع» قبضتها على سجن مطار طرابلس، المعروف بـ»غوانتانامو الليبي»، ويشرف عبد الرؤوف كاره، على عمليات التعذيب بنفسه ضد المحتجزين، وقد أشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إلى إنه «أكبر مراكز الاحتجاز في غرب ليبيا»، ويشتهر بممارسة التعذيب وغيره من الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان.
ويتولى الإشراف على إدارة السجن والعمليات التي تُجرى به، القيادي محمد الكيب، الملقب بـ»المحقق كونان»، أحد قيادات «الجماعة الليبية المقاتلة»، ويدير القسم النسائي، خالد الهيشري الملقب بـ»البوتي»، وأبرزت المفوضية تعرّض النساء للضرب والجلد والشد من الشعر والإهانات والتهديدات ذات الطابع الجنسي.

وترجع أهمية هذه الميليشيا إلى كونها تمثل المستقبل والموزع الرئيسي للأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية التي يتم إرسالها إلى الداخل الليبي، ووفقًا لمعلومات مسربة، فإن لقاء جمع «قوات الردع الخاصة»، بمسؤولين عسكريين من جنسية أجنبية، للسيطرة على العاصمة طرابلس، قبيل الاشتباكات الأخيرة إثر الاحتدام المسلح بين المجموعات التابعة لكل من فتحي باشاغا، وعبد الحميد الدبيبة.

تليها كذلك ميليشيات «قوات دعم الاستقرار» ويتزعمها عبد الغني الككلي، المعروف بـ»غنيوة»، وتتمركز في حي أبو سليم الشعبي، على أطراف مدينة طرابلس، وتعدّ القوة الضاربة لحكومة عبد الحميد الدبيبة.
الإعلان عن تأسيس «قوات دعم الاستقرار» تم في يناير 2021، في إطار محاولة دمج الميليشيات المسلحة في أجهزة الدولة، ومنحها إمكان تأسيس الفروع والمكاتب في المدن والمناطق، وتم تكليفها بتسع مهام رئيسية، تنحصر في حماية المقار الرسمية للدولة، وحماية المسؤولين، وتأمين الاحتفالات والمناسبات الرسمية والشعبية، إضافة إلى تنفيذ العمليات القتالية، ومكافحة الشغب، وفض الاشتباكات وعمليات القبض وملاحقة المطلوبين في القضايا التي تهدد الأمن القومي للدولة، وذلك في تعدٍ على اختصاصات وزارة الداخلية ومختلف أجهزتها الأمنية.

وتورطت «قوات دعم الاستقرار» في فبراير الماضي، في احتجاز 6 مصريين أقباط، داخل إحدى مقراتها في منطقة «الماية» غرب العاصمة الليبية طرابلس، وتم اتهامها من قبل منظمة العفو الدولية، في  مايو 2022، بارتكاب جرائم وانتهاكات مع الإفلات من العقاب، مبينة أن عبد الغني الككلي، تولى منصبه، على الرغم من تاريخه الحافل بجرائم مشمولة في القانون الدولي.

وأدت ميليشيا «قوات الأمن العام» دورًا في مشهد الصراع الداخلي، ويتزعمها عبدالله الطرابلسي، الملقب بـ»الفراولة»، شقيق عماد الطرابلسي وزير الداخلية الحالي في حكومة عبدالحميد الدبيبة، وتفرض سطوتها على المؤسسات التجارية غرب طرابلس.
ورغم اتهام عماد الطرابلسي، بالاتجار بالبشر وتهريب النفط، في تقارير «لجنة الخبراء» التابعة للأمم المتحدة، فإن قرار تعيينه وزيرًا للداخلية، جاء بمثابة «المكافأة» نظير وقوفه مع الدبيبة في صراعه الدائر حول السلطة.
وتتبعها ميليشيا «الكتيبة 55»، وتتمركز جنوب طرابلس، وصدر لها قرار من وزارة الدفاع التابعة لحكومة الدبيبة في  أكتوبر 2022، بتحويلها إلى كتيبة نظامية، ويتزعمها معمر الضاوي، أحد أهم الشخصيات الميليشيوية في الغرب الليبي، المرتبط بعلاقات قوية مع السفير الأمريكي.

وتليها ميليشيا «444»، التي تمثل إحدى أكبر الميليشيات في المنطقة الغربية، ويتزعمها محمود حمزة، وتتبع رئاسة الأركان، وتمارس مهامًا خارجية على المناطق الحدودية الصحراوية، وسبق اتهامها بالتورط في الأعمال الإجرامية.
وتعتبر ميليشيا «قوات حرس السواحل»، من أخطر التنظيمات المتورطة في عمليات الإتجار بالبشر، ويتزعمها أشرف عبد الرحمن ميلاد، المعروف بـ»البيدجا»، الذراع اليمنى لمحمد كشلاف، الشهير بـ»القصب»، أشهر مهربي الوقود والهجرة غير النظامية، والاتجار في المواد المخدرة، وصدر ضدهما عقوبات من مجلس الأمن، وفقًا لتقرير مجلس الأمن الدولي في يونيو 2018. وقد نشرت وسائل إعلام ليبية صورًا لـ»البيدجا»، خلال إشرافه على اختبارات الطلاب الجدد المتقدمين إلى «الأكاديمية البحرية» بمنطقة جنزور في العاصمة طرابلس، وذلك عقب تعيينه «قائدًا عسكريًا للأكاديمية البحرية».

 في حين تعتبر مدينة «الزاوية» مركزًا مهمًا لتكتلات الإسلام الحركي، لا سيما الميليشيات التابعة لتنظيم «القاعدة»، و»جماعة الإخوان»، وتقع في المدينة أكبر مصفاة نفطية في ليبيا، ويخرج منها خط «غرين أستريم»،المعني بنقل الغاز إلى إيطاليا.
وتمارس غالبية ميليشيات مدينة «الزاوية» جرائم الاتجار في البشر، والتهريب وتجارة المخدرات والسلاح، وينتمي إليها عدد من أشهر العناصر المسلحة، أمثال: شعبان هدية المعروف بـ»أبو عبيدة الزاوي»، الموالي لتنظيم «القاعدة»، وأحد مؤسسي «الجماعة الليبية المقاتلة» في الداخل الليبي، وكان أحد المتورطين في الهجوم على السفارة المصرية 2016.

وينحدر من مدينة الزاوية، رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، المعروف بولائه للجانب التركي، والذي يرتبط بعلاقة قوية مع محمد سالم بحرون المعروف بـ»الفار»، أحد المتورطين في تجنيد المهاجرين الأفارقة للانضمام إلى تنظيم «داعش»، وجماعة «بوكو حرام»، والمطلوب الرقم 6 في القضية الرقم 131 عام 2017.

كما تُعد ميليشيات مصراته أكبر قوة في مدن الغرب الليبي، ويقدّر تعدادها بأكثر من 17 ألف مقاتل، وتمتلك آلاف العربات المسلحة ومئات الدبابات وعشرات الطائرات العسكرية، إضافةً إلى مخازن للأسلحة، وتأتي على رأسها ميليشيات «الصمود» ويتزعمها صلاح بادي، أحد مؤسسي ميليشيات «فجر ليبيا» التابعة لجماعة «الإخوان»، والمدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي، والخزانة الأمريكية، بتهمة تقويض الاستقرار والأمن في ليبيا.
وتُعتبر ميليشيا «لواء المحجوب»، أحد التشكيلات التابعة لما يعرف بالمجلس العسكري لمصراته، وتضم ما يزيد على 1000 مقاتل، وتعد من نقاط الارتكاز الرئيسية لحكومة الدبيبة، في ظل اندماجها مع ميليشيا «الحرس الوطني» التي تضم عددًا من عناصر «الجماعة الإسلامية المقاتلة»، بقيادة عبد الحكيم بلحاج.
بينما يتزعم القيادي الميليشيوي محمد الحصان، «ميليشيا 166» للحراسات الخاصة التابعة لوزارة الدفاع، من داخل مدينة مصراته، والمناهض بقوة للمعسكر الشرقي الأمني والسياسي، وأحد المشاركين في الهجوم على الهلال النفطي.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 23/3/2023

أقرأ أيضأ : الخارجية: اهتمام تركي بإجراء الانتخابات في ليبيا واستعادة استقرارها