يحدث فى مصر الآن

العفو عن الغارمات والغارمين

يوسف القعيد
يوسف القعيد

القرار التاريخى الذى أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى بإنسانية نادرة فى خطابه التاريخى فى الاحتفال بعيد الأم أكد حرص الرئيس على المرأة وحفظ كرامتها وفتح آفاق لمزيد من التمكين لها. القرار منح الحرية لعدد من الغارمات والغارمين سُجِنوا بسبب تعثر فى سداد شيكات حرروها ووقعوها فى ظروف عصيبة. وأصبحوا يتحملون ما لا طاقة لأحد به. عندما أصبحوا وراء القضبان. الذين سعدوا بقرار الرئيس يمكن القول إنهم المصريون جميعاً. وليس الغارمين والغارمات.

وأتمنى وأحلُم أن تنتهى هذه الظاهرة من بر مصر نهائياً وإلى الأبد. إنها ليست المرة الأولى. فقد سبق أن اتخذ الرئيس قرارات بسداد ديون بعض الغارمين والغارمات. وصلت من قبل إلى حوالى 13 مليون جنيه مصرى. وذلك لفك كرب حوالى 1000 من هؤلاء الذين أوقعتهم ظروفهم فى مثل هذا الوضع الرهيب.

كل القوى السياسية فى مصر رحبت بالقرار الذى صدر قبل حلول شهر رمضان الكريم بكل ما يحمله من معانٍ إنسانية وقدرة نادرة على التكاتف والتراحم. وهكذا احتفل الغارمون والغارمات بشهر رمضان قبل أن يهل. وكان الإفراج عنهم استكمالاً لسياسة الدولة المصرية فى عهد الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسى الذى تعتمد سياساته على الانتصار للبسطاء والفقراء ومد مظلة الحماية الاجتماعية لكى تشمل كل المصريين جميعاً.

مهما كتبت لن أُعبِّر عن الغبطة والسعادة بقرار العفو وعن ترحيب المصريين به. فمن يفك أسر سجين أو سجينة قبل هذا الشهر الفضيل فهو يجعل لمجيئه دلالات إنسانية نادرة. ويرتبط فى العقل الجمعى بالحرية. القيمة العظيمة التى نحياها كل يوم ولا يُدرك معناها ولا يفرح بها إلا من حُرِمَ منها لفترة من الوقت. حتى لو كان الحرمان لساعة واحدة أو يوم.

من المؤكد أن الغارمات والغارمين ظاهرة مجتمعية تعكس مرضاً من الأمراض المنتشرة فى المجتمع، تتطلب منا تشخيصاً ينطلق من أرض الواقع. حتى لا نُفاجأ بها مرة أخرى. وقبل أن تنتقل إلى دورٍ أكبر بكثير من الراهن الآن.

المجتمع المصرى أقدم مجتمع فى التاريخ. وربما كان أول تجمع بشرى يعرف الترابط والتراحم والتآزر فى مواجهة الصعوبات. وكانت لفتة كريمة من الرئيس قبل حلول شهر رمضان، شهر العبادة والصوم والتقوى والتراحم أن يُفرِج عن هذا العدد. وهى ليست المرة الأولى. وإن كنت أتمنى وأحلُم أن تكون الأخيرة. وأن نُلوِّح بمناديل الوداع لهذه الظاهرة ونتأكد أنها لن تتكرر. خصوصاً أن فى مصر جمعيات أهلية كثيرة يُمكنها أن تُساهم فى مد يد العون لكل الغارمين والغارمات قبل أن يقعوا فى ظروف صعبة ويتطلبوا عفواً رئاسياً.

إننى أحلم بمجتمع مصرى لا يوجد فيه غارم واحد ولا غارمة واحدة. وأن نُدرك أن الاكتفاء بما عندنا وعدم التطلع لما بأيدى غيرنا فضيلة إنسانية نادرة على كل مصرى ومصرية أن يتحلى بها. وإن كان ذلك يتطلب قدراً من الوعى والإدراك عند الجميع.