عاجل

يوسف وهبي يضع قواعد ومواصفات مسرح «فرقة رمسيس»

فرقة رمسيس المسرحية
فرقة رمسيس المسرحية

يمر، اليوم الجمعة 10 مارس 2023، 100 عام على ميلاد فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها الفنان الكبير يوسف وهبي، حيث انطلق العرض المسرحي الأول للفرقة، في 10 مارس 1923، وكان بعنوان "المجنون"، على مسرح راديو بشارع عماد الدين "حاليا مسرح نجيب الريحاني".

كانت فرقة رمسيس، على رأس الفرق المسرحية التي أثرت المسرح المصري في بدايات القرن العشرين، حيث قدمت الفرقة روائع المسرحيات العالمية، بالإضافة لمسرحيات محلية كتبها فنانو الفرقة، وقدمت الفرقة أعمالها باللغة العربية وبلغات أخرى مثل الفرنسية، كما اكتشفت العديد من الفنانين ومنهم فاطمة رشدي، وستيفان روستي، وأنور وجدي، وروزاليوسف، وذكي رستم وزينب صدقي.. وغيرهم"، واستمرت أضواء مسرح فرقة رمسيس لعشرات السنوات، من 1923 حتى 1961، وهي أطول مدة زمنية لفرقة مسرحية.

 

حكاية فرقة "رمسيس" تبدأ أوائل عام 1922

عاد الفنان يوسف وهبي من إيطاليا إلى مصر، بعد دراسة هندسة الكهرباء، على مدار 3 سنوات، وخلال تلك الفترة التحق بـ"كونسيرفتواريو دراماتيكو ميلا نيزي" بميلانو، ليدعم هوايته المسرحية، وعمل بالمسرح والسينما الإيطالية، واتخذ لنفسه هناك اسم "رمسيس"، ومن هنا جاءت فكرة اختيار اسم الفرقة "رمسيس"، وفي ذلك الوقت ورث 10 آلاف جنيه بعد وفاة والده عبد الله باشا وهبي، وأول شئ فكر فيه هو استخدام هذا الميراث الكبير في تحقيق حلمه منذ الصغر، حيث راوده حلم تاسيس فرقة مسرحية، منذ أن شاهد عرض لفرقة "سليم قرداحي" في بلده سوهاج، وقرر بالميراث أن يؤسس فرقة مسرحية تقدم فن التراجيديا، حيث يؤمن بوظيفة المسرح الاجتماعية والجمالية، خاصة أن كل الفرق المسرحية وقتها كانت ذات الطابع الكوميدي، مثل فرق "نجيب الريحاني وعلي الكسار"، "جورج أبيض"، "منيرة المهدية"، "سلامة حجازي"، "أولاد عكاشة" و"عبدالرحمن رشدي".. وغيرها، وبدأ "وهبي" في البحث عن أستاذه ومكتشفه "عزيز عيد"، ووجده يسير في شارع عماد الدين بالقاهرة رث الثياب بائس الحال بعد أن خسر أمواله وفرقته المسرحية، فقرر يوسف وهبي أن يسافر مرة أخرى إلى إيطاليا، ومعه عزيز عيد ليصنعا سويا تصورا جديدا للمسرح في مصر مختلفا عن ما هو موجود، وفي أحد مقاهي ميلانو، قابلا الشاعر أحمد شوقي، الذي ناقش معهما حال المسرح والثقافة في مصر، وأقنع "وهبى" بضرورة العودة إلى القاهرة وإنشاء فرقة مسرحية جادة تجمع كل نجوم الدراما الجادين الذين لا يعملون، وتعمل على نشر الفن التمثيلي والمسرح الراقي بين الناس.

اقرأ أيضا

كيف وصل يوسف وهبي بفرقة رمسيس المسرحية للعالمية؟

 

وأخذ يوسف وهبي على عاتقه بعد عودته، البحث عن أعضاء للفرقة، وعن مقر للفرقة ومسرحا، وبدأت الرحلة بمعاونة صديقه وأستاذه عزيز عيد الذي جعله مديرا فنيا ومخرجا رئيسيا بالفرقة، واختار الممثل ومعد المناظر المسرحية "أدمون تويما" مستشارا فنيا، وتعاقد مع عدد من الفنانين، منهم روز اليوسف وزينب صدقي وفاطمة رشدى وفردوس حسن وحسين رياض وأحمد علام، ومختار عثمان وحسن فايق واستفان روستي وفتوح نشاطى وعزيزة أمير وحسن البارودى وروحية خالد وأمينة رزق وسرينا إبراهيم.. وغيرهم، وانضم للفرقة فيما بعد تحديدا نهاية 1923 جورج ابيض وزوجته دولت ابيض ولكنهما انفصلا عن الفرقة بعد عام واحد فقط، أما بالنسبة لدار العرض قام باستئجار دار سينما "راديو" بشارع عماد الدين وحولها إلى مسرح ثم ألحق به فيما بعد حجرتين كبيرتين من العمارة بواسطة كوبري لتكونا صالة للتدخين، تكونت فرقة رمسيس المسرحية بشكل كامل، في شهر نوفمبر 1922، واتفقوا على أن يبقى أمر الفرقة سرا حتى يتم الإعلان عنها في الصحف والمجلات، ولكن في 21 يناير 1923 فوجئ المصريون بخبر الإعلان عن الفرقة في جريدة المقطم، وكان نصه: "تعلن جريدة المقطم عن قرب افتتاح أكبر مسرح مصري على الطراز الحديث بشارع عماد الدين مع استعداد لم يسبق له مثيل مع توفر رأس المال الكبير وسيمثل على هذا المسرح نخبة من الممثلين والممثلات"، وكان زكي طليمات هو من أفشى السر، وتم الإعلان رسمياً في أواخر شهر فبراير 1923 بكل الجرائد عن أن المسرح هو تياترو "رمسيس" والفرقة هي فرقة "رمسيس" لصاحبها "يوسف وهبي" نجل المرحوم "عبد الله باشا وهبي" الحائز على دبلوم الإلقاء من معهد ميلانو بإيطاليا.

اهتم يوسف وهبي بالدعاية لفرقة رمسيس المسرحية سواء في الصحف والمجلات والشوارع، وعرض صور للممثلين بالفانوس السحري في مدخل صالة المسرح، كما اهتم بالمسرح ذاته كمكان لابد وأن يكون نظيفا وأنيقا احتراما له ولمرتاديه، وضرورة المحافظة عليه كمسرح يتألق بالفن الراقي، لا منتزه تدخله المأكولات والمشروبات والمسليات، أو مقهى أو حانة يتبادل فيه المشاهد النكات مع ممثلي العرض، وطبق لأول مرة نظام "الأبونيه" السنوية لمشاهدة عروض الفرقة المسرحية فاقبل عليه الجمهور لدرجة أن "مقاصير الفوتيلات" كانت يطلق عليها اسم أصحابها، وأعدت بالمسرح قاعتين كبيرتين إحدهما للنساء والأخرى للرجال، وغطيت الصالة بالأبسطة السميكة، وحلت الفوتيهات المريحة محل المقاعد، ووضعت الثريات المشتراة من مزادات قصور روما بسقف المسرح ومقاصيره، وغطت الجدران بقماش الجبلان الأصيل والمرايا ذات البراويز المذهبة التي جاء بها من قصر البرنس "ديجاردا" في روتردام.

وضع يوسف وهبي، بعرض "المجنون"، أسس مسرح فرقة رمسيس، مسرحا مصريا يحاكي المسارح العالمية في أوروبا، وتفادى فيه أخطاء الفرق الأخرى، حيث رأى أن المسرح محراب مقدس لابد من توقيره، فقنن له بمعاونة عزيز عيد، قواعد عديدة منها احترام مواعيد فتح الستار والعناية بإطار العرض المسرحي وإضاءته ومناظره وحسن اختيار الديكورات والإكسسوارات، التي كان يعمل مع طاقم إنتاجه على اختيارها بدقة من كتالوجات المسرحيات الغربية والسعى لإحضارها من أوربا، مع استخدام فرقة موسيقية لعزف القطع الموسيقية المناسبة لكل عرض قبل رفع الستار عنه، لتهيئة المشاهد نفسيا إلى عالم المسرحية، فضلا عن اهتمامه الصارم بالبروفات ومواعيدها، والإيمان الكامل بالنص الدرامي وتقديس حوار الكاتب، وتنفيذ دقيق لتعاليم المخرج، وكل الأمور التي تجعل المسرح المصري يرقى لأن يكون على مستوى المسرح العالم.


وأصبحت فرقة رمسيس، تقدم عرضا جديدا كل أسبوع، منها ماهو مترجم عن نصوص أوربية "فرنسية وإيطالية"، خاصة عن أعمال لـ"موليير وادمون روستا وبرنشتين وساباتينى وباركر وشكسبير وابسن وغيرها، إلى جانب الاهتمام بالمؤلف المصري والعربي مثل: انطون يزبك صاحب رواية "الذبائح"، وأمين صدقي الذي كتب "القرية الحمراء" تحت إشراف عزيز عيد، وداود عوني مؤلف "الجحيم"، ومحمود كامل الذي كتب نصي "الوحوش" و"المنتقم".

اقرأ أيضا

فرقة رمسيس حملت شعلة المسرح المصري.. وانطلقت بـ«المجنون» منذ 100 عام