كنوز| النهاية المأساوية لأول «سندريلا» فى المسرح والسينما

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 مرت علينا الذكرى 24 لرحيل الجميلة عقيلة راتب، التى حصلت على لقب أول «سندريلا» عرفتها خشبات المسارح وشاشات السينما فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى قبل أن تحصل عليه ليلى مراد وسعاد حسنى.

 غادرتنا فى هذا التاريخ من عام 1999 بعد أن انتهت حياتها بمأساة تدمع لها العيون، وسوف تأتينا الذكرى 107 لميلادها فى 23 من شهر مارس الجارى لأنها من مواليد 1916 ونتمنى أن تلقى ذكرى ميلادها الاحتفاء اللائق بها من قناة «الوثائقية» الجديدة، وقناة «ماسبيرو زمان» وقنوات المنوعات التى ستجد مادة فيلمية ثرية جدا تقدمها عن القديرة عقيلة راتب صاحبة التاريخ، ويرجع إليها الفضل فى اكتشاف عماد حمدى الذى كان يعمل موظفا باستديو مصر، ورشحته ليشاركها فيلم «السوق السوداء»، وشق بعدها طريقه نحو النجومية، واختارت أنور وجدى ليشاركها بطولة فيلم «قضية اليوم»، برغم اعتراض المخرج كمال سليم عليه وتنبأت له بأنه سوف يكون علامة فى تاريخ السينما، وذات يوم أخبرها الشاعر الغنائى مصطفى السيد أن هناك مطربا جاء من طنطا اسمه محمد الحلو يتمنى أن يلتقى بها لتسانده وتدفع به فى السينما، وبعد أن استمعت إليه رشحته لدور فى فيلم «سيف الجلاد» الذى كانت تقوم ببطولته أمام يوسف وهبى، ودفعت بآخرين كانت تتلمس فيهم الموهبة والحضور الفنى، ولم تكن تبخل بالمساعدة لمن يطلبها. 

التقيت بالقديرة عقيلة راتب لأول مرة فى غرفة الفنان عبد المنعم مدبولى عندما كانت تشاركه بطولة مسرحية «مولود فى الوقت الضائع» عام 1977، روت لى الكثير والكثير من مشوار حياتها، وقال لى عبد المنعم مدبولى إن الوسط الفنى كان يطلق عليها لقب «معونة الشتاء» لأنها كانت تخصص جزءاً من إيرادات عملها فى المسرح والسينما لعدد من الفنانين والفنانات الذين قل عملهم وزادت مصاريفهم على العلاج، كانت تفعل ذلك فى الخفاء، وتعلم من يستحق المعونة وتمنعه عزة النفس من طلبها، وروى لى عبد المنعم مدبولى الكثير من الحكايات عن زواجها ببلبل مصر الصداح حامد مرسى الذى فضلته على الباشا الذى ينتمى للعائلة المالكة الذى كان متيما بها وطلبها من الفنان على الكسار الذى كانت تعمل فى فرقته وقتها، لكن قلبها اختار حامد مرسى الذى عاشت معه 26 عاما أنجبت خلالها منه ابنتها الوحيدة أميمة وكانت الزوجة العاشرة فى حياته، وقالت لى: إنها عانت كثيرا من مطاردة العاشقات له ومطارداته التى لا تنقطع للمعجبات، ورفضت عقيلة راتب أن تتزوج بعد طلاقها منه رغم أنها كانت فى الأربعينيات من عمرها وتتمتع بجمال صارخ، وظلت على صداقة به وأخذت تحرضه على الزواج بمن تعينه فى حياته، وقال لى عبد المنعم مدبولى إن عقيلة راتب «بنت أصول» ووالدها كان دبلوماسيا بوزارة الخارجية، وقاطعها عندما أصرت على العمل بالمسرح، فأخذت اسم الشهرة «عقيلة» من اسم زميلة دراسة، وأضافت إليه اسم شقيقها الراحل «راتب»، واسمها الحقيقى هو كاملة محمد كامل، وعندما حضر الملك فاروق أوبريت «بيوت الناس» بالأوبرا الملكية وكرمها بعد العرض بكت لأنها كانت تتمنى أن يكون والدها الذى قاطعها موجودا ليشهد هذه اللحظة، وكرمها الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد العلم، وكرمها الرئيس السادات فى عيد الفن، وكرمها الرئيس مبارك عام 1998 قبل رحيلها بعام واحد. 

عشر سنوات قضتها عقيلة راتب فى الظلام بعدما صرحت أثناء تصوير فيلم «المنحوس» قائلة: «أنا مش شايفة»، كانت لحظات عصيبة عليها وعلى طاقم عمل الفيلم، والأطباء أكدوا أنه لا أمل فى أن ترى مرة أخرى ولا علاج لحالتها، عاشت 10 سنوات فى الظلام مع ابنتها الوحيدة فى كامل صحتها، المشكلة أنها لا ترى ولن ترى.. وهكذا كتب القدر النهاية الأليمة للعظيمة التى تركت خلفها ما يقرب من 300 فيلم وعددٍ غير معروفٍ من المسرحيات والأعمال التليفزيونية والإذاعية.. رحم الله عقيلة راتب المنسية ضمن تكريمات مهرجانات السينما !