مجلس الأمن يبحث الوضع في سوريا بعد 3 أسابيع من الزلزال المدمر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة بحث خلالها آخر التطورات السياسية والإنسانية في سوريا، مسؤولا الأمم المتحدة اللذان تحدثا في الجلسة ناديا بعدم تسييس المساعدة وبتعزيز الدعم الإنساني للوفاء بالاحتياجات المتزايدة.

 

قال جير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا إن الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا مؤخرا تسببت في معاناة تفوق الوصف بالنسبة لملايين الأشخاص، مشيرا إلى أن السوريين الذي تأثروا في كلا البلدين كانوا بالفعل يقبعون في براثن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في هذا القرن.

 

وقدم بيدرسون إحاطة لمجلس الأمن اليوم الثلاثاء شدد فيها على أن الأولوية العاجلة هي الاستجابة الإنسانية الطارئة للسوريين المتأثرين بالزلزال أينما كانوا، مشيرا إلى أن العاملين في المجال الإنساني يعملون على مدار الساعة لتوسيع نطاق الاستجابة.

 

وحث المبعوث الأممي كافة الأطراف على نزع الطابع السياسي عن الاستجابة الإنسانية دعما للواجب الإنساني.

 

وتابع: "هذا يعني إتاحة الوصول، فهذا ليس الوقت المناسب لممارسة السياسة فيما يتعلق بالمعابر عبر الحدود أو عبر الخطوط الأمامية للصراع. وهذا يعني الموارد: فهذا هو الوقت المناسب كي يتبرع الجميع بسرعة وبسخاء لسوريا وإزالة جميع العوائق التي تحول دون وصول الإغاثة إلى السوريين في جميع المناطق المتضررة. وهذا يعني الهدوء: فهذا ليس وقت العمل العسكري أو العنف".

 

وقال إنه حمل هذه الرسالة إلى جميع الأطراف في جنيف وبيروت ودمشق وإسطنبول وموسكو.

 

السوريون محبطون

وقال المبعوث الأممي إن السوريين في الشمال الغربي- ولا سيما في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة- أعربوا عن إحباطهم الشديد إزاء عدم قدرة المجتمع الدولي على تقديم المساعدة العاجلة لهم في الأيام التي أعقبت الزلازل – "وهو أمر سمعته من الكثيرين في المجتمع المدني ومن قيادة المجلس الوطني السوري في إسطنبول".

 

وأشار إلى أن الزلازل ضربت السوريين بينما كانت احتياجاتهم في أعلى مستوياتها، وبينما كانوا يعانون من ندرة في الخدمات وبينما كان اقتصادهم في أدنى مستوياته، وفي وقت تضررت بنيتهم التحتية بشدة.

 

وأضاف أن هذه الزلازل أصابت العديد من المناطق التي يعيش فيها اللاجئون والمشردون داخليا، وفي المناطق التي تعرضت لأضرار جسيمة بسبب الحرب أو لا تزال ترزح تحت ظروف النزاع حادة.

 

الزلازل تكشف حقيقة إيجابية

وقال بيدرسون إن الزلازل تكشف عن حقيقة أخرى أيضا، مشيرا إلى أنه على الرغم من التحديات والإخفاقات في الأيام الأولى، فإن الخطوات المتخذة للاستجابة للزلازل -وعلى الرغم من أنها مؤقتة- إلا أنها كانت مهمة وأرسلت رسالة واضحة مفادها أنه من الممكن القيام بخطوات إيجابية، وأن التعاون ممكن في سوريا:

 

أولا، لقد رأينا حسن نية ملحوظا بين العديد من السوريين أنفسهم، من حيث الأقوال والأفعال، للتنظيم وإرسال الإغاثة إلى مواطنيهم عبر الخطوط الأمامية بغض النظر عن التحديات والمصاعب التي يواجهونها أيضا.

 

ثانيا، أرحب بإدخال الإعفاءات المتعلقة بالزلازل مؤخرا في العديد من أنظمة العقوبات أحادية الجانب - بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وجهودهم لضمان عدم تعارض عقوباتهم مع الاستجابة، لا سيما بسبب الامتثال المفرط.

 

ثالثا، أرحب بقرار الحكومة السورية فتح معبري باب السلام والراعي من تركيا إلى شمال غرب سوريا.

 

رابعا، الهدوء النسبي في العنف الذي شهدناه بعد الزلزال يمكن أن يسهل عمليات الإغاثة - ويثبت أنه يمكن تحقيق الهدوء والحفاظ عليه بالإرادة السياسية.

 

ووجه المبعوث الأممي رسالة لجميع الأطراف دعا فيها إلى الاستجابة بسخاء والعمل معا لدعم الاستجابة لحالات الطوارئ الناجمة عن الزلزال واختتم إحاطته بالقول: "نحن مدينون لكافة السوريين الذين يعيشون كابوسا مركبا وهم يتوقون إلى بصيص أمل".

 

حجم الكارثة يتضح

ودعا مارتن غريفيثس منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إلى زيادة الدعم الدولي لسوريا لتلبية الاحتياجات المتزايدة، بعد أن أضاف الزلزال فيها كارثة تُضاف إلى الأزمة التي كانت تمر بها بالفعل بعد 12 عاما من الصراع المسلح.

 

وقال جريفيث أمام مجلس الأمن الدولي: "بعد ثلاثة أسابيع من الزلازل المدمرة التي ضربت سوريا وتركيا، اتضح نطاق الكارثة بشكل أكبر. لقي 50 ألف شخص مصرعهم، من بينهم 6000 تقريبا في سوريا غالبيتهم في شمال غرب البلاد، وأُصيب الكثيرون وفقد أثر عشرات الآلاف، وشُرد مئات الآلاف".

 

وقبل كارثة الزلازل، كان 15.3 مليون شخص أي 70% من عدد سكان سوريا، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية. وفي ظل ظروف الشتاء القاسية، دمر الزلزال أحياء بأكملها وجعلها غير صالحة للعيش كما رأى غريفيثس بنفسه خلال زيارته لسوريا في وقت سابق من فبراير.

 

وفيما فتح الكثيرون من السوريين منازلهم للآخرين، أصبحت أماكن الإيواء الجماعية أكثر اكتظاظا من أي وقت سبق. ووفق التقديرات الأولية يحتاج 5 ملايين سوري إلى المأوى والمساعدات غير الغذائية.

 

وفي كثير من المناطق، كما قال جريفيث، تكتظ الخيام بأربع أو خمس أسر بدون توفر المرافق اللازمة لكبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة أو ذوي الإعاقة.

 

وتزداد مخاطر انتشار الأمراض، مع تفشي الكوليرا قبل كارثة الزلزال. ويُضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الطعام والمواد الأساسية.

 

وقال جريفيث، أمام مجلس الأمن الدولي، إن النساء والأطفال يواجهون بشكل متزايد التحرش والعنف وخطر الاستغلال مع تزايد الحاجة إلى الدعم النفسي-الاجتماعي. وأضاف أن مزيدا من الناس بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، في ظل تزايد التوترات المجتمعية.

 

جهود سورية بطولية

عمليات البحث والإنقاذ تنتهي، وفقا لوكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية الذي تحدث عن الجهود البطولية لمساعدة الضحايا تحت الأنقاض. وقال إن أعظم البطولات، رغم وجود الجهود الدولية، كانت إنقاذ السوريين للسوريين.

 

وعلى صعيد المساعدات، فمنذ التاسع من فبراير أرسلت الأمم المتحدة أكثر من 423 شاحنة إلى شمال غرب سوريا، تحمل غذاء ومواد للمأوى والنظافة ومعدات طبية وإمدادات حيوية لما لا يقل عن مليون امرأة ورجل وطفل.

 

 وأكد جريفيث أن الكثير من الإمدادات الأخرى ستتوجه إلى المنطقة خلال الأسابيع المقبلة.

 

ورحب جريفيث بموافقة الحكومة السورية على فتح معبري باب السلام والراعي أمام مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية لشمال غرب سوريا. وقال إن المعبرين سمحا للأمم المتحدة وشركائها، خلال الأسبوعين الماضيين، بالوصول السريع وبكفاءة إلى المحتاجين بأنحاء شمال غرب سوريا.

 

كما سيسر معبرا باب السلام والراعي، توسيع نطاق عمليات الإغاثة الجارية عبر معبر باب الهوى الذي سمح مجلس الأمن باستخدامه لتوصيل المساعدات.

 

ويقوم موظفو الأمم المتحدة بمُهمات شبه يومية بشمال غرب سوريا لتقييم الفجوات، ودعم الشركاء المحليين، ومتابعة تنفيذ البرامج، والتواصل مع السلطات المحلية.