شىء من الأمل

الضمير والاقتصاد!

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

الاقتصاد له قوانينه وسياساته ونظمه وآلياته، وكلها تستند إلى العلم، لكن البعض منا ينظر إلى الاقتصاد بمنظور أخلاقى.. عندما تحدث مغالاة فى الأسعار يرجعها إلى جشع التجار وانعدام الضمير بينهم..

وهذا شاع مؤخرا فى تفسير ظواهر اقتصادية مثل  حركة الأسعار فى اتجاه واحد عندنا هو الصعود  فقط وعدم الهبوط حتى فى ظل تزايد المعروض من السلع عن الطلب كما هو الحال فى مجال العقارات، ومثل استمرار ارتفاع أسعار سلع فى أسواقنا رغم انخفاضها فى الأسواق العالمية كما هو الحال بالنسبة  لأسعار القمح والدقيق وعدد من السلع الغذائية ومنها علف الدواجن.

وايضاً مثل ارتفاع أسعار سلع نحقق فى إنتاجها الاكتفاء الذاتى ولا نحتاج لها لمستلزمات إنتاج مستوردة من الخارج، كما هو الحال بالنسبة للأرز  

كل ذلك يفسره البعض بالجشع وانعدام الضمير.. والتسليم بذلك يعنى أننا نحتاج لتغيير منظومة القيم فى المجتمع حتى نتمكن من إصلاح الأحوال الاقتصادية وتجاوز أزمات الاقتصاد بصفة عامة والتخلص من الغلاء والسيطرة على التضخم  بصفة خاصة!..

وإذا كان إصلاح منظومة القيم مفيدا بالقطع لأى مجتمع ويحتاجه بالطبع مجتمعنا حتى تسوده القيم الإيجابية، قيم الحق والخير والجمال والمساواة والعدل والتسامح ، إلا أننا نستطيع أن نصلح أحوال اقتصادنا ومحاربة الجشع فى الأسواق بإجراءات اقتصادية وليست أخلاقية.. أى أننا نقدر على مواجهة الغلاء والتضخم اقتصاديا وليس أخلاقيا.

فالجشع وانعدام الضمير الذى يفسر به البعض حدة الغلاء الذى نتعرض له يراه أهل الاقتصاد أنه مرض يصيب اقتصاديات السوق الحر ويسمى الاحتكار وانعدام أو تناقص التنافسية الذى يعطل عمل آليات العرض والطلب ويجعل المحتكرين، سواء من  كبار المنتجين أوالمستوردين أو التجار يغالون فى هوامش الربح ويتحكمون فى الأسعار، كما يشاءون حتى مع زيادة المعروض من السلع..

والعلاج الاقتصادى من هذا المرض الاقتصادى ليس قانونيا فقط ومعاقبة من يتورطون فى ممارسات احتكارية، وإنما يتم بتوسيع قاعدة المنافسة فى الأسواق وزيادة إعداد المنتجين والمستوردين والتجار، صغارا وكبارا.. وهذا يتم بإجراءات وسياسات اقتصادية وليس بالإرشاد الاخلاقى.