«الفيوم».. رحلة عبر التاريخ إلى أرض السحر والجمال | صور

محمية وادى الريان
محمية وادى الريان

طبيعة الأرض المميزة بأشكالها المتنوعة من الرمال الناعمة المتحركة والثابتة التى تأخذ اللون الذهبى، والصخور المتنوعة والنتوءات وقروش الملك المتناثرة فى كل مكان والتى تشبه العملات المعدنية، أنها الطبيعة الخلابة تتجلى فى أبهى صورها.

اقرأ أيضا | حكاية قرية «فاو»التاريخية في قنا

رحلة قد تستغرق منك ٣ ساعات من القاهرة إلى الفيوم ولكنك ترى فيها متعة تتمنى ألا تنتهى حينما تشاهد سحر الطبيعة وجمالها فى كل جانب من جوانبها، فقط تتذكر أنك فى منطقة عالمية تقع على أرض الفيوم المصرية، أنها محمية وادى الريان، حين تفكر فى أن تذهب فى رحلة بعيدًا عن ضوضاء المدينة، وبعيدًا عن زحام المناطق السياحية المعروفة.

لن يخطر فى بالك أن المتعة بعينها تجدها على أرض محمية وادى الريان فكما يلقبها أهل الفيوم جنة الله على الأرض، تلك البقعة الساحرة التى تجذبك إليها وترى فيها عبق التاريخ يناديك فهنا غرود صموئيل وهنا البحيرة المسحورة وهناك جبل المدورة ومنطقة الشلالات والعيون الكبريتية والحيوانات النادرة والتزحلق على الرمال، بالإضافة إلى الهواء النقى بعيدًا عن أى مصادر تلوث، كل هذا لن تراه إلا هناك على أرض المحمية؛ رحلة مشوقة تكشف لنا عن كنز من كنوز الطبيعة.

عند قدومك من القاهرة على طريق مصر الفيوم الصحراوى، وصولا إلى لافتة على يمينك تحمل اسم «هنا بحيرة قارون ووادى الريان» تسلك طريقا أسفلتيا يطلق عليه الطريق السياحى تستغرق رحلتك منذ أن ترى عيناك اللافتة نحو ساعتين ترى خلالهما مشاهد متعددة بداية من المنتجعات السياحية والكافيهات على الجانبين حول البحيرة، وصولا إلى قرية شكشوك التى تشتهر بتقديم أشهى وجبات الأسماك.

ومن هنا تبدأ رحلتك لمحمية وادى الريان تقطع حوالى 90 كيلو مترا من هذه القرية وصولا إلى المحمية، يقابلك على جانبى الطريق بعض المزارع السمكية، والمساحات الخضراء الشاسعة، وصولا لبعض القرى حتى مدخل مدينة يوسف الصديق، تشاهد عيناك السحر والروعة والجمال يتجلى فى النظر إلى المياه الصافية والخضرا الكثيفة المنتشرة فى قرية تونس السياحية التى يسكنها المشاهير والأجانب، وهنا فأنت أصبحت قريبا من مبتغاك فها أنت قد قطعت نصف المسافة لتصل إلى محمية وادى الريان اصبحت على وشك الوصول ولكن حاول أن تحترس من بعض المطبات الصناعية المتواجدة أمامك واحترس أيضًا من ضيق الطريق.

هنا انتهت معالم العمران لا وجود لمنشآت، فآخر ما تراه عيناك من صنع البشر موقع بوابة تحصيل الرسوم لدخول المحمية ولن تصدق أن ثمن التذكرة للمصريين ١٠ جنيهات فقط، و ٥ دولارات للأجانب، يستوقفك الحارس يطلب عددا من معك فى السيارة يعطيك التذاكر ويشترط عليك عدم الدخول فى محمية وادى الحيتان فلها تذكرة منفصلة.

عقب تركك للبوابة تبدأ رحلتك تقطع مسافة قدرها 16 كيلو مترا فقط لترى المحمية التى تقع فى الجزء الجنوبى الغربى لمحافظة الفيوم وتتكون من البحيرة العليا والسفلى ومنطقة الشلالات التى تصل بين البحيرتين ومنطقة عيون الريان جنوب البحيرة السفلى ومنطقة جبل الريان وهى المنطقة المحيطة بالعيون ومنطقة جبل المدورة التى تقع بالقرب من البحيرة السفلى، ويتميز الوادى ببيئته الصحراوية المتكاملة بما فيها من كثبان رملية وعيون طبيعية وحياة نباتية مختلفة وحيوانات متنوعة وكذلك الحفريات البحرية، ويوجد بالمحمية 15 نوعًا من الحيوانات البرية أهمها الغزال الأبيض والغزال المصرى وثعلب الفنك وثعلب الرمل والذئب وبعض أنواع الصقور.

تبدأ رحلتك عقب انتهاء إجراءات تحصيل الرسوم مباشرة لتشاهد العديد من المدقات على جانبى الطريق الأسفلتى، تشاهد المدق الأول ويسميه العربان منطقة المحافظة، أما المدق الثانى يسميه العرب منطقة البقرات وتشاهده على يسار الطريق وهى منطقة سياحية غير مستغلة تمامًا وسميت بهذا الاسم لوقوع عدد من الصخرات داخل المياه هناك على شكل بقرة فسماها الأهالى بهذا الاسم، والمدق الثالث طريق المزارع السمكية، والمدق الرابع منطقة الشلالات وهى منطقة الزوار الرئيسية وفور دخولك لهذا المدق يقابلك طريق رملى تسير فيه مسافة 2 كيلو متر حتى تصل إلى الشلالات وهى 5 شلالات يتوقف قلبك عند مشاهدتهم فعلى الرغم من انخفاض منسوب المياه الداخلة إليهم إلا أن سحر الطبيعة يتجلى فيهم، ويقع بها البحيرة السفلى ومساحتها حوالى 100 كيلو متر وهى البحيرة الكبيرة ونسبة الملوحة بها مرتفعة عن البحيرات العليا وتبلغ حوالى 2.5 جرام فى اللتر نتيجة عملية البخر وأقصى عمق لها 34 مترا ومنسوب سطح المياه 25 مترا تحت منسوب سطح البحر وتعتبر بحيرات الريان طبيعية نظيفة هادئة وجميلة وخالية من التلوث.

ويطلق أهالى الفيوم على الشلال الكبير اسم فاروق وتتعدد الروايات هناك حول الاسم فمنهم من يؤكد أن هذا الشلال كان المكان المفضل للملك فاروق للاستجمام وصيد البط، ومنهم من يؤكد أنه أطلق على شخص يسمى فاروق كان دائم التواجد هناك للصيد وقول آخر يؤكد أن شخصا يدعى فاروق غرق وسمى الشلال باسمه وكلها أقاويل ممتعة تسمعها وأنت فى حيرة حينما تدقق نظرك للشلال ، تنظر وتشاهد وبعدها تفكر فى الجلوس للراحة لمعاودة الرحلة ويقع بصرك على الكافيتريات جميعها تقدم المشاريب الساخنة والساقعة والمأكولات بأسعار فى متناول الجميع، وفور احتسائك كوبا من الشاى تبدأ فى التفكير فى أصل التسمية لمحمية وادى الريان والتى ذكرت العديد من الأقاويل والقصص حولها ولكن لندخل فى الأصل الذى اتفق عليه الجميع.

سمى وادى الريان بهذا الاسم نسبة إلى ملك يدعى الريان بن الوليد الذى عاش فى المنطقة مع جيشه فترة يسقى ماء من العيون الطبيعية بالمنطقة واتفق البدو على هذه التسمية التى وجد أن لها أصول مصرية قديمة كما وجد فى بردية العالم «جولنشيف» والذى أكد هذه المعلومة العالم «جيكيه» ويرى الباحثين أن المنطقة كانت مسكونة فى القرنين الأول والثانى وأن جزءًا من الأرض كان مزروعًا ويتكون اسم وادى الريان من مقطعين لا يطابقان الواقع الحقيقى لأنه منخفض مغلق من جميع الجهات لا يعتبر واديًا ولأن كلمة الريان تعنى المشبع بالماء بينما هو قفر لا مياه فيه فلهذا يعتقد أن التسمية جاءت على سبيل الضد كما قال الدكتور جمال حمدان فى كتابه شخصية مصر.

وفور أن تنتقل إلى موقع آخر فى المحمية فأن أول ما يقابلك بعد الشلالات وعلى مساحة 6 كيلو مترات شمال المحمية يقع جبل المدورة تكوينه العجيب، فحينما تريد أن تذهب أنت وأسرتك إلى رحلة، فمن فضلك لا تتجاهل الصعود إلى «جبل المدورة» حتى ترى ما لا يمكن أن تراه فى أى مكان فى العالم إلا فى هذه المنطقة، فإن من أجمل ما يستقبلك ويمكنك أن تشاهده ويجذب نظرك بل يخطفه «جبل المدورة» والذى يتسم بتكوينات صخرية جميلة وعلى شكل دائرى ويمكنك أن تصعد إلى قمته لتشاهد مناظر طبيعية خلابة تخطف الأنفاس تتسم بها الفيوم من بينها مشاهدة البحيرة السفلى من أعلى سطح الجبل عبارة عن هضبة عالية على شكل دائرة يقابلها بالطرف الآخر ثلاثة هضاب قريبة الشبه بالأهرامات وينساب الماء بينها على شكل لسان من البحيرة ويجد أسفل الجبل شاطئ بطول نحو 500 متر ويمتاز بأنه مظلل بظل الجبل وهو من المناظر الطبيعية البديعة للغاية فى البحيرة، وهذه المنطقة تقع بالقرب من البحيرة السفلى وهى فى غاية الجمال ويوجد بها جبل بين النهدين ويصلح لتصوير أجمل أفلام السينما العالمية.

حينما تشاهد الرمال والكثبان الرملية فأنت قد تتوقف لبرهة بعدما يخطفك بصرك للنظر إلى الأرض لتشاهد كنز من العملات المعدنية المبعثرة على الرمال وتأخذك اللهفة للحصول على هذه العملات وفجأة تكتشف أنها قطع صخرية تشبه العملات القديمة أطلق عليها العرب وسكان المنطقة قروش الملك للشبه الكبير بينها وبين العملات وهى تنتشر بكثرة فى منطقة الشلالات وجبل المدورة.