خبراء: المنظومة المالية للدولة تساهم فى ضم الاقتصاد غير الرسمي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت أسماء ياسر

تسعى الدولة إلى ميكنة الاقتصاد من خلال العمل المتواصل على توطين التكنولوجيا العالمية الأكثر تطورًا، بهدف تعزيز حوكمة دائرة النشاط الاقتصادي ورقمنة الخدمات.

وأكد الدكتور محمد معيط وزير المالية استمرار الوزارة فى تنفيذ التكليفات الرئاسية بتعظيم جهود حوكمة المنظومة المالية للدولة؛ لرفع كفاءة الإنفاق العام، وضمان الاستغلال الأمثل لموارد الدولة، على نحو يُساعد فى إرساء دعائم الانضباط المالي.

أوضح د. معيط أن تطبيق الأنظمة الرقمية الضريبية والجمركية يُمكن من تحقيق التكامل بين مصلحتى الضرائب والجمارك، بما يُعزز حوكمة الصادرات والواردات، وتتبع حركة السلع بدءًا من وصولها للموانئ حتى بيع المنتجات للمستهلك النهائي فى السوق المحلية أو التصدير خارج مصر، من أجل الإسهام الفعَّال فى حوكمة دائرة النشاط الاقتصادي، وتخفيض الاقتصاد غير الرسمى وزيادة الناتج المحلي، وتحصيل مستحقات الخزانة العامة، لإتاحة مساحات مالية كافية فى الموازنة العامة لامتلاك القدرة بشكل أكبر على التعامل الإيجابى المرن مع تداعيات الأزمات العالمية المتتالية والمتشابكة، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا للفئات الأولى بالرعاية؛ لتخفيف الأعباء المترتبة عن الموجة التضخمية العالمية عن كاهلهم، واستكمال جهود تحسين مستوى معيشة المواطنين، وتحقيق المستهدفات التنموية.

وأضاف أن وزارة المالية مستمرة فى توحيد قواعد بيانات الممولين بالضرائب والجمارك، والربط بين منظومة الفاتورة الإلكترونية التى ترصد التعاملات التجارية للشركات لحظيًا، والمنصة الإلكترونية الموحدة للتجارة القومية «نافذة» التى ترصد الصادرات والواردات لحظيًا أيضًا؛ على نحو يُساعد فى مطابقة قيم الفواتير مع أكواد الأصناف المستوردة، بما يُسهم فى الحد من معدلات التهرب الضريبي، وتعظيم الإيرادات العامة للدولة، على نحو يسهم فى زيادة أوجه الإنفاق على الصحة والتعليم، لافتًا إلى أن منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI» تُسهم فى حوكمة الواردات من السلع والبضائع ومستلزمات الإنتاج والقدرة على إخضاعها لمعايير الجودة العالمية.

اقرأ أيضًا | تحذير من المالية لغير المتعاملين بالفاتورة الإلكترونية بدءًا من هذا الموعد

ويقول د. عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إن العالم اتجه إلى تطبيق النظم المالية، وأحكام الرقابة المالية، ورقمنة النشاط الاقتصادي، وتطبيق آلية حوكمة النشاط الاقتصادي، وذلك بهدف تعظيم إيرادات الدولة، وفقدت مصر الكثير بسبب عدم تطبيق نظم الميكنة والرقمنة للنشاط الاقتصادى فى العهود السابقة، وتتمثل هذه الخسائر فى زيادة نسبة التهرب الضريبى والجمركي، وقد تخطت نسبة التهرب الضريبى فى مصر حدود ٥٥% حتى عام ٢٠١٤ فى الوقت الذى تعتمد فيه الحكومة المصرية على الضرائب بأنواعها كافة فى تدبير ما يقرب من ٧٥% من إيرادات الموازنة العامة للدولة، كما أن التهرب الجمركى تجاوز ٢٥% بضائع مهربة، ذلك الأمر الذى تسبب فى خسارة الخزانة العامة المليارات، كما أدى عدم تطبيق الميكنة إلى نمو الاقتصاد غير الرسمى الذى بلغ ٤٥% من حجم الاقتصاد الرسمي، فضلًا عن التسبب فى تخوف المستثمرين من الاستثمار فى مصر لغياب الشفافية المالية، ووجود أسواق غير رسمية، مما يعنى عدم وجود عدالة ضريبية، إلا أن وزارة المالية منذ عام ٢٠١٥ سعت إلى إرساء دعائم الانضباط المالى وتحديث المنظومة المالية للدولة المصرية، وتطبيق أحدث النظم المالية الرقمية.

وأضاف أنه تم اتخاذ مجموعة من النظم المالية من أبرزها تطبيق المنظومة الضريبية، والتى من خلالها يتم تسليم الإقرارات الضريبية وجميع مراسلات الضرائب بشكل إلكترونى يحقق العدالة الضريبية، وسرعة استدعاء البيانات، وحفظها بنظام آمن، وأيضًا نظام الفاتورة الإلكترونية التى ترصد التعاملات التجارية للشركات لحظيًا، وإصدار فواتير لحظية حيث تتجاوز عدد الفواتير المصدرة ٢٥ مليون فاتورة يوميًا، بالإضافة إلى تطبيق منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI» والتى تساهم فى حوكمة الواردات وإخضاعها لمعايير الجودة العالمية.

وأوضح السيد أنه سيتم ميكنة وتطبيق النظم المالية والحوكمة من خلال التنسيق والتعاون بين مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك، حيث تسعى وزارة المالية إلى توحيد قواعد بيانات الممولين بالضرائب والجمارك، والربط بين منظومة الفاتورة الإلكترونية والمنصة الإلكترونية الموحدة للتجارة القومية «نافذة»، ذلك الأمر الذى يعزز حوكمة الصادرات والواردات ويحد من التهرب الضريبي، كما أن تطبيق الأنظمة الرقمية الضريبية والجمركية يساهم فى حوكمة دائرة النشاط الاقتصادي، والقضاء على الاقتصاد غير الرسمي، وبالتالى زيادة الناتج المحلى وضمان حق الدولة، وتحقيق مستحقات الخزانة العامة، وكل ذلك يساهم فى رفع كفاءة الإنفاق العام والاستثمارات، والإنفاق على الصحة والتعليم وكل الخدمات التى يحتاج إليها المواطن. 

وأكد السيد أن تطبيق نظم الرقابة والحوكمة المالية يهدف إلى تقليل الفساد والتهرب الضريبى والجمركي، وتقليل الأموال المهدرة على الدولة، كما أن توفير النظم الرقابية يحقق عدالة المنافسة بين المتعاملين فى السوق المصرية، ويساعد فى جذب استثمارات بشكل أفضل؛ لأنه كلما انخفض الفساد المالى زاد حجم الاستثمارات، لافتًا إلى أن من ضمن إجراءات وزارة المالية لتحقيق الحوكمة والرقابة المالية تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية للحد من ظاهرة التهرب الضريبي، وضبط الأسواق.

وأشار د. أحمد شوقى الخبير المصرفى وعضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية إلى أن التحول نحو رقمنة الخدمات وربط النظم ببعضها البعض بشكل آلى يعد أحد أهم الخطوات الداعمة نحو تحقيق استراتيجيات الدولة، وعلى رأسها التحول الرقمى والشمول المالي، حيث تساهم رقمنة الخدمات فى تحقيق أبعاد الجودة الشاملة، من خلال تخفيض الوقت والتكلفة والمجهود، والتى تعزز من وصول الخدمات والدعم لمستحقيه، وتحسين جودة الحصيلة الضريبية، فضلًا عن أن الربط بين الجمارك والضرائب سيكون له بُعد آخر فى تحديد نوعية الإيرادات، وتقليل عمليات الازدواج الضريبي، وتحديد وتحسين أوجه الانفاق، كما أن كل زيادة بنسبة ١٠% فى زيادة عمليات التحول نحو مجتمع غير نقدى واستخدام تطبيقات التكنولوجيا المالية سيساهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى بحوالى 1.5 مليار دولار «بما يعادل 45 مليار جنيه»، بالإضافة إلى تخفيض معدلات البطالة البالغة 7.4% من خلال توفير حوالى 200 ألف فرصة عمل. 

وأكد شوقى أن دور عمليات التحول الرقمى والتكامل بين النظم سيسهم فى تقليل البيروقراطية، والقضاء على الاقتصاد غير الرسمي، والذى يعد من الأمور المؤثرة بشكل كبير فى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وعدم وصول الدعم لمستحقيه، وكذلك انخفاض جودة الحصيلة الضريبية، ويساهم التكامل بين النظم الضريبية والجمارك والفاتورة الإلكترونية فى تحقيق أمر مهم للمواطن المصرى متمثلًا فى التسعير السليم للسلع فى ظل ارتفاع أسعار السلع والمواد عالميًا، وارتفاع التضخم السنوى إلى 26%، والذى بدوره سيعزز من الدور الرقابى للحد من التلاعب فى الأسعار والمغالاة فيها، والمساهمة فى تقليل معدلات التضخم.