علاء عبدالكريم يكتب: «جرائم الأطفال» فى رسالة دكتوراة

علاء عبدالكريم
علاء عبدالكريم

بقلم: علاء عبدالكريم

..الحياة لا تهدينا رغدها أبدًا إلا حين نأتي مشاقها بكل صعوباتها وتناقضاتها من المكايد التي تعترض طريقنا أحيانًا..؛

فتيان صغيران، أولهما ألقى في روعه أنه أصبح بعد موت أبيه رغمًا عنه رجلًا يحتمل التبعات والنتائج؛ فلا سبيل له إلا أن ينهض بأعمال الأسرة بالإضافة إلى إيصال رسالة والده في تحصيل دروسه ويجدّ ويجتهد حتى يكون متفوقًا بين أقرانه في مدرسته مع احتفاظه بشيء من الكبرياء، فتحسبه من الأغنياء من التعفف، فقد رضي عن نفسه ورضى عنه أبوه في قبره، الحزن والكآبة لم يزيداه إلا إصرارًا على النجاح؛ لتمضي أمور الأسرة في استقرار وستر بعدما قام منها الابن مقام أبيه؛ فحق عليه القول أنه فتى متواضع فقير لا يكسب قوته إلا بالجهد.

والثاني، نشأ في فوضى، ليس لديه مبدأ الصح والخطأ، دوامة من التيه غرق فيها بسبب أب مدمن لـ «الشابو» ذلك المخدر اللعين الأسرع قتلًا الذي انتشر سهوًا من بين أيدينا وخلفنا رغم المطاردات الأمنية لصانعيه ومروجيه، ماذا كنا ننتظر من هذا الفتى الصغير إلا أن يكون شبيهًا لأبيه، وأم استسلمت لانقضاض رجل عليها يسلبها شرفها وقتما يريد، لم يكن غريبًا عنها بل كان شاهدًا على هذه الفوضى ويراقب أفرادها عن كثب وفي المقابل لم تمتنع أو ترفض بل كانت خبيثة القلب ذليلة لجسدها، ولكن نعود للابن الذي سقط هو الآخر في مستنقع الإدمان، وجدت الأم الخبيثة في ابنها الصغير الذي لم يتجاوز عمره 14 سنة ضالتها المنشودة، هو في حكم القانون طفل، سئمت الانتظار ومللت ساعاته، كانت مقتنعة أن الذي سرق جسدها مرارًا وتكرارًا بإرادتها هو أحق به؛ وضعت «شركًا» لابنها، هيأت له مسرح الجريمة لقتل أبيه، وضعت له «المنوم» في الطعام – لا أسف على هذه الأسرة فالكل مهزوم – ترنح الأب من على كرسيه وسقط أرضًا بفعل قرص المنوم؛ وكان الابن الذي ينتظر المكافأة من أمه المال الوفير ليشتري به كيس الهيروين، قابضًا بيده على السكين وفي لحظة جنون انهال على ابيه بالطعنات حتى تلطخت يداه بالدماء وهو لا يزال يواصل الطعنات، في لحظة صار بيتًا مهجورًا خرابًا بعدما قضت المخدرات على أفرادها.

مناسبة ذكري لهذين النموذجين؛ هو تلبية دعوة زميلي محمد كمال نائب رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم الإلكترونية وحضوري لرسالة الدكتوراة المقدمة منه وكان عنوانها؛ «أطر معالجة جرائم الأطفال بمواقع الصحف الالكترونية المصرية واتجاهات النخبة الإعلامية نحوها»، ونال عنها زميلي درجة الدكتوراة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، موضوع الرسالة مهم لأنها تتعرض للطفولة وهي المرحلة الزمنية من عمر الطفل التي تمتد منذ ولادته حتى بلوغه، وتنطلق أهميتها – وكما قال زميلي الدكتور محمد كمال أثناء مناقشة الأساتذة لها - بعدما أصبحت جرائم الأطفال قضية اجتماعية تشغل الرأي العام المصري وبصفة خاصة النخب الإعلامية لما تشكله من تهديد لاستقرار الأسرة والمجتمع المصري؛ ففي الفترة الأخيرة ارتفعت معدلات جرائم الأطفال بشكل كبير بسبب الإهمال الأسري بترك ابنائهم في الأماكن العامة والظروف الاقتصادية ومصاحبة أصدقاء السوء أو بسبب الخلافات بين العائلات وغيرها من الأسباب التي ساهمت في انتشار جرائم الأطفال، وأصبحت جرائم الأطفال تتصدر اهتمامات وسائل الإعلام بصفة عامة والمواقع الإلكترونية بصفة خاصة.

ويعرف الباحث جرائم الأطفال: هي الجرائم التي يقوم بها الآباء ضد الأطفال أو يقوم بها طفل ضد طفل، أو الأقارب، أو الغرباء، أو العصابات المنظمة ضد الأطفال كالجرائم القتل والاختطاف والاغتصاب، والسرقة، وتحريض الأطفال على الاتجار بالمخدرات بغرض الانتقام أو تحقيق مكاسب مادية أو معنوية.
وتتعدد وتتنوع أسباب جرائم الأطفال نذكر منها كما جاء في رسالة الباحث المهمة:

1- التفكك الأسري: الذي يتضمن وفاة أو غياب أحد الأبوين أو حدوث شجار مستمر بين الأبوين. الأمر الذي يجعل محيط الأسرة متوترًا أو عاجزًا عن أداء مسؤوليته في التنشئة. 

2- إدمان أحد الوالدين على تعاطي المسكرات أو المخدرات هذا المتغير يعتبر من أقوى المؤثرات على استخدام الإيذاء الجسدي ضد الأطفال. وينتج عن إيذاء الأطفال ترك المنزل والخروج إلى الشوارع.

3- ارتفاع نسب الطلاق أضاف متغيرًا جديدًا على مدى تماسك بعض الآباء والأمهات بأطفالهم ومن ثم يكونون فريسة للعناصر الإجرامية الخطرة.

4- مرافقة الأطفال أصدقاء السوء يدفعهم للقيام بأعمال غير مشروعة مثل السرقة والتحرش الجنسي أو القيام بتجارة المخدرات. 
ودون شك تمارس الصحافة دورًا مهمًا في الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع وحماية أفراده من الجريمة وذلك بتوعية القراء وتعزيز فهمهم لخطورة الجريمة وطرق الوقاية منها وغرس القيم الأخلاقية للحد من انتشارها وذلك من خلال تغطيات إخبارية شاملة تقدم تفاصيل عن جرائم الأطفال المنظورة أمام القضاء ونشر العقوبات التي نالها مرتكبوها، وهي الرسالة القيمة والمهمةالتي نال عنها زميلي محمد كمال الدكتوراة بامتياز وهو بحق مستحق لها، وفي النهاية التهنئة واجبة لأخي وزميلي، يبقى أن نذكر أن لجنة الحكم والمناقشة تكونت من أ.د اعتماد خلف معبد أستاذ الإعلام بقسم الإعلام وثقافة الأطفال بكلية الدراسات العليا للطفولة «رئيسًا»، أ.د إيناس محمود حامد، أستاذ الإعلام بكلية الدراسات العليا للطفولة، وعميد معهد الجزيرة العالي للإعلام «مشرفاً ومناقشًا»، أ.د نادية عبد الحافظ أستاذ الإعلام ورئيس قسم الإعلام التربوي كلية التربية النوعية جامعة الزقازيق، بحضور الدكتورة هويدا الجبالي عميد كلية الدراسات العليا للطفولة.