«تليمة» يحاول طمس هوية سيد قطب ومشروع الجماعة كلية

حمادة إمام يكتب: ظلال القرآن «الجديد» يشعل الصراع بين الجماعة

حمادة إمام
حمادة إمام

لأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة أن تشهد  جماعة الإخوان انقسام ولكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها فالخلاف ليس بسبب من يخلف المرشد ومن يقود الجماعة ومن يحمل شنطة أموال الجماعة وقواعد الصرف فالاختلاف هذه المرة جاء عقب إعلان دار الأصول العلمية للنشر ومقرها تركيا عن إصدار طبعة جديدة من كتاب سيد قطب منظر وفيلسوف الجماعة «فى ظلال القرآن» ولكن هذه المرة بمراجعة وإشراف عصام تليمة مدير مكتب القرضاوى والمقيم فى تركيا ولم تنس أن تذكرة فى إعلانها أنه الكتاب الذى ذاع صيته فى العالمين والذى دفع مؤلفه رحمه الله روحه بسببه.

يتنصل من فكر منظر التنظيم في التوحيد والحاكمية والولاء والبراء

محاولة لنسف الجماعة وتحويلها لتيار فكرى

فجور وخيانة للأمانة ونفسنة من القرضاوى على سيد قطب

تميزت هذه الطبعة عن سابقاتها بأنها فور صدور الكتاب اتهمت قيادات الجماعة تليمة بنشر الكتاب لمحاولة طمس هوية سيد قطب ومشروع الجماعة كلية، والتنصل من فكر منظر التنظيم فى التوحيد والحاكمية والولاء والبراء والمنهج الحركى من الانتشار حتى الوصول لأستاذية العالم، واتهموه بالعمل على نسف الجماعة وتحويلها لتيار فكري، واصفين ما فعله بأنه فجور وخيانة للأمانة، وأنه يعمل لحساب آخرين يكرهون فكر سيد قطب فى الحاكمية والولاء والبراء.

تليمة ليس الأول
تليمة لم يكن أول من حاول الاقتراب من ظلال سيد قطب واحترق فقد سبقه القرضاوى الذى حاول الاقتراب من ظلال سيد فكانت النتيجة ان فتحت عليه كل الأسلحة الثقيلة والحملات المنظمة فعندما انتقد القرضاوى سيد قطب فى فكرة تكفير المجتمع، قيل عنه أنه: مش فاهم كلام سيد قطب،: وإنها نفسنة من القرضاوى على سيد،  ولن تمر على القرضاوى بخير، هجومه على الشهيد.

بداية الحكاية
بداية القصة كانت حينما أعلن عصام تليمة، إعادة نشر الطبعة الأولى لكتاب «ظلال القرآن» لـسيد قطب، وهى النسخة التى تم إعادة طبعها مرات متعددة وإضافة أجزاء كثيرة لها ضمت أفكار قطب عن الحاكمية والجاهلية والتكفير والعزلة الشعورية، وهو ما رأته قيادات الإخوان محاولة للتنصل من أفكار قطب وإظهار الجماعة.
 
تدرج  الظلال
فى عام ١٩٥١ استجاب سيد قطب لطلب مجلة «المسلمون» التى كان يرأس تحريرها سعيد رمضان، فى كتابة تفسير لبعض سور القرآن، وبدأ بتفسير سورة الفاتحة، ثم تبعها بتفسير آيات مُتفرقة من سورة البقرة. ثم توقف عن النشر فى المجلة، وقرر أن يشرع فى كتابة تفسيرٍ كاملٍ للقرآن، على أن يُنجز تفسير كل جزء منه فى شهرين، ويرسله للنشر مطبوعاً فى مطبعة عيسى البابى الحلبي. 
عقب حادثة المنشية عام ١٩٥٤ كان قد أنجز ونشر تفسيره لثمانية عشر جزءاً من القرآن.

ثم سُمح له باستكمال كتابة التفسير عقب الشكوى القضائية التى رفعها الناشر على مصلحة السجون مُطالباً باستكمال العقد بينه وبين سيد قطب، وبذلك عاد المؤلف إلى الكتابة والتفسير والنشر. وقد أتم تفسيره للجزء الأخير من الأجزاء الاثنى عشر المتبقية ونشره فى عام ١٩٥٩. نُشرت جميعها فى كُراسات مُنفصلة عقب تسليم كل جزء منها إلى المطبعة، فلم يصدر تفسير الظلال فى حياة سيد فى كتابٍ واحد كما نُشر لاحقاً وتعارف عليه الناس. 

بعد حادث المنشية ألقت حكومة الثورة القبض على العديد من العناصر الإخوانية وقدم منهم العديد للمحاكمات وصدر ضدهم أحكام بالإعدام والأشغال الشاقة، وكان من بين الذين صدر ضدهم أحكام بالأشغال الشاقة الأديب «سيد قطب» الذى انضم إلى الإخوان فى نهاية الأربعينيات وقد صدر ضده حكمًا بالحبس لمدة (15) عامًا ونظرًا لمكانته الأدبية قررت الثورة إيداعه فى أحد المستشفيات لقضاء العقوبة بها بدلا من السجن وداخل المستشفى وبعيدًا عن السجن بأشكاله المختلفة بدأ سيد قطب يتفرغ للقراءة والكتابة وكان يرسل من حين لآخر مقالات.

بعد ذلك بعام، قرر سيد قطب - وهو فى سجنه - أن يقوم بتنقيح تفسيره المنشور وإعادة كتابته كتفسير حركى باعتباره منهج حياة. فبدأ بالعودة إلى الجزء الأول الذى كان يقع فى تسعين صفحة، فأصدره مجدداً بنسخة كُتب عليها «طبعة مزيدة ومُنقحة» 

وخلال الفترة من عام 1954 حتى 1961 كانت أفكار سيد قطب قد شهدت تحولا كبيرًا واقتناعه بأفكار العنف والتكفير وجاهلية المجتمع وتكفير الحاكم وبدأ سيد قطب يضع تصوراته لشكل المجتمع المصرى وقتها والعلاقة بين الحاكم والمحكومين وموقف الدين من ذلك هذه الأفكار. 

ومع مرور الأيام بدأ يطرح أفكاره الجديدة والموقف من النظام الحاكم وانتهى إلى أن الحل هو التخلى عن الجهاد بالقلب واستبداله باليد وخرجت أفكار سيد قطب عن طريقين الأول عن طريق أخته التى كان يسمح لها بزيارته والطريق الثانى المساجين الذين كانوا يقومون بالكشف الطبى عليهم وبالتبعية تأثر العديد من العناصر الإخوانية برؤية سيد قطب.

***

خلال الفترة من عام 1960 حتى 1963 كانت أفكار سيد قطب قد وصلت إلى العديد واعتنقها الكثير من العناصر الجديدة.

تواكب مع هذه الحقبة وتحديدًا عام «1964» فترة خروج سيد قطب من السجن والذى نقل إليه نشاط التنظيم عن طريق شقيقته حميدة قطب والتى تعرفت على أفكار الجماعة الجدد عن طريق منزل زينب الغزالى والذى كان يرشدهم إلى الأفكار والجانب التثقيفي.

وقع اختيار قادة التنظيم على بعض العناصر الشابة وغير المعروفة لأجهزة الأمن لتنفيذ المهام الجديدة وتشكيل مجلس شورى التنظيم وقع الاختيار على تولى «سيد قطب» رئيسًا للتنظيم ومحمد يوسف هواش نائبًا وتم تقسيم التنظيم إلى خلايا لها دور محدد.
فى 29 أغسطس 1966تم اعدامه  بتهمة تاسيس تنظيم سرى مسلح ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة.

جدل الطبعة الأولى
يقول عصام تليمة عبر صفحته على الفيس بو ما أن أعلنت عن صدور الطبعة الأولى لكتاب (فى ظلال القرآن) للشهيد الأستاذ سيد قطب رحمه الله، وقد انهالت تعليقات كثيرة على الطبعة، بين مؤيد ومعارض، ولكن ما لاحظته فى رفض المعارضين - فى الرفض الذى كان مؤدبا وفيه كلام يتسم بشيء من العلمية - أنهم يرفضون أن أنشر طبعة قد طور فيها صاحبها حسب قولهم، بأن سيد زاد وأسهب فى أجزاء منها، وقد نقل عنه: أن هذه المرحلة هى التى تمثل فكره.

وقد استشهد بعضهم برفض ما قمت به بشقيقه الأستاذ محمد قطب رحمه الله، وقد ذهبت إليه أستأذنه قديما (منذ 25 عاما) فى نشر كل أعمال الأستاذ سيد، ورفض وقتها نشر أى شيء يتعلق بسيد، سوى ما يمثل مرحلته الأخيرة، وهى نقطة جديرة بالمناقشة: هل التراث الفكرى لإنسان، يعد ملكية خاصة له فقط؟ نفهم ذلك فترة حياته، فيعيد نشر ما يشاء، ويمنع ما يشاء، من حيث الحق القانونى للنشر، لكن الحق الشرعى للنشر والاستفادة العلمية، مسألة مختلفة تماما.

إن الفكرة إذا خرجت ونشرت، لم تعد ملكا لصاحبها، بل أصبحت مشاعا وعملا عاما، للناس أن تقبل منها وترفض، وبخاصة ما يكون فى جانب العطاء العلمى فى الخير والحق، ما دام يتم التنبيه على مراحل فكر الرجل، والسياق الزمنى لها، وإلا لحكمنا على مرحلة سيد السابقة بالباطل والضلال أو الخطأ الذى يتوب عنه، وهو ما يعد إهانة لسيد، وهو ما يقوم به المتعصبون له دون أن يدروا للأسف.

من يرفضون عملى العلمي، يستشهدون بأن أخاه محمد قطب لم يفعل ذلك فى الظلال، فلم ينشر إلا آخر ما انتهى إليه سيد، وما يستدلون به هو دليل ضدهم لا معهم، فسيد نقح من الظلال ما يقترب من نصفه، وبقى النصف الآخر لم ينقح، أي: لم يزد عليه، ومع ذلك عند نشر الظلال لم ينشر محمد قطب الأجزاء المنقحة فقط، بحكم أنها تمثل فكر سيد الأخير حسب ما يعلنه الرافضون، بل نشر الأجزاء الباقية التى لم تنقح.

وذلك لأنه يرى أنه من الصعب نشر تفسير للقرآن فى نصفه فقط، بينما صاحبه قد مر على النصف الآخر، وهو فكره وإن زاد عليه، فإذن لم يلتزم المقرون والمحبون لسيد برغبته كما يعلنون، وما جاز لهم من باب المنفعة العامة فعله، جاز لغيرهم أيضا.

وقد رأيت هذا السلوك العلمى فى منهج محمد قطب، وقد مارسه رحمه الله، وذلك فى أشهر كتبه على الإطلاق، وأكثرها توزيعا، وترجمة، وهو كتاب: (شبهات حول الإسلام)، فقد كان يعرض الشبهة التى تثار حول الإسلام، ثم يرد على هذه الشبهة، بالحجج والبراهين القرآنية والعقلية، ولكنه بعد أن طبع عشر طبعات وأكثر، سواء التى بإذنه أو بدون إذنه، كتب فى مقدمة الطبعة الحادية عشرة، تراجعه عن هذا المنهج، فكتب يقول: 
(لقد هممت أكثر من مرة أن ألغى هذا الكتاب من قائمة كتبي، ولا أعيد طبعه!

عودة مرة أخرى
يعود تليمة مرة اخرى وعبر صفحته على الفيس بوك ويكتب  : إن قطب واحد من هؤلاء الذين مر فكرهم بمراحل، ولذا يثور الجدل كثيرا حول فكره، وبخاصة فكرة اتهامه بوصم المجتمع الإسلامى بالجاهلية، والحكم بتكفيره، وهى قضية دوما تذكر وتنسب له، مضيفا أن الكتاب مر بتحولات وكتب على مراحل، فمرحلة ما كتبه قطب منه قبل السجن يختلف عما كتبه فى السجن.