أنت تسأل والعلماء يجيبون

د.شوقى علام
د.شوقى علام

إعداد - عبدالعزيز عبدالحليم

الوحدة الوطنية فى منظور الشريعة الإسلامية

نسمع عن مفهوم (الوحدة الوطنية) وأهميتها في المجتمع، فنرجو منكم توضيح نظر الشرع إلى هذا المفهوم؟ وهل يوجد فى الشرع الشريف ما يدعو إلى ذلك؟

يجيب د.شوقى علام مفتى الجمهورية

مصطلح الوحدة الوطنية، يراد به عدم التفرقة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات تجاه الوطن؛ نتيجة التَّحزُّب والتعصب بسبب الدين، أو اللغة، أو الأصل، أو العرق، أو الفئة وهو بهذا المعنى أمر محمود ومقصود من قِبل الشرع؛ فالإسلام يَنْظُر إلى الناس جميعًا باعتبار أنهم مجتمع بشرى واحد، فالبشر جميعهم عائلة واحدة من أبٍ واحد، وهم جميعًا ورثة تلك الخلافة فى إعمار الأرض، ونشر الأمن والسلام، ولكل إنسان فى نظر الإسلام الحق فى العيش والكرامة دون استثناء أو تمييز.. قال تعالى: «وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة».

وكما أن الإنسان مكرَّم فى القرآن الكريم دون النظر إلى دينه أو لونه أو جنسه؛ قال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا: (الإسراء: 70) وما اختلاف البشرية فى ألوانها، وأجناسها، ولغاتها، ودياناتها إلا آية من الآيات «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ» (الروم: 22).
والمسلم يجعل دستوره فى العلاقة مع غير المسلم قوله تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» حيث تدعو الآية إلى التعاون والبر والقسط مع إخواننا المواطنين أيًّا كان دينهم.

ومن أجل ذلك نَهَى الشرع الشريف عن إحداث الفُرْقَة بين الناس وإثارة الاضطراب والبلبلة، بل إنَّ ذلك يَدْخُل دُخُولًا أَوَّليًّا فى مفهوم (الإرجاف) الوارد ذكره فى قوله تعالى: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا.
قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما: «الارجاف: التماس الفتنة»

كما أنَّ إثارة الفتن والاضطرابات والقلاقل بين المسلمين أنفسهم أو بين المسلمين وغيرهم من أهل الأديان الأخرى واستحلال الدماء والأموال بين أبناء المجتمع الواحد تحت  دعاوى مختلفة، يعد من صور (الحرابة)، والمتلبس بها مستحق لأقصى العقوبات، لأنه إفساد منظم ضد المجتمع.

قال تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».
فهذا كله يدلّ دلالةً واضحةً على أنَّ الوحدة الوطنية -بالمعنى السابق ذِكْرُه- دعا إليها الشرع الشريف، وحثَّ أتباعه عليها؛ إذ الناس جميعًا في نَظَر الشرع الشريف مجتمع بشريّ واحد يقوم على أساس من التعايش، وإرساء مبادئ السلام والتعددية، ونَبْذ العنف والإكراه وإثارة الفتن واستغلال الدين في الترويج للأفكار المتطرفة التى تضر بالمجتمع.

حكم صرف أموال الزكاة لذوى الهمم

سائل يطلب إبداء الرأى الشرعى فيما يأتي:
أولًا: هل يستحق المريض عقليًّا الذى لا يستطيع الحصول على حقوقه شيئًا من الزكاة؟
ثانيًا: إذا وُجد طفل معاق فى أسرة غنية، ولكنه محروم من حقوقه ومن الإنفاق عليه لرعايته وعلاجه. فهل يُصرَف له من الزكاة؟
ثالثًا: هل يجوز صرف الزكاة فى شراء الأجهزة الطبية لذوى الهمم، وتوفير سيارة لنقلهم من منازلهم للمؤسسات التى ترعاهم؟

يجيب د. على جمعة مفتى الجمهورية السابق

إجابة السؤال الأول: نعم، ويمكن فى هذه الحالة أن يخصّص له مَن يقوم برعايته، وتلبية احتياجاته من الزكاة. إجابة السؤال الثاني: إذا كان حاله كما ذُكِر، ولم يقدر على استخلاص نفقته من أهله؛ فإنه يأخذ حكم ابن السبيل الذى هو من مصارف الزكاة. إجابة السؤال الثالث: يجوز بشرط استخدام ذلك كله فى مصلحة مستحقى الزكاة منهم.

لا تعارض بين إسباغ الوضوء والإسراف فى استعمال الماء

هل يتعارض إسباغ الوضوء مع النهى عن الإسراف فى الماء؟

يجيب فضيلة المفتى د. شوقى علام

يستحب إسباغ الوضوء وذلك بإتمامه وإبلاغه موضعه وغسل ما فوق الواجب من أعضاء الوضوء أو مسحه؛ وليس المراد من إسباغ الوضوء: الإكثار من صبِّ الماء على الأعضاء دون الحاجة وفوق حدِّ الاعتدال، أو غسل العضو أكثر من ثلاث مرات؛ فهذا إسرافٌ منهيٌّ عنه شرعًا، ولا تعارض بين إسباغ الوضوء المأمور به والإسراف المنهى عنه شرعًا؛ إذ لا يأمر الشارع الحكيم بما فيه تعارض أو تناقض.
وتنصح دار الإفتاء المصرية بالمحافظة على نعمة الماء، وترشيد الاستهلاك فى استخدامه ولو لأمر العبادة، كالوضوء والغُسْل؛ لما له من ضرورة حتمية فى الحياة.

أقرأ أيضأ : مدارس الوحدة الوطـنية.. الكنيسة تبني مدارس لتلاميذ أم الدنيا