إلهام فاروق شبانة تكتب: دينٌ ودنيــــــا

إلهام فاروق شبانة - منطقة وعظ دمياط
إلهام فاروق شبانة - منطقة وعظ دمياط

كثيرًا ما يفكر الناس فى كيفية التوفيق بين الدين والدنيا، فيقرر البعض الانعزال عن الناس والانطواء على النفس، ثم يدخل له الشيطان من مدخل التشدد والغلو والتنطع بالزيادة على ما شرعه الله؛ فيَهلك ويخسر دنياه وآخرته.

وعلى الطرف الآخر ينجرف آخرون وراء الدنيا فتُشغِله همومها ومتاعها عن عمارة أيامها بذكر الله وشكره وحُسن عبادته، ثم يدخل له الشيطان من مدخل الإغواء بالمال والبنون وملذات الحياة فيبقى طوال حياته غارقًا فى المعاصى راكضًا وراء الشهوات.

وقد غاب عن الفريقين أعظم مزايا هذا الدين ومحاسنه، وهو أنه دين يدعو إلى التوازن فى كل شيء، بغير إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا جفاء، فالإسلام دين عبادة وقيادة؛ قال تعالى: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» (القصص:٧٧).

فإذا تأملنا هذه الآية وتتبعنا آثارها وجدنا ترتيب الوصايا فيها كالعِقد المنظوم، حيث اشتملت على أربع وصايا عظيمة، المجتمع أحوج ما يكون إليها اليوم.
الوصية الأولى: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ».

فيجب على الإنسان أن يجعل سعيه فى حياته كلها ليوم الحصاد، فتكون الآخرة هى همه فإن فعل ذلك حفظه الله من الهم والفقر والشتات، وأتته الدنيا وهى راغمة، والوصية الثانية: »وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا«، فالإسلام أباح للإنسان أن يأخذ من الدنيا الحلال كله دون إسراف، والعمل فيها بما يرضى الله، لأن العمل الدنيوى إذا لم ينضبط بضوابط الشّرع كان وبالاً على صاحبه.
والوصية الثالثة: »وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ»، فالشكر على كل نعمة يكون من جنسها، فكما تحب أن يحسِن إليك ربك، ويدوم إحسانه، فلا تقطع إحسانك عن خلقه.
وهذا غاية التوازن كما قال تعالى: «وهَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَان» (الرحمن: ٦٠)

والوصية الرابعة: »وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ«، وهنا يحذرنا الله ـ عز وجل ـ من خلط الإحسان بالفساد، وينهانا عن حب الفساد وابتغاء المال والجاه والشهرة، فيخسر الإنسان دينه ودنياه وينال سخط الله عليه وذلك هو الخسران المبين.
تلك هى خلاصة الحياة وسر النجاح فى الدنيا والآخرة؛ فلنطمئن ولنتعلم الموازنة بين الدين والدنيا ومن يؤمن بالله يهد قلبه.`