دعوات الحظر فى الكونجرس تتصاعد.. ومراقبة الشبكات المالية السرية للتنظيم الدولي

البيت الأبيض
البيت الأبيض

بين الماضي والحاضر تتهاوى أحلامهم ومخططاتهم التي تبدأ بالهرب والبحث عن ملاذ جديد لمحاربة أوطانهم من الخارج والتمركز بعيدًا من اجل التخطيط لأعمالهم الشيطانية والإرهابية، وبمجرد الاستقرار تتصاعد آمالهم بوعود وآمال زائفة يتلقون من خلالها دعمًا وهميًا ينتهي سريعًا بموجات غضب تحارب وجودهم وتكشف مخططاتهم الشيطانية لتتساقط الاحلام مرة أخرى وتتشتت جماعاتهم من جديد.

سيناريو متكرر لرحلة جماعة الإخوان الإرهابية وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية حيث توصف علاقة الجماعة الإرهابية بأمريكا بالتعاون المشبوه الممتد على مدار 70 عامًا، منذ نشأة الجماعة ودعم زعيمها حسن البنا؛ ليجد عناصرها الملاذ الآمن لهم في امريكا، ومرورًا بالعصر الذهبي لهم منذ بداية عهد  الرئيس الامريكي باراك أوباما عام ٢٠٠٩ ولمدة ثمان سنوات حتى فاق الرهان الأمريكي التوقعات بتقديم الدعم الكامل لهم في عام 2011 لضمان وصولهم للحكم في مصر في مشهد يبرز العلاقة الاستثنائية بين أمريكا والإخوان؛ حين راهن عدد من رؤساء الولايات الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي على دور الجماعة لإنجاح سياساتهم الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، وما أن وصل الإخوان إلى الحكم حتى انكشفت مخططاتهم الشيطانية وانتهى حكمهم بالفشل سريعًا بثورة شعبية فى عام 2013.

علاقات الماضي
تناولت العديد من الكتب والتحليلات السياسية تفاصيل العلاقة بين امريكا والجماعة بالعودة إلى الصراع بين امريكا والاتحاد السوفيتي منذ خمسينيات القرن الماضي، بدأت امريكا تستكشف امكانية استغلال الجماعات الدينية المتطرفة لمواجهة التيار القومي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتصبح شوكة امام أى تقدم داخلي في مصر أو تحالف عربي قوي في المنطقة، ومن هنا نشأ التعاون بين الاستخبارات الأمريكية ومؤسس الجماعة حسن البنا، وبدأت الاتصالات بينه ومسئولين أمريكيين تطبيقًا للخطة الأمريكية التي ركزت على إيجاد شخصية دينية ذات شعبية وزرع علاقة سرية بينها وبين وكالة الاستخبارات المركزية.

وطدت الولايات المتحدة الامريكية علاقتها بالجماعة الإخوانية وسمحت لهم بالتواجد بكثافة على أراضيها بغرض الدراسة في البداية ومن هنا وصل بعض الإخوان إلى أمريكا، وأسس طلاب الجماعة أول فرع للتنظيم في امريكا تحت اسم «الرابطة الإسلامية لأمريكا الشمالية» المعروفة باسم «ايسنا» التي سيطرت على أكثر من 75 % من المساجد والجمعيات والمراكز في الولايات المتحدة، وهو ما كشفت عنه الوثائق التي نشرتها المخابرات الأمريكية عام 1999؛ لتؤكد أن غالبية الأعضاء الذين أسسوا «إيسنا» ينتمون للإخوان في بلادهم قبل الوصول للولايات المتحدة ثم انضم لهم الطلاب من الجامعات الأمريكية، وسٌميت تلك المرحلة من الخمسينات حتى منتصف الستينات بمرحلة التعبئة والحشد، ويعتبر المحللون الأمريكيون أن تأسيس «إيسنا» هو بداية العمل التنظيمي للإخوان في الولايات المتحدة، واستمر الامر على مدار 30 عاما حتى نهاية التسعينات ليستمر الاخوان في اقامة مؤتمر  سنوي في ديسمبر بالإضافة إلى إصدار مجلة دورية شهيرة تسمى أفق لتوسيع انشطتهم والدعاية لهم.

ملاذ خادع
استمر رهان جماعة الإخوان على أمريكا حتى عام 2011، وبعد سقوطهم في عام 2013 بدأت حركة انتقالات واسعة وهامة لعناصر تنظيم الإخوان من عدة دول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، واشار اعضاء في الحزب الديمقراطي الأمريكي؛ ان حركة الانتقالات ضمت عناصر التنظيم من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال ومجموعات أخرى تقدمت بطلب اللجوء السياسي لتصبح أمريكا إحدى الوجهات المفضلة لتنظيم الإخوان بدلا من بريطانيا بالرغم من اعتبار العاصمة لندن المعقل الرئيسي للتنظيم؛ حيث تحتضن عناصر الجماعة منذ الخمسينيات وحتى الآن، وكشفت دراسة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب؛ أن تنظيم الإخوان يبحث طوال الوقت عن ملاذات بديلة لاستثماراته وأنشطته بعيداً عن التضييق الأوروبي المتسارع، وتشير التقارير الاستخباراتية الى أن تنظيم الإخوان ليس لديه تنظيما رسميا موحدا وثابتا داخل الولايات المتحدة، ولا يوجد متحدث رسمي باسمهم ولكن عناصرهم يسيطرون بشكل كبير على مساجد عديدة ومراكز إسلامية ومؤسسات خيرية متنوعة وهو ما دفع معارضيهم إلى ضرورة إنشاء لوبي عربي قوي لمواجهتهم داخل امريكا عبر أمريكيين من اصول عربية من سياسيين ومتخصصين لمواجهة التغلغل الإخواني بنفس الطريقة.

رحلة السقوط
بدأت رحلة سقوط أخرى لجماعة الإخوان وقت إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب؛ حين اتخذ عدة قرارات بالتضييق على الجماعة الارهابية بإعلانه شن حرب على الارهاب والتطرف بكافة جماعاته ومنظماته، وحين اوشكت فترة رئاسته على الانتهاء تعالت صيحات وآمال جماعة الاخوان طوال الانتخابات الرئاسية الاخيرة ليروجوا إلى فرصة جديدة لهم عبر إدارة الرئيس بايدن لتتوالى صيحات التحذير منهم، ومنها ما اكده المحلل الأمريكي في شئون الإرهاب جون روسوماندو في كتاب أصدره بعنوان «حيلة الربيع العربي» قائلا سيكون من الخطأ إن كررت إدارة جو بايدن أخطاء إدارة بارك أوباما من دمج قوى لجماعة الإخوان الإرهابية في العالم السياسي العربي والإقليمي والاعتراف بها، واشار إلى اعتماد إدارة أوباما على نظرية خاطئة معتقدين انه عند تمكين الأحزاب السياسية التابعة لجماعات الإسلام السياسي سيعمل على تحجيم دور الجماعات الإرهابية الاخرى مثل تنظيم القاعدة متجاهلين حقيقة ان جماعة الإخوان تمثل حركة عالمية تسعى إلى إعادة تأسيس ما يسمى بالخلافة، وبالرغم من تلك التحذيرات إلا أن المنظمات الداعمة للإخوان في امريكا شنت حملات مكثفة لدعم الديمقراطيين وبعد مرور ما يقرب من عامين على رئاسة بايدن لم تكتسب جماعة الشر سوى المزيد من الخيبات وسط نجاح العلاقات المصرية الامريكية على كافة المستويات.

حظر الإخوان
 من داخل امريكا يواجه الاخوان موجات ترفض وجودهم على المستوى الرسمي والسياسي حيث يتقدم عدد من نواب الكونجرس بطلبات متكررة لحظر الجماعة رسميًا، تقدم السيناتور الجمهوري تيد كروز عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بمشروع قانون امام الكونجرس يطالب فيه بإعلان حظر الإخوان رسميًا وإدراجهم على قائمة الجماعات المتطرفة مؤكدًا اعتناقهم أيديولوجية إرهابية تستهدف تدمير الغرب، ووجه 32 عضوًا من كبار اعضاء الكونجرس خطابًا إلى وزير الخارجية فى ذلك الوقت لحثه على التحرك لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وتقدم كروز وعدد من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين منهم جيم إنهوف، ورون جونسون، وبات روبرتس بخطاب الى الخارجية الامريكية للتحقيق بشأن التنظيم ومدى مطابقته للمعايير القانونية وتمويل الإرهاب والترويج له. مشروع حظر الإخوان كجماعة إرهابية ليس جديدًا على الكونجرس الامريكي فقد تم تقديمه عدة مرات فى السابق، المرة الاولى فى عام 2015 وتقدم به النائب الجمهوري ماريو دياز بالارت بمشاركة عدد من النواب ممن اتهموا الجماعة بدعم الحركات الإرهابية وتمويل شبكات إرهابية في كافة أنحاء العالم بما في ذلك تنظيمي القاعدة وحماس، وطالب دياز وقتها الولايات المتحدة بضرورة معاقبة عناصر وزعماء الجماعة كجزء من استراتيجية الأمن القومي، وفي ذلك الوقت وافقت لجنة القضاء بمجلس النواب على تقرير جاء فيه «جماعة الإخوان التي أسسها حسن البنا في مصر تعمل في جميع أنحاء العالم عبر هدف استراتيجي يدعو إلى استمرار التطرف تحت مسمى الجهاد وتسعى فيه للقضاء على الحضارة الغربية وتدميرها من الداخل، ودعمت تلك الجماعة الإرهاب بشكل مباشر من خلال جمع الأموال ليتم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل العديد من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتزامن التقرير مع تقرير أمني آخر صدر فى بريطانيا وصفت فيه جماعة الإخوان بالمنظمة الإرهابية التى تعارض القيم الغربية.

توصيات رسمية
استجابت اللجنة القضائية بمجلس النواب للتقرير لتوصي وزارة الخارجية باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وأوصت برفض دخول الاجانب المرتبطين بالجماعة وكذلك تقديم كل من يقدم الدعم المادي للجماعة للعدالة لمواجهة عقوبات جنائية فيدرالية، كما أوصت بتدخل وزارة المالية او الخزانة لمطالبة المؤسسات المالية الامريكية التى تسيطر على اموال أو اصول الجماعة الإرهابية بمنع جميع المعاملات المالية لصالح التنظيم الإرهابي، وتزامنت تلك التوصيات مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية إدراج حركة حسم الارهابية رسميًا على قوائم التنظيمات الإرهابية الأجنبية العام الماضي، وكذلك ادراج عدد من القيادات على لائحة الإرهابيين الدوليين، وفقا لقانون الهجرة والجنسية في ضربة موجعة لجماعة الإخوان ودليل جديد يكشف تبنيها نهج العنف والدم. تثير حملات حظر الإخوان امام الكونجرس تساؤلات حول اسباب توقف مشروع القانون بالرغم من دعم إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب لقرار حظر الجماعة الارهابية إلا أن العلاقات الوطيدة لأفراد الجماعة وممثليهم مع عدد من نواب الكونجرس الامريكي وأغلبهم من النواب الديمقراطيين، ممن يدافعون عن المنظمات التابعة للجماعة ويساندونهم علانية، ورصدت الصحف الامريكية علاقة السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز الذي سعى لخوض انتخابات الرئاسة الامريكية التمهيدية ممثلا للحزب الديمقراطي ليكشف عن علاقاته الوطيدة مع المنظمات الموالية لجماعة الاخوان مثل منظمة كير وإسنا وإيمجيدج بالاضافة الى علاقته الوطيدة بالنائبتين إلهان عمر ورشيدة طليب عضوتا الكونجرس الشهيرتين بدعمها للمنظمات التابعة للإخوان بالإضافة إلى المخاوف من تأثر المعاملات البنكية والمالية الخاصة بهم وهو ما يؤجل قرارات حظرهم رسميًا دون إلغائها.