«آخرساعة» ترصد فرحتهم فى المناطق الشعبية

رأس السنة على الطريقة المصرية.. كريسماس «ولاد البـــلـد»

احتفالات الكريسماس
احتفالات الكريسماس

ندى البدوى

يتمسّك المصريون بالفرحة، وتُجدِّد أعياد الميلاد أمنياتهم المُدّخرة وآمالهم التى يستقبلون بها العام الجديد، فرغم ارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية الصعبة، لا تخلو المناطق الشعبية على بساطتها من مظاهر الاحتفال وإن كان رمزيًا، حيث تتزيّن المحال التجارية والمقاهى والشوارع لتعبِّر عن البهجة التى يتشارك بها الجميع، باختلاف طقوسهم فى استقبال رأس السنة الميلادية فى بداية كُل عام.

تدفئ البهجة التى تشعر بها بين حارات منطقة شبرا من برودة الجو، فبخلاف المحال التجارية الواقعة فى الشوارع الرئيسية التى تعد مناطق جذب للراغبين فى شراء هدايا الأطفال ومستلزمات أشجار الكريسماس وزينة رأس السنة، تلمس بساطة الاحتفال فى الحارات الشعبية التى تعكس حالة المشاركة والتعايش بين سكان المنطقة.
«الفرحة خير للجميع، الفرحة مُعدية»، يقول رضا شوقى عبدالعاطف صاحب أحد المقاهى الشعبية بمنطقة شبرا، وهو يصف حرصه على تزيين المقهى بزينة الكريسماس كل عام، وهو الطقس الذى اعتاد عليه ليُشارك جيرانه ورواد المقهى. فلا فرق هنا بين مسلم ومسيحى كما يقول، الجميع يجتمع على المحبة والمشاركة.

يتابع: هذا المقهى يعود إلى جدى حيث وترجع رخصته إلى عام 1922، ويعد من أوائل المقاهي الشعبية بمنطقة شُبرا، ومنذ بداية عملي بالمهنة التي بدأتها مع والدى بعمر الثامنة، عايشتُ الاحتفاء برأس السنة رغم أن مظاهره وطقوسه تغيّرت كثيرًا بمرور الزمن، في زيادة الأجواء الكرنفالية وإتاحة خيارات أوسع في زينة أعياد الميلاد.

ويصف جرجس عاطف الذى اعتاد ارتياد المقهى منذ سنوات أجواء الكريسماس «بالفرحة الخاطفة» التى يشعر بها لسعادة أبنائه الأربعة وابتهاجهم بموسم الأعياد.

لم يتمكن جرجس الذى يسكن بحارة الشـوكلاني من شراء شجرة جديدة للكريسماس بسبب ارتفاع أسعارها، لكنه يحرص على استخدام شجرته القديمة وتجديدها ببعض الزينة الجديدة، «أسعار الأشجار تبدأ من 200 جنيه وتصل إلى ألف ونصف، وهذا بالطبع فوق مقدرتي، لأن هناك نفقات أخرى من بينها الملابس الجديدة، التى أحرص على شرائها لأبنائي كل عام أيًا كان سعرها».

أيقونات مسيحية

تتخذ الفرحة طابعًا خاصًا في الحارات الضيقة بمنطقة حِكر عزت، تتلاصق بيوت المربع الشعبي في حميمية دافئة، بينما تمتد فروع الزينة والإضاءة بين البيوت والشُرفات المتقابلة، تتوسطها أيقوناتٌ مسيحية كأنها وصلة للمحبّة والاحتفال بين السكّان هنا. داخل مطعمه الصغير بحارة أبو العلا عفيفي ينهمك مجدى فايق فى تحضير أطباق الفول لزبائنه، يستقبل العام الجديد بالأمل فى تحسن الأحوال المعيشية ودوام السعادة والراحة لأبنائه. الفرحة بالنسبة لعم مجدى تكمن فى الوقت الذى يقضيه مع عائلته وسهرة عيد الميلاد، مع لمسات الزينة التى يحرص الصغار عليها.
فى حارة مصنع الشربات تقع مطبعة جورج سيدهم التى يجرى العمل فيها على قدمٍ وساق، لطباعة النتائج الخاصة بالتقويم الميلادي للسنة الجديدة، فرغم ارتفاع أسعار وتكلفة الإنتاج التى أدت إلى تراجع الإقبال عليها مقارنة بالسنوات الماضية، مازالت هناك العديد من العائلات التى تحرص على اقتنائها كأحد مظاهر الاحتفاء بالعام الجديد، فضلاً عن الكنائس والمؤسسات التى تطلب كميّات كبيرة منها كما يوضح جورج سيدهم صاحب المطبعة التى تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، متابعًا: تعمل عائلتى فى هذا النشاط منذ سنواتٍ طويلة، ورغم تطورنا فى جميع أنواع الطباعة إلا أن طباعة النتائج الخاصة بالحوائط تُعد طقسًا سنويًا لا يمكن الاستغناء عنه، نطبع كميات كبيرة من النتائج التى تحمل أيقونات مسيحية، بخلاف التصميمات الخاصة بالسنة الجديدة.

سانتا كلوز إمبابة

تمتد الأجواء الكرنفالية إلى منطقة إمبابة، حيث تطلّ وجوه سانتاكلوز بين العربات التى تبيع الخضر والفواكه وشوادر اللحوم والأسماك بشارع السوق، فكثير من الباعة المتجولين يحرص على بيع زينة أعياد الميلاد وألعاب وهدايا الأطفال، فضلاً عن المكتبات والمحال الصغيرة التى تعرض بضائعها للمارة ومرتادى السوق. «الفرحة ليست حكرًا على الأغنياء»، يقول فادى ملاك أحد الباعة فى سوق إمبابة، فكل شخص يمكن أن يحتفل حسب مقدرته.
يتابع: ليس ضروريًا أن تسهر فى مكانٍ فاخر حتى تشعر بالبهجة، فالمناطق الشعبية البسيطة لديها أيضًا طقوس ومظاهر احتفالية، نسعد بهذه الأجواء سواء داخل بيوتنا أو فى شوارع إمبابة، حيث تحتفل الكنائس فى ليلة عيد الميلاد والمناطق المجاورة لها، من بينها كنيسة الملاك ميخائيل فى شارع البصراوى التى نحرص على حضور قداس عيد الميلاد بها كل عام.

تستمتع إيناس داوود التى تبلغ من العمر 12 عامًا بعمل زينة الكريسماس بيدها، لا تعتبر ذلك فقط حلاً اقتصاديًا لمواجهة غلاء الزينة الجاهزة، لكنها تجده فعلاً ممتعًا تتشارك به مع أصدقائها فى كنيسة الملاك ميخائيل، حيث يشاركون فى ورش فنية لتعليم كيفية صُنع زينة الكريسماس يدويًا باستخدام بعض الخامات البسيطة من بينها الورق المقوى والفوم وخامات أخرى، لعمل ثيمات الكريسماس من بينها بابا نويل والكور وعلب الهدايا التى تُستخدم لتزيين الأشجار سواء فى البيت أو الكنيسة.

أقرأ أيضأ : بيزنس رأس السنة| إقبال على «بابا نويل».. وأشجار الكريسماس تزين الأسواق