شجرة الكريسماس وأسطورة إيزيس وأوزوريس

 شجرة الكريسماس
شجرة الكريسماس

الشجرة التي نحتفل بها في القرن الواحد والعشرين في الغرب أو حتي في الشرق أصلها فرعونية ولها أسطورة بالتاريخ المصرى القديم.


وقال د. لطيف شاكر الأستاذ بكلية الآداب قسم تاريخ، إن شجرة الكريسماس أصلها فرعونى يرجع لأسطورة الثالوث المقدس في الأساطير الفرعونية القديمة والتي تمثل صراع البشرية بين الخير والشر، وكان طرفي النزاع فيها هما "ست" الذي كان رمزا لأخطاء البشرية وشرورها فعبروا به عن الشر والخيانة والحسد، أما الطرف الثاني هو"أوزوريس" الذي كان علما على الحياة المتجددة، وتقول الأساطير إنه كان ملكا صالحا مرسل من الإله رع لإقامة العدل وحمل تعاليم السماء إلى الأرض.

أسطورة شجرة الكريسماس 
وتقول الأسطورة إن الإله الأكبر خلق نفسه بنفسه توطئة لخلق الكون والوجود البشري ويمثل الوجود البشري على الأرض في ذلك الحين الثالوث المقدس المكون من أوزوريس وإيزيس وحورس. وتحكى الأسطورة كيف غدر"ست" بأخيه "أوزوريس" الذي كان يبغض فيه الجمال والحكمة والخير. فمكر به ودبر مكيدة للقضاء عليه فاتفق مع أعوانه من آلهة السوء والشر أن يقيموا له حفلا تمجيدا لأعماله الخالدة وتكريما لذاته وذلك بنية الغدر به.


فأعدوا تابوتا جميلا كسوته من الذهب وزعم "ست" بأنه يقدم هذا التابوت النفيس هدية منه لأي من الحاضرين الذي يأتي على مقاسه ويناسبه، وهكذا جرب كل الحاضرين حظه في التابوت دون جدوي حتي جاء دور"أوزوريس" وما أن رقد حتى أغلق "ست" وأعوانه عليه الغطاء ثم حملوا التابوت والقوه في النيل، فحمله التيار حتي وصل إلى الشاطئ الفينيفي بمدينة بيبلوس بجوار شجرة ضخمة وارفة الظلال حوت التابوت في أحضانها بأمان .


وكان في بيبلوس هذه ملكة جميلة هي الآلهة عشتروت التي خرجت ذات يوم تتريض فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة فوقفت مشدودة من الدهشة وأمرت بنقلها إلى حديقة قصرها .


أما "إيزيس" الحزينة والتي استبد بها الفراق فذهبت تبحث عن زوجها الحبيب أوزوريس وهي باكية بدموعها المدرارة من عينيها على شاطئ النيل فسقطت دموعها وامتزج بالنيل فحدث الفيضان، وكان الفراعنة ينسبون الفيضان إلى دموع إيزيس.


وبينما كانت إيزيس تجلس بين سيقان البردي في مستنقعات الدلتا وقد أنهكها التعب أنصتت إلى صوت رياح الشمال وهي تهمس في أذنيها بأن الإله أوزريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس الذي حملت عنه رسالته إليها .


ومضت "إيزيس" إلى بيبلوس ودخلت على الملكة عشتروت التي أكرمت وفادتها واتخذتها نديمة لها وكانت إيزيس كلما أقبل المساء تحول نفسها بقوتها السحرية إلى نسر مقدس فتحلق في السماء وتحوم حول الشجرة تناجي روح زوجها . ثم حدثت المعجزة وحملت "ايزيس" من روح "اوزوريس" ولم يمسسها بشر . فحملت الطفل حورس في أحشائها ورجعت إلى أرض مصر حيث أخفته بين سيقان البردي في أحراش الدلتا إلى أن كبر وحارب الشر وأعوانه وخلص الإنسانية من شرور "ست" .


وبعد ولادة حورس عادت إيزيس إلى بيبلوس وأرادت عشتروت الملكة مكافأتها فطلبت منها إيزيس أن تهديها جذع الشجرة الذي يضم تابوت زوجها فاهدته لها، وأمرت حراسها أن يحملوا جذع الشجرة إلى سفينة أعدتها لها، لتحملها هي وشجرتها المقدسة وتبحر بها إلى أرض مصر.


ولما وصلت أرض مصر أخرجت الجثة من تابوتها ونفخت فيها من أنفاسها فردت إليها الحياة، فباركها أوزوريس هي وابنها حورس ثم صعد إلى السماء، ليعتلي العرش ويصير ملكا للعالم الآخر ورئيسها لمحكمة الآخرة وقيما على الجنة والنار.


أما إيزيس فقد أطلق عليها المصريون القدماء اسم "موت نتر" أي الأم المقدسة التي تمنح الحياة وتفرج الكروب وتشرح الصدور.


وكان للثالوث المقدس من الحب والاحترام في نفوس المصريين واستمر اعتقادهم بهذه القصة على مدار التاريخ القديم خصوصا خلال فترات المحن والاضمحلال والأمل في الثالوث المقدس للنجاة. 


وأوضح د. لطيف، أن عيد الميلاد أو عيد أوزوريس وتمثيل الإله وقيامته من أعز ما يحتفل به المصريون ومن أهم أعيادهم الدينية نسبة الى حورس من روح الإله .


وكان يحتفل بهذا العيد في أول شهر كيهك ( كا هي كا ) أي  "روح على روح" الذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى ميلاد حورس من روح الإله، وهو رابع أشهر التقويم المصري حين تنحسر مياه الفيضان فتعود الخضرة إلى الأرض التي ترمز إلى بعث الحياة وقد اصطلح المصريون القددماء على تهنئة بعضهم البعض بقولهم "سنة خضراء" وهي من الاصطلاحات العامية التي عبرت القرون ومازالت تعيش على شفاهنا .


ومن أسطورة الثالوث المقدس أو أسطورة الميلاد نرى أن أوزريس قد عاش ومات وردت إليه الحياة ثانية فأصبح شجرة خضراء لذا كان المصريون القدماء يرمزون للحياة المتجددة بشجرة خضراء.

 

اقرأ أيضا | «حكايات| سر ثقب أبو الهول «المريب».. بحيرة وسراديب ومدينة أسفل التمثال»