«أخبار النجوم» تفتح كشف حساب للمهرجانات الفنية.. الأوبرا المصرية تحفظ ماء الوجه للأغنية

مهرجان  قلعة صلاح الدين للموسيقى
مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى

عمر السيد

رغم أن مصر تعتبر الدولة الأولى في الشرق الأوسط والثانية في العالم التي أدخلت السينما فور اختراعها، كما أنها من أوائل الدول التي كان المسرح رافداً رئيسياً في الفن لديها، إلا أنها من ناحية المهرجانات الفنية لا ترقى إلى مصاف المهرجانات العالمية، مثل "كان" و"فيينا" وغيرهما من المهرجانات التي أصبحت من أهم المهرجانات في العالم.
 

"أخبار النجوم" فتحت كشف حساب للمهرجانات الفنية في مصر، وأسباب تأخر مكانة المهرجانات المصرية بين مثيلتها من مهرجانات العالم، ولماذا لا توجه الدعوات لنجوم العالم للحضور وغيرها من الأسئلة التي يجيب عنها المختصون والمهتمون بالشأن الفني في مصر.

على مدار سنوات لم يعد للساحة الغنائية المصرية تمثيل على مستوى المهرجانات والفعاليات الدولية التى تقام سنويا على مستوى الساحة العربية، إلا من خلال مهرجانى الموسيقى العربية وقلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء التابعين لدار الأوبرا المصرية، واللذين شهدت دورتاهما لهذا العام قدراً كبيراً من التميز والتألق أشاد به الجميع جمهوراً ونقاداً.

فيما يلى نستعرض سر نجاح واستمرارية الأوبرا المصرية فى حفظ ماء وجه الساحة الغنائية في مصر، في ظل تواجدها والتمثيل الجيد لها على المستوى العربي من خلال هذين المهرجانين، كما نتطرق لعرض الأسباب التى أدت لتراجع وتقلص هذا التمثيل، من خلال عرض أسباب فشل بعض التجارب الأخرى فى هذا المجال، التى لم يحالفها الحظ فى البقاء والاستمرارية.

فى البداية اعتبر الموسيقار حلمي بكر أن السبب الرئيسى وراء هذه الحالة أننا كنا نعانى وبشكل واضح من أزمة كبيرة متمثلة فى عدم استطاعتنا إقامة مهرجان جماهيري قوي يستطيع تمثيل بلادنا على الساحة العربية، رغم امتلاكنا العديد من المقومات التى تؤهلنا لذلك، وأهمها العنصر الفنى المتمثل فى وفرة العديد من الأصوات الغنائية الشابة إلى جانب مطربينا الكبار، لكن دون تأثير، إذ إننا كنا نعاني من مشكلتين رئيسيتين هما الإدارة والتمويل. ومشكلة التمويل كانت هي الأبرز حيث إنها كانت السبب الرئيسي وراء عدم استمرارية العديد من المهرجانات والتي كانت تعتمد بشكل كلى على مساهمات رجال الأعمال، وقد عانيت من هذا الأمر على المستوى الشخصى، حيث كانت لى تجربة سابقة منذ سنوات عديدة فى إقامة مهرجان دولي بالقاهرة أقيم تحت عنوان “مهرجان الغناء الدولي”، ولكن كثرة الأزمات التى كانت تواجهها إدارة المهرجان أدت لتوقفه.
ويكمل بكر: لذا كنت أعتبر دائماً أن إقامة مهرجان جماهيري وقوى تحتاج وبشكل كبير إلى دعم وإشراف من إحدى هيئات الدولة، بالإضافة إلى حسن الإدارة والطموح، وهو ما يمكننا القول بأنه تحقق بدرجة كبيرة مع مهرجان الموسيقى العربية، الذى بات فى تطور مستمر من عام الى آخر حتى أصبحت له جماهيرية وشعبية كبيرة، تحول معها من مهرجان نخبوي إلى كرنفال جماهيري يقدم كافة الأنماط الغنائية الهادفة مع الحفاظ على رسالته فى إحياء الموسيقى العربية والنهوض بها.. كذلك بالنسبة لمهرجان الأوبرا الصيفى الذى أصبحت شعبيته وجماهيريته فى تزايد مستمر أيضاً من عام إلى عام، خاصة فى ظل جهود ودعم وزارة الثقافة المصرية له وتخفيض أسعار تذاكر حضور حفلاته التى باتت فى متناول الجميع.

دعم مؤسسي

واتفق معه فى الرأى الموسيقار منير الوسيمي، الذى كانت له تجربتان أيضاً فى إطلاق وتأسيس عدد من المهرجانات الغنائية منها “الأغنية المصورة، حيث أكد فى بداية حديثه على أننا كنا نعاني من تراجع قوي وملحوظ فيما يتعلق بنشاط إقامة المهرجانات الغنائية، حيث كانت أهم أسباب هذا التراجع عدم تدخل هيئات الدولة وأولها وزارة الثقافة فى التخطيط والإشراف على إقامة مهرجان غنائى دولى قوى، كما هو الحال فى أغلب بلدان الوطن العربى، على الرغم من أنها كانت تتبنى وتقوم بالإشراف على مهرجانات بمجالات فنية، وفيما يتعلق بالوضع الحالى، أكد الوسيمى أن الحال بدأ يتغير بدرجة كبيرة وتحديداً منذ بضع سنوات مع النجاحات المتوالية التى باتت تتحقق من تعاون وزارة الثقافة المصرية مع دار الأوبرا فى تدعيم عدد من مهرجاناتها السنوية بشكل أكثر فاعلية ومنها مهرجانات الموسيقى العربية.
وأضاف الوسيمى: كنت أؤكد دائماً أن لدينا من الخبرات والموارد والإمكانات الفنية التى تؤهلنا للتواجد على خريطة المهرجانات الدولية، ولكن كان ينقصنا الدعم المستمر.. وفيما يتعلق بمستوى المهرجانين الأبرز على الساحة حالياً اعتبر الوسيمى أن “الموسيقى العربية ومهرجان القلعة الدولى” هما الأبرز والأكثر قدرة واستطاعة على تدعيم مكانتها الفنية فى مجال الأغنية على مستوى الساحة العربية، وهذا ما أوضحه قائلا: منذ سنوات لاحظت تطوراً يستحق الإشادة فى المنهج والخطة التى يسير عليها مهرجان الموسيقى العربية والقائمون عليه والدليل على ذلك النجاح القوى والملحوظ لدورته الأخيرة، إضافة إلى الإقبال الجماهيرى الكبير الذي حظيت به كل فعاليات هذه الدورة، التى ضمت العديد من المفاجآت الفنية، والأهم من ذلك أنه أصبح قبلة للعديد من فناني ومطربي الوطن العربي لقدرته على استيعاب وتقديم العديد من الألوان الموسيقية من كافة الشعوب والثقافات العربية المختلفة.

تضافر الجهود

على الجانب الآخر اعتبر الموسيقار صلاح الشرنوبي أن الدعم المادي لم يكن السبب الرئيسي أو أكبر المعوقات التى كانت تواجهنا وتسببت فى عدم استطاعتنا لسنوات طويلة تقديم مهرجان غنائي قوي يصلح لتمثيل مصر أمام العالم العربى، وإنما كانت هناك إشكالية أخرى متمثلة فى خلق حالة من التعاون وتضافر الجهود بين المسئولين من ممثلي الدولة أو الحكومة وبين فناني هذا البلد، وهو ما حدث خلال الدورة الأخيرة من مهرجان الموسيقى العربية الذى تضافرت فيه كافة جهود العاملين بوزارة الثقافة المصرية وادارة الأوبرا إلى جانب كتيبة الفنانين الذين ظهروا خلال فعالياته، وهناك أيضًا مساهمة الدولة من خلال تولي الشركة المتحدة بث حفلات المهرجان، لذا أعتبر أن هذا المهرجان كان أشبه ببورتريه تجلت في كل تفاصيله كم الجهود التى بذلت من أجل نجاحه وظهوره بصورة مشرفة للجميع.
  

 واتفق معه فى الرأى د.عاطف إمام العميد الأسبق لمعهد الموسيقى العربية، الذى أكد أن الساحة المصرية افتقرت لسنوات عديدة القدرة على المنافسة دوليا من خلال مهرجان غنائى قوى وفعال، باستثناء محاولات دار الأوبرا فى إقامة مهرجان الموسيقى العربية، الذى أصبح الآن بفضل استمراريته وجهود القائمين عليه واحداً من أبرز المهرجانات التى تقام على الساحة المصرية والعربية، وأيضا مهرجان قلعة صلاح الدين الذى اكتسب الصفة الدولية منذ عدة سنوات.. وأضاف لقد شهدت الساحة المصرية تجارب عديدة فى هذا المجال إلا أن جميعها لم يستطع الاستمرارية بسبب الضغوط والاحتياجات التى من أبرزها التمويل المادي والدعم سواء على مستوى الإشراف أو التنظيم، ولذا اعتبر أن أنجح المحاولات التى خضناها فى هذا المجال كانت من خلال مهرجانات الموسيقى العربية والقلعة الصيفى، خاصة أنهما أصبحا يتمتعان بشعبية وجماهيرية كبيرة لدى الجمهور المصري- إلى جانب الجهد والدعم الذي يحظيان به من قبل الأوبرا ووزارة الثقافة المصرية- وهذه من أهم الصفات التى من الضروري توافرها لأى مهرجان قوي وله تأثير.

اقرأ أيضا | رئيس مهرجان جنوب سيناء: أرض الفيروز محور هام يجمع بين العديد من الحضارات