مسؤولان أمميان يؤكدان ضرورة التوصل لحل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري

مبعوث الأمين العام الخاص إلى سوريا غير بيدرسون
مبعوث الأمين العام الخاص إلى سوريا غير بيدرسون

مع اقتراب السنة الجديدة، أكد مسؤولان أمميان رفيعان على ضرورة منح السوريين الأمل في المستقبل، وشددا على أهمية الحل السياسي الشامل الذي يتماشى مع القرار 2254 ويلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين ويعيد سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.

وعقد مجلس الأمن جلسة لمجلس الأمن اليوم الأربعاء حول الوضع في سوريا استمع خلالها إلى إحاطتين حول الوضع السياسي والأمني قدمهما- عبر الفيديو- مبعوث الأمين العام الخاص إلى سوريا ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.

في الإحاطة الأولى، أشار مبعوث الأمين العام الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون إلى زيارته إلى دمشق قبل أسبوعين لمواصلة محادثاته مع الحكومة السورية حول دفع العملية السياسية لتنفيذ القرار 2254، مشيرا إلى أن الظروف على الأرض تشير إلى اتجاهات مقلقة: "يواجه السوريون أزمة إنسانية واقتصادية متفاقمة - داخل وخارج البلاد- وفي كل من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، حيث لا يزال الوضع أكثر خطورة، خاصة في مخيمات النازحين".

وقال مبعوث الأمين العام إننا نتعامل مع وضع يأتي نتيجة أكثر من عقد من الحرب والصراع، والفساد وسوء الإدارة، والأزمة المالية اللبنانية، وفيروس كورونا، والعقوبات، وتداعيات الحرب في أوكرانيا".

ديناميكيات خطرة

وأشار إلى ما وصفها بالديناميكيات الخطرة التي تؤثر على المدنيين ومن بينها التقارير التي تفيد بوقوع غارات جوية حكومية متفرقة في الشمال الغربي، وغارات جوية تركية في الشمال وضربات في دمشق والجنوب الغربي منسوبة لإسرائيل.

ست أولويات ضرورية

وأكد الممثل الأممي على الحاجة إلى تغيير هذه الديناميكيات المقلقة، مسلطا الضوء على ست أولويات قال إننا نحتاج إلى التركيز عليها، مشيرا إلى أنه ظل يعمل على كل هذه القضايا خلال لقاءاته الدبلوماسية مع الأطراف السورية ومع أصحاب المصلحة الدوليين.

الأولوية الأولى هي التراجع عن التصعيد واستعادة الهدوء النسبي على الأرض.

الإجراء الثاني هو تجديد إطار عمل هذا المجلس على الصعيد الإنساني.

وقال بيدرسون إن الوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين المحتاجين في جميع أنحاء البلاد، بجميع السبل، لا يزال أمرا ضروريا.

ثالثا، الحاجة إلى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية وجعلها أكثر موضوعية في جنيف.

وكرر استعداد الأمم المتحدة لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بمجرد أن يكون هناك استعداد للقيام بذلك من قبل الآخرين.

رابعا، إعطاء الأولوية للعمل على قضية المحتجزين والمختفين والمفقودين. وقال مبعوث الأمين العام إنه شدد في دمشق على أهمية تبادل المعلومات حول المعتقلين والإفراج عنهم.

النقطة الخامسة هي تعزيز الحوار من أجل تحديد وتنفيذ تدابير بناء الثقة الأولية خطوة مقابل خطوة.

وقال بيدرسون إنه تبادل حديثا مطولا مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في دمشق، مرحبا بالدعوة للعودة إلى دمشق في العام الجديد لإجراء جولة جديدة من المحادثات.

وقال إنه التقى في جنيف مع بدر جاموس، رئيس هيئة المفاوضات السورية وناقش معه مجموعة من القضايا في القرار 2254، بما في ذلك الخطوات التي يمكن لجميع الأطراف اتخاذها للمساعدة في بناء الثقة وإنهاء معاناة الجميع.


المرأة السورية لا تزال صامدة

سادسا وأخيرا، أكد بيدرسون أنه سيستمر في الاعتماد على مشورة ورؤى المجلس الاستشاري النسائي؛ وسيستمر في مراعاة إدماج المنظور الجنساني في كامل عملنا؛ وسيواصل الانخراط مع مجموعة واسعة من السوريين من خلال غرفة دعم المجتمع المدني، لتعزيز الحوارات الفنية حول القضايا ذات الصلة بالعملية السياسية ولضمان المشاركة الشاملة.

"لا تزال النساء السوريات صامدات بشكل مثير للإعجاب، ويتحملن مصاعب متزايدة، لا سيما كربات أسر. وتمكينهن أمر أساسي".

عام 2022 يشهد تحطيم أرقام قياسية سلبية
من جانبه أشار مارتن غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ إلى تحطيم العديد من الأرقام القياسية في عام 2022، لكنها كانت سلبية للغاية على حد تعبيره:

"استمرت الأعمال العدائية في إلحاق خسائر فادحة، خاصة على طول الخطوط الأمامية. في الشمال الغربي وحده، قُتل ما لا يقل عن 138 مدنيا وأصيب 249 آخرون بين يناير ونوفمبر، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص في عام 2023".

وقال غريفيثس إننا لم نرَ مثل هذه الأرقام منذ بداية الأزمة في سوريا عام 2011، مشيرا إلى أن أكثر من 12 مليون شخص - أكثر من نصف السكان - يكافحون من أجل وضع الطعام على المائدة، وحذر من إمكانية أن ينزلق ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص إلى حالة انعدام الأمن الغذائي.

وقال إن التدهور الاجتماعي والاقتصادي هو الأسوأ منذ بداية الأزمة، معربا عن خشيته من ألا يوفر عام 2023 الكثير من الراحة للشعب السوري.


وفاة 100 شخص وإصابات الآلاف بسبب الكوليرا

على صعيد ذي صلة، أشار غيريفيثس إلى أن عام 2022 شهد أيضا عودة الكوليرا إلى الظهور لأول مرة منذ 15 عاما، بسبب الضغط الشديد الواقع على النظام الصحي.

"تحدث فاشيات الكوليرا عادة في المجتمعات التي تكافح من أجل الحصول على المياه الصالحة للشرب وفي أماكن أخرى. تضررت البنية التحتية للصحة العامة والصحة العامة بسبب النزاعات أو الكوارث الطبيعية".

وأفاد المسؤول الأممي بأن هناك حوالي 62 ألف حالة يشتبه بأنها كوليرا حتى 18 ديسمبر، فيما توفي 100 شخص بسبب المرض.

وقال إن الشركاء في المجال الإنساني استجابوا لتفشي المرض من خلال زيادة قدرات المراقبة والاختبار، ومراقبة جودة المياه، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتعزيز الوعي.

وأكد غريفيثس الحاجة إلى تمويل إضافي لمواصلة الاستجابة للفاشية، بما في ذلك من خلال توفير الإمدادات الطبية والدعم للمختبرات وتدريب العاملين الصحيين.

أهمية تجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود
وقال وكيل الأمين العام إن توقعات التمويل العام لسوريا غير مشجعة. وقد تلقت خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 تمويلا بنسبة 43 في المائة فقط مع تبقي أيام قليلة على نهاية عام 2022.

وفي أقل من ثلاثة أسابيع، من المقرر أن ينتهي سريان القرار 2642 (2022)، الذي يسمح لنا بإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا. وشدد غريفيثس على ضرورة السماح بتقديم المساعدة لجميع من يحتاجونها، بغض النظر عن مكان وجودهم.

وحذر من أن عدم تجديد القرار يعرض إيصال المساعدات التي يحتاج إليها الناس بشدة للخطر في خضم تفشي الكوليرا ومع قدوم الشتاء. وأكد على ضرورة ألا ندع عام 2023 يكون هو العام الذي يتم فيه قطع شريان الحياة عبر الحدود - ببساطة لا يوجد بديل.


المندوب السوري: بلادي تعاملت بإيجابية مع المبادرات الرامية للحل السياسي
من جانبه، قال المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة، السفير بسام صباغ، إن حكومة بلاده بذلت جهودا كبيرة في مكافحة الإرهاب وتمكنت من تحرير مساحات واسعة من الأراضي السورية من سيطرة المجموعات الإرهابية وإعادتها إلى كنف الدولة السورية.

 كما قامت بموازاة ذلك بإتباع مسار التسويات المحلية والمصالحات الوطنية كطريق لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها، إلى جانب إصدار العديد من مراسيم العفو الرئاسية، على حد تعبيره.

وقال إن هذه الإجراءات ساهمت في عودة الكثير من السوريين إلى بيوتهم وحياتهم الطبيعية، وعززت الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع السوري، وحققت الاستقرار على نحو مستدام.

من جهة أخرى، قال السفير السوري إن بلاده "تعاملت بإيجابية مع الجهود والمبادرات الصادقة التي قدمت في إطار المسار السياسي، حيث دعمت الاجتماعات التي عقدت بصيغة أستانا، وأكدت متابعتها لعمل اللجنة الدستورية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي عام 2018، وحافظت على التواصل مع السيد غير بيدرسون المبعوث الخاص إلى سوريا، الذي زار دمشق خلال هذا الشهر، والتقى مع السيد وزير الخارجية والمغتربين الذي أكد له ضرورة أن يقرر السوريون وحدهم مصيرهم ومستقبل بلادهم وبدون أي تدخل خارجي، إلى جانب ضرورة وقف انتهاك السيادة السورية، والرفع الفوري للتدابير القسرية الأحادية اللاشرعية واللا إنسانية".