احم احم !

سيكولوجية البطل

هشام مبارك
هشام مبارك

رغم سماعى لتعبير سيكولوجية البطل كثيرا من قبل، لكنى أقر وأعترف أننى لم أشاهد تجسيدا عمليا لهذا التعبير- بعيدا عن الكتب والكلام النظري، إلا عندما شاهدت مباراة الأرجنتين وفرنسا فى نهائى مونديال قطر.

المباراة بين بطلين كبيرين أحدهما هو حامل اللقب ولديه حافز كبير للحفاظ عليه والعودة بالكأس مرة أخرى لباريس، كيف لا يحلمون بهذا ولديهم كليان مبابى ذلك الشاب الصاروخى الذى لا يشق له غبار، والثانى فريق مهارى يلعب الكرة للمتعة ويتمنى أن يتوج بالكأس ليس فقط لإسعاد شعب الأرجنتين الولهان بكرة القدم ولكن كذلك لأنهم يرون أن الفوز هو أقل هدية يستحقها نجمهم الكبير ليونيل ميسي، سواء اختلفت أو اتفقت معه، أحببته او كرهته.فشعب الأرجنتين يريد لميسى أن يختم حياته وهو ملك على عرش كرة القدم بعد أن ظل طويلا وليا لعهد الملك الأصلى مارادونا.

نعم لقد استمر ميسى فى منصبه فترة أطول من اللازم وسجل رقما قياسياً فى ولاية العهد ربما لا ينافسه فيه سوى الرقم الذى سجله تشارلز الثالث ملك بريطانيا العظمى الذى بقى وليا للعهد 64 عاماً قبل أن يتولى مؤخراً العرش خلفا لأمه الملكة اليزابيث.

مجموعة كبيرة من الدروس حفلت بها المباراة الاسطورية لعل أهمها أنك لو كنت فعلا تشعر بأنك بطل ولديك كل مقومات البطولة فلن يستطيع أحد أن يهزمك إلا لو فقدت إيمانك بنفسك ولو للحظة بسيطة.لقد انتهى الشوط الأول بتقدم الأرجنتين بهدفين مقابل لا شيء.

أنا عن نفسى اعتبرت المباراة قد انتهت وقمت من أمام الشاشة غير مكترث بمتابعة الشوط الثاني، ففى مباراة مثل تلك يكون من الصعب أن يفرط فريق فى الفوز وأن يترك الفرصة لمنافسه أن يعوض فارق الهدفين.

لذا لم أصدق نفسى وأنا أسمع صيحات الناس على المقاهى وفى البيوت والشوارع.سألت فقالوا فرنسا عادلت النتيجة.

عدت صاغراً لمشاهدة ما كنت أظنه مستحيل الحدوث.

فهمت وقتها أنك ستظل بطلاً ما لم تستسلم للهزيمة، وأن الهزيمة ليست فى خسارة مباراة، إنما الهزيمة الحقيقية فى الاستسلام.وجدت الفتى كليان قد عاد بفريقه للمنافسة من جديد.

حتى عندما أحرزت الأرجنتين هدفا فى الشوط الرابع وباتت قاب قوسين أو ادنى من منصة التتويج، لم يستسلم البطل الفرنسى وظل مهاجما حتى حصل على ضربة جزاء عادل بها النتيجة من جديد، بعد أن تصدى لها مبابى بكل عزيمة كانت واضحة على وجهه وهو يتقدم لسداد الكرة بمنتهى الثبات الانفعالى، لا يليق بالبطل أن يهتز ويفقد السيطرة على أعصابه حتى وهو فى أحلك الظروف.

درس جديد وعبرة مستفادة لمن أراد أن يكون بطلا. وهكذا تم اللجوء لضربات الجزاء الترجيحية.

لا أبالغ لو قلت أنى وكثير من مشاهدى المباراة قد نجحنا فى التوقع بمن سيصيب الهدف وبمن سيخيب من خلال تعبيرات وجه اللاعب التى نقلتها لنا الكاميرات وهو متوجها لتسديد الكرة.

فكان من الطبيعى أن يحرز ميسى كعادته بكل ثبات وهدوء وكذلك فعل البطل الآخر مبابي.

ثم تصدى لاعبان من فرنسا كانت تعبيرات وجهيهما تدل على أن شبح الهزيمة قد لاح وأن لحظة الاستسلام قد حانت وهنا مربط الفرس فالبطل لا يستسلم حتى صافرة النهاية وهو على يقين أنه قادر دائما على الحسم لصالحه.

لن تكون بطلاً مقنعاً للآخرين إلا لو اقتنعت بذلك من الداخل، وساعتها لن تهزم حتى لو خسرت جولة أو اكثر، أنت تنتصر ما لم تستسلم.

اجتهد ، وأدى ما عليك وابذل كل نقطة عرق من البداية للنهاية وستكون فائزا حتى لو خسرت، ، فشكرا لكل من علمونا وسيعلمونا دروساً كل يوم.

وعلى رأسها الدرس الأهم: قم بإخماد ضعف العقل والقلب قف قائلاً انا ممسوس بالبطولة لدى عقل ثابت، لا تسمح أبداً للضعف بأن يسيطر على عقلك، فهذه هى سيكولوجية البطل.