«الدوبلير».. أبطال مشاهد «الأكشن» الحقيقيون يتكلمون

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتبت: دينا الماهر

مشاهد الانفجارت والأكشن والمعارك الدائرة داخل أحداث العمل الدرامى أو السينمائى، لا يعلم الكثير من المشاهدين حقيقة الجهد المبذول الذي يبهرهم، ولا يعلمون حقيقة المخاطرة لصنع تلك المشاهد، لتظل هوية صانعي الأكشن الحقيقيين، الذين يقتصر دورهم خلف الكاميرا، مخفية لا يعلم عنها أحد شيئاً.

كواليس تلك الأعمال تكشف عن الجانب الحقيقى لمشاهد الأكشن قبل طبخها وإعدادها كوجبة جاهزة للنجم، لكن الأبطال الحقيقيون هم بالفعل الجنود المجهولة بالقصة، فهم من يواجهون المخاطر، سواء كان مصمم المعارك أو الدوبلير، في هذا التحقيق التقت “أخبار النجوم” مع بعضهم ليتحدثوا عن الكواليس ومدى الخطورة التي يتعرضون لها لوصول فكرة المشهد للجمهور، وعن حجم المخاطر التى يتعرضون لها ومسألة التأمين على حياتهم وشروط اختيار الدوبلير ومدربي الأكشن. 

أحمد منير الشهير بـ”كازومي” هو استاند كورنيتور بإحدى الشركات ومصمم معارك سينمائي ومنفذ مشاهد الانفجارت وصاحب خبرة في المجال السينمائي أكثر من عشر سنوات، عمل مع العديد من مصممي المعارك العالميين منهم أندرو ماكينزى وأيضاً عمل لسنوات مع عمرو ماكجيفر مصمم المطاردات الشهير، وغيرهما، ونجح بأن يكوّن فريقه الخاص الذي أسند إليه القيام ببمشاهد الأكشن في الكثير من الأعمال مثل “الممر و”ما وراء الطبيعة” و”الغرفة 207”، وكل ما يتطلب المخاطرة ومشاهد الانفجارت والحرائق وما إلي ذلك، فهو صاحب أهم اللحظات التي يدور حولها العمل الفني.

لا يمكن المخاطرة
في البداية قال إنه هو من يقوم بتصميم كل ما يتعلق بالأكشن بصفة عامة بداية من التحضيرات الخاصة بالمشهد واختيار المكان والمعدات المناسبة ونظام الأمان وتحديد حجم المخاطرة التي سيتعرض لها بطل العمل وتدريبه هو والدوبلير عليها، وقد تطول مدة التدريب لذلك المشهد ما يقرب لأسبوع خارج نطاق التصوير بحيث لا يتم تكرار المشهد أكثر من مرة ويجيد إتقانه الممثل أو الدوبلير فهو يصمم كل شيء من الألف إلى الياء حتى يظهر مشهد العراك أو الانفجار حقيقياً للمشاهد، لكن ليس حقيقياً لصاحبه دون حدوث أي إصابات، فذلك يكلف وقتا ومجهودا كبيرين جدًا واذا حدث شيء، فيكون نادراً للغاية لأنني أكون على حذر في تنفيذ كافة التفاصيل وعلى علم ودراسة بكل شيء وتعلمت علي يد شركات عالمية فالأمان هو رقم واحد في تلك المهنة ولا توجد فرصة واحد في المليون للمخاطرة بحياة أحد أما إذا حدث شيء ففي تلك الحالة يكون جانب الإنتاج مكلفاً بنصف تكلفة العلاج للمصاب وأنا مكلف بالنصف الآخر.

فإذا كان الأمان متوافراً لتلك الدرجة فأكد أنه يمكن الاستغناء عن الدوبلير للممثل أثناء التصوير، موضحاً ذلك بأنه يكون خوفاً نابعاً من الممثل من رهبة المشهد وأصوات الانفجار لكن من جانب الأمان فلن يحدث له أي أضرار نهائياً، وبالتالي من الممكن أن ينفذ مشاهد الخطر بطل العمل بنفسه دون الحاجة لدوبلير؛ لكن خوف البطل قد يجعل المشهد غير واقعي وفي هذا الحالة يقوم الدوبلير بالتنفيذ وقد يكون ذلك المشهد حريقاً في جسده أو قفزاً من أعلى برج، لكنه يكون مؤمناً. 

وأكد أنه بالطبع لا يسمح لأي دوبلير بأن يقوم بتلك المشاهد الخطرة، فإن لم يكن مدربًا جيدًا ولديه الخبرة الكافية بتلك المشاهد وصعوبة تنفيذها قد تحدث كوارث حتى إذا كان هناك نظام أمان على درجة عالية فيجب أن يكون دوبلير الأكشن لديه لياقة بدنية عالية وجسم مرن وملم بكافة الألعاب الخطرة كالملاكمة والجمباز والقفزات المرتفعة وما إلى ذلك فيجب أن يكون صاحب مصطلح (الجوكر) فالشكل ليس مقياساً أول للدوبلير وليس للإنتاج حق في التدخل فمصمم المعارك هو الذي يحدد من يناسب ذلك الدور ومن سيتقن تنفيذ تلك المشاهد الخطرة دون حدوث أي إصابات. 

اقرأ أيضًا

مصمم معارك في السينما: "مش عارف ليه بيتم الاستعانة بأجانب في مصر" |فيديو

ولجزئية الأمان فهناك مطالب كثيرة جدًا يجب توافرها من قبل شركة الإنتاج، مثلًا سيارة إسعاف أو سيارة إطفاء ووجود طبيب فكل ذلك يتطلب وقتاً وتصريحات لتواجدهم في موقع التصوير وإذا حدث تفاوض من الإخراج أو الإنتاج في ذلك الأمر فعلي الفور أقوم بالانسحاب من المكان، فإذا حدث أي شيء سأكون أنا المسئول الأول والأخير، فمدربو الأكشن هم من تقع عليهم المسئولية التامة خلف وأمام الكاميرا، لتنفيذ مشهد أكشن بدرجة أمان وجودة عالية، ومروراً بكافة الصراعات الداخلية ومواجهة المخاطر التي من الممكن التعرض لها بطبيعة عملهم، فكل ذلك المجهود ينتهي خلف الكاميرا وعندما يظهر لا يأخذ سوى لحظات أمام الجمهور في مشهد انفجار أو لحظة هجوم أو معركة، فكل ذلك قد يهدر حقهم وعدم معرفة الجمهور من هم أبطال القصة الحقيقيون.

وأكد كازومي انزعاجه الكبير من ذلك الأمر هو وباقي فريق عمله، موضحًا أنه بالخارج يكون لدوبلير الأكشن ومصممي المعارك دور بارز في كافة الأعمال بخلاف هنا فحقهم في الظهور قد يكون مهدورًا بشكل كبير، مؤكداً أن القيمة الحقيقية للعمل الفني تكمن في ظهور أبطال ما وراء ذلك العمل. 

الأمر يختلف
أما مصمم المعارك السينمائية أحمد عبدالله فالأمر عنده يختلف، فجزئية الظهور أمام الكاميرا كانت لا تشغل حيزاً كبيراً من تفكيره بسبب أنه هاوي قبل أن يكون ممارسا لمهنته فهو محب للحركة وكثير التفكير والإبداع وحضور الذهن طوال الوقت. 

فهو يؤكد أنه بفريقه يعملون على الابتكار دائماً لإثارة دهشة المشاهد وتدخل الحيرة في عقله وجعله يبحث كيف تم تنفيذ ذلك دون حدوث أضرار حقيقية، وبالتالي يعلمون عن هواية صانعي الحدث الحقيقي، فهو صاحب خبرة ما تزيد عن 20 عامًا في ذلك المجال فقام بتقديم “حرب كرموز” و”الخلية” و”كلبش”، وكافة أجزاء “الاختيار”، موضحًا أنه من يقوم بكافة المشاهد الخطرة والمعارك القتالية وأن جزء المطاردات له متخصصون لكي يظهر المشهد بشكل طبيعي، فكل شيء منها له عقبات خاصة به يملك حلها من لديه خبرة سابقة به ومن تلك الصعوبات التي تواجهنا نحن كمدربي معارك هي مقياس الوقت والمدة الزمنية التي نأخذها لعمل التحضيرات فتكون قصيرة جدًا والبروفات تكون عائقاً كبيراً فذلك يتطلب احترافية كبيرة من مصمم تلك المشاهد ومؤديها. 

وعندما جاء الحديث علي فكرة المؤدي لتلك المشاهد أكد عبدالله أنه من الضروري أن يكون يمتلك شخصية ذكية، ولائقاً بدنيًا وعقليًا، بخلاف الشبه والقوة وسرعة الحركة فقدرته على استيعاب متطلبات المشهد تسهل كثيراً من تنفيذ العمل دون الحاجة لمزيد من الوقت مؤكدًا أنه ليس لدى شركة الإنتاج الحق في التدخل عند اختيار تلك الشخصية وإذا حدث التدخل يكون من الجانب الإخراجي فقط وتأتي في الاختلافات الشكلية، لكن المهارات فهي من اختيار مصمم المشهد، وهي في النهاية وجهات نظر اعتيادية ويتفق عليها الجميع في النهاية من أجل مظهر متكامل للمشهد، مشيرًا إلى أن تلك المناقشات تكون من الجانب الفني فقط، وهناك مجهود كبير يعمل عليه الجميع من أجل إنتاج مشهد قد يأخذ ٤ أيام بروفات و٣ أيام تصوير ليصل تنفيذه لأسبوع، لكنه لا يتخطى بضع لحظات على الشاشة وذلك ما وضحه عبدالله بأن هناك جزء كبير مهدور من حقهم في الظهور أمام الجمهور بخلاف ما يتم في البلاد الأخرى. 

وذكر أنه سبق له العمل مع مشاهير معارك كثيرين مثل أندرو وداندي وكال في بداية ظهورهم في مصر ووجد أنه ليس هناك فرق كثير بينهم وبين مدربي مصر، فهم قد يأخذون وقتهم بأريحية أكثر ويعمل تدريبات لمدة أطول وبالتالي ينفذ المشهد بشكل طبيعي للغاية. 

اختلافات
وأكد علي ذلك جمال بسيوني، مصمم معارك ومؤسس فريق stunt steel، فهو عمل مع فرق أكشن أجانب كثيرة وآخر عمل اشترك فيه مع مصمم أكشن كوري، حيث أكد وجود في اختلافات بينا وبينهم خاصة شكل المشاهد القتالية، لأن كل دولة يكون لها طراز خاص بها مثلًا الشكل الأوروبي والآسيوي بينهما اختلاف كبير في طريقه التصميم والتصوير وبالتالي يظهر المشهد بطريقة مختلفة. 

وذكر أنه منغمس بمجال الأكشن حوالي 14 عاماً داخل وخارج مصر، موضحًا أنه هو من يرسم ويصمم كل ما يخص مشاهد الأكشن فواجه صعوبات مثل الصعوبات التي يواجهها أي كوردنيتور، وكثيرون غيرهم، على سبيل الذكر الطبيعة الجغرافية لبعض الأماكن التي يقوم بالعمل عليها، وما يصعب الأمر عليهم أكثر من العادي، هو أنه بعد كل الجهد المبذول يتم إهدار كل ذلك الوقت والمجهود في القيام بحذف أجزاء من مشاهد الأكشن التي تكون نفذت بالفعل وتم الانتهاء من تصويرها، مؤكدًا أن ذلك يسبب إزعاجاً رهيباً لأي فريق أكشن بل ويحبط من معنوياتهم. 

وصرح بأن هناك بعض المنتجين المعروف عنهم التدخل في كافة أمور العمل، أكشن وغير أكشن، لكنهم قليلون في المجال، وإذا كان لهم تدخل قد يكون بسيطاً أو رؤية شيء بزاوية معينة فيكون في الغالب لا يؤثر على الشكل النهائي للمشهد أما إذا تم الحذف فتلك الطريقة التي تؤثر علي باقي المشاهد والمؤدي لها، وإذا جاء أيضا تعديل على التأمينات المطلوبة وقت تنفيذ المشهد يكون وقتها القرار حازماً وصادراً من مصمم المشهد فقط فهو أكثر شخص على دراية بالأمر وصاحب خبرة فيما يفعل. 

مستكملاً حديثه بأن الجانب الإخراجي يكون في تعاون مشترك مع فريق الأكشن لأنهم يعملون على تكامل بعض من أجل إنتاج لوحة متكاملة للمشهد بشكل عام. 
أما من الجانب الإنتاجي فتحدث أحد ممثلي شركة سينرجي للإنتاج بأنه يتم الدفع للمدربين الأجانب بالدولار، ويأخذون مبالغ باهظة ويتم التأمين على حياتهم وحياة فريقهم ومعالجة أي إصابات لهم داخل التصوير.

وأكد أن الإنتاج ملزم بكافة متطالبات مصمم المعارك، فليس من مصلحة أحد أن يتم المشهد بدون دقة أو أن يظهر للجمهور دون أي خلل، موضحًا أن المدربين قد يواصلون عمل بروفات وتدريبات، وقد تصل تحضيراتهم للعمل إلى ما يزيد عن شهر كامل، ومع ذلك إذا حدث شيء خطأ فالأمر يرجع بتعويضات بين الاثنين، مؤكداً أن هناك تأمينات على جميع العاملين بالمشاهد الخطرة والتأكد من سلامتهم وملتزمون بكافة المصروفات العلاجية في حالة حدوث أي إصابة للدوبلير، وذلك في حدود التصوير الداخلي والخارجي، لكن ذلك التأمين لا ينطبق عليه مدى الحياة. 

أما من وجهة نظر الجانب الإخراجي، فتحدث المخرج المسرحي طارق الإبياري عن مشاركته العمل مع الممثل البريطاني سكوت إديكنز الذي قام بكافة أدوار الأكشن بفيلم “حرب كرموز”، وهو يشاركه حاليًا في فيلمه “مطرح مطروح”، فلاحظ أنه مركز جدًا في دوره وشخص دوؤب للغاية وعلى دقة وحرص عالٍ في تنفيذ جميع مشاهده، فينتظر ما إن ينتهي من أداء مشهد ويذهب للكاميرا للتحقق من التسجيل ورؤية أدائه بنفسه، فهو يهتم بكل ما يفعله من الألف للياء سواء يتم التصوير أم لا، وينظر باستمرار كيف يمكن تنفيذ المشهد بأحسن جودة لديه، مؤكدًا أن رؤيته وهو يعمل بكل هذه الجدية كانت تدفعه للعمل دائماً.