ما أهداف تركيا من العملية البرية المتوقعة شمال سوريا؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت: مروى حسن حسين

في تجاهل صريح للتحذيرات الروسية، قصفت تركيا عدة أهداف في سوريا والعراق، وبعد4أيام من الضربات الجوية، أصدر الرئيس رجب طيب أردوغان تهديدات جديدة بشن عملية برية «قريبا» ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية على الرغم من دعوات واشنطن وموسكو لوقف التصعيد.

ويؤكد أردوغان أن الضربات التي قال وزير دفاعه إنها «قضت على 254 إرهابيا» كانت البداية فقط، وانه مصمم أكثر من أى وقت مضى على تأمين حدوده الجنوبية من خلال «ممر أمني» ، مع ضمان وحدة الأراضي السورية والعراقية.

وتشن تركيا عملية عسكرية جوية باسم «المخلب - السيف» على أهداف كردية بشمال شرق سوريا وشمال العراق أسفرت حتى الآن عن مقتل وإصابة العشرات، ردا على هجوم بقنبلة فى شارع تقسيم بإسطنبول قبل أسبوع أسفر عن مقتل ستة أشخاص، وألقت باللوم فيه على وحدات حماية الشعب. ولم تعلن أي جهة مسئوليتها، ونفى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب تورطهما. يرى محللون إن أردوغان يستغل الملف الأمني الآن من أجل حملة أخرى عبر الحدود فى شمال سوريا بعد ثلاث عمليات توغل مماثلة منذ عام 2016.

على غرار العملية العسكرية الأخيرة التي أطلقتها تركيا فى العراق، اتخذ أردوغان الاتهامات الموجهة إلى الفصائل الكردية السورية، ووجود أنباء عن أن الأمر بعملية تقسيم قد صدر من مدينة «كوباني» على الحدود التركية الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، مُبرراً -أمام الداخل التركي والمجتمع الدولي- لتسريع وتيرة العملية العسكرية في الشمال السوري، التي أعلن عنها أردوغان مؤخراً، سواء لتأمين حدود تركيا الجنوبية من خطر الإرهاب العابر للحدود، أو رغبة في استكمال مسار عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم الأصلي، لاسيما أن تلك الخطوة من شأنها أن تخدم شعبية أردوغان فى الداخل التركي قبل موعد الانتخابات، باعتبارها حماية للأمن القومي التركي، وحلاً لأزمة ملف اللاجئين الذى تحاول المعارضة التركية استغلاله فى حربها الانتخابية ضد أردوغان وحزبه الحاكم.

تم خلال عملية «المخلب - السيف» استهداف مناطق قنديل وآسوس وهاكورك في شمال العراق، وعين العرب (كوباني) ومنبج ومنطقة زور مغار وتل رفعت والجزيرة والمالكية فى شمال سوريا. وتم تدمير 89 هدفاً، من بينها ملاجئ ومخابئ وكهوف وأنفاق ومستودعات الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التى يقودها الأكراد. أصابت الضربة التركية بطائرة مسيرة قاعدة فى شمال شرق سوريا تستخدمها القوات الكردية والتحالف بقيادة الولايات المتحدة.

كما أصابت حقل نفط صغير بالقرب من بلدة القحطانية الحدودية.. وسبق أن شنت تركيا عمليات توغل عسكرية فى سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية، معتبرة إياها جناحًا لحزب العمال الكردستاني المحظور، والذى تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنه جماعة إرهابية.

وليست هذه المرة الأولى التي تهدد فيها العمليات التركية فى شمال سوريا الأفراد الأمريكيين، وفي عام 2019، تعرضت القوات الأمريكية في المنطقة لقصف مدفعي من مواقع تركية بينما شنت تركيا هجوما على الميليشيات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة فى ذلك الوقت.

وفى تطور لافت، قصفت مسيرة (درون) تركية ، الثلاثاء، قاعدة عسكرية مشتركة للتحالف الدولي ووحدات مكافحة الإرهاب في منطقة استراحة الوزير، شمال مدينة الحسكة، وأسفر الهجوم عن مقتل اثنين من مقاتلي وحدات مكافحة الإرهاب وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة.

ويرى مراقبون ان الهجوم الذى استهدف القاعدة العسكرية الروسية، سيكون له تداعيات سلبية على العلاقات بين أنقرة وموسكو . كما ان تصريحات المسئولين الاتراك حول الهجوم البري، يمثل رسالة واضحة للروس بأنهم مصممون على تصعيد عملياتهم.. وحذر خبراء من أن الحرب فى أوكرانيا أضعفت قوة روسيا فى ثنى تركيا عن شن المزيد من العمليات العسكرية فى شمال سوريا. لكن خبراء آخرين يقولون: أنه على الرغم من أن روسيا قد تكون أقل التزامًا عسكريًا فى سوريا هذه المرة، إلا أنه لا يزال يتعين على أنقرة شن حملة دبلوماسية دقيقة فى مواجهة استمرار التعاون بين موسكو ودمشق.

اقرأ أيضًا: قاعدة كوبينكا الجوية الروسية تنهي استعدادها لبدء فعاليات منتدى «الجيش 2022»

ويعتقد ان تركيا تسعى لاستغلال الضغوط الدولية التي تمارس على روسيا بسبب الحرب الاوكرانية والحاجة للوسيط التركي سيدفع موسكو حاليا الى عدم التصعيد عسكريا على الساحة السورية لكن الباب يظل مفتوحا على كل السيناريوهات فى خضم الصراع الجيوسياسي الذى يمتد من الشرق الاوسط الى الحدود الاوكرانية.

وتعتبر تركيا المنفذ الاكثر أمانا لصادرات الحبوب الروسية وموسكو تحتاج انقرة لكى تقوم بدورة التفافية على العقوبات الغربية وتتيح منافذ لصادراتها.

تأتى تلك الأحداث المتسارعة تزامنا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية فى يونيو 2023، والتي من المتوقع أن تعقد وسط حالة من الاضطراب والتوتر سواء على مستوى السلطة التركية متمثلة فى رجب طيب أردوغان وتحالف الشعب، أو على مستوى المعارضة التي تمثلها الأحزاب التركية بكتلتيها: «تحالف الستة» -الذى يضم أحزابا معارضة -وتحالف العمل والحرية-المُكون من 6 أحزاب كردية ويسارية، أو على مستوى الشارع التركي الذى يعانى ظروفا اقتصادية ومعيشية متردية، بعد فقد الليرة 40% من قيمتها، وارتفاع التضخم إلى أكثر من 85%، وانتشار البطالة، مع تنامى أزمة اللاجئين.

التداعيات السياسية الأخيرة ستسمح لأردوغان بتحويل التركيز العام من تضخم بنسبة 85٪ إلى قضية حققت مكاسب سياسية في الماضي.

وفى عام 2015، أدت سلسلة من الهجمات التي شنها تنظيم الدولة الإسلامية والمسلحون الأكراد في الفترة التي سبقت التصويت في نوفمبر إلى جعل حملة أردوغان ذات الطابع الأمني تلقى صدى لدى الناخبين، مما أدى إلى فوز مريح لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية.