أحمد الجمَّال يكتب: الصحافة السوداء!

أحمد الجمَّال
أحمد الجمَّال

عُرفت الصحافة الصفراء وراجت بوضوح على يد الصحفى الأمريكى ويليام هيرست (1863- 1951)، وهى صحافة غير مهنية هدفها إثارة الرأى العام لزيادة المبيعات ونشر الفضائح. ويرجع سبب تسميتها بـ«الصفراء» إلى أنها كانت تُطبع على ورق أصفر رخيص الثمن.

قبل نحو 23 عامًا حين دخلت إلى بلاط صاحبة الجلالة، كانت هناك صحفٌ ورقية صفراء فى مصر، تركِّز على توافه الأمور، وتنشر الأكاذيب، وتثير الجدل، وكنا نسميها «صفراء» أيضًا لبقائها على الأرصفة أيامًا دون إقبال القراء عليها، فيصير لون ورقها أصفر بعد أن تأخذ ضربة شمس!

كان لهذه النوعية من الصحف قراءٌ بعينهم، يعلمون يقينًا أن ما يُنشر على صفحاتها أغلبه – بلغة أهل المهنة - «مضروب»، لكنهم كانوا يقرؤونها على سبيل التسلية. أما اليوم، فالمأساة كبرى، فى زمن رواج ما يُمكِن تسميته بـ«الصحافة السوداء»، مع انتشار المواقع الإلكترونية التى لا تضع قواعد حاكمة لعملها، وتستقى أخبارها من مواقع التواصل الاجتماعى، خصوصًا التافه منها والمبتذل.

المكاسب المادية التى تحققها هذه المواقع، من خلال صفحاتها الترويجية على منصات السوشيال ميديا، كبيرة، لدرجة أن القائمين عليها عُميت أبصارهم عن كل جميل وباتوا صُنَّاعًا للقُبح.
ليس منطقيًا أن يكون «الترند» دائمًا هو المذيعة عدوة الرجل أو زميلتها التى تكبت صوت المرأة إعلاءً للذكورية، أو أن يكون الحدث الأبرز هو عامل النظافة الذى تنمر عليه مطعم كشرى، ولا مقبولًا أن تكون فى مصر مواهب جبّارة بينما تروِّج هذه المواقع لـ«انتش واجرى» و«الطُم واجرى».

لا مانع من نشر خبر عن هؤلاء لمرة واحدة، لكن أن نصنع منهم نجومًا ومادة مجترة مكررة فى كل المواقع الإخبارية، فهذا هو السواد بعينه، ويجب أن تتحرك الهيئة الوطنية للصحافة لوقف هذه المهازل التى قد تطيح بسمعة الصحافة المصرية.