انتبه.. برودة الجو تغير فيسيولوجيا النوم الطبيعية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تشهد الكثير من المناطق العربية هذه الأيام انخفاضاً في درجات الحرارة وخاصة ليلا. والأطفال عادة أكثر شعورا بالبرد وأكثر تأثرا بانخفاض درجات الحرارة من الكبار. لذلك تزداد بينهم نزلات البرد والزكام والأنفلونزا. لذلك أردت اليوم أن أتعرض لتأثير انخفاض درجات الحرارة على النوم ووظائفه وخاصة عند الأطفال، لأن الكثير من أطفالنا وللأسف يرفضون لبس ملابس ثقيلة أثناء النوم. هذا الموضوع لم يتم استكشافه بشكل موسع في الأبحاث المنشورة ولكني سأحاول هنا جمع ما تيسر من الأبحاث والمعلومات التي تربط برودة الجو بالتغيرات الفيسيولوجية خلال النوم.

يدرك القراء أن نومهم يكون متقطعًا وغير مستقر في الجو البارد، كما أن الرغبة في التبول تزداد، ولكن هل درس هذا الموضوع بشكل علمي أو هل هناك تفسيرات علمية لهذه الأعراض؟. الأبحاث التي تعرضت لتأثير درجات الحرارة على النوم أجري أكثرها على حيوانات التجارب في حين أجري البعض الآخر على الإنسان. 

فقد أجرى الباحثون عدداً من الدراسات على نوم الحيوانات في الجو البارد، ولكن هذه الدراسات ربما لا تنطبق على الإنسان لأنها تجرى في أجواء لا يعيشها الإنسان الطبيعي. أما الدراسات التي أجريت على الإنسان في الجو البارد فهي نوعان، دراسات أجريت في المختبر وأخرى في أجواء باردة بالطبيعة مثل القطب المتجمد الجنوبي. وسنحاول أن نستعرض نتائج هذه الدراسات باختصار.

بينت الدراسات أن تأثر النوم بالبرودة يعتمد على المدة الزمنية التي يقضيها الإنسان في الجو البارد؛ فهناك آلية للتكيف حيث يتحسن النوم مع التعود على الأجواء الباردة. ولكن على العموم أظهرت الأبحاث أن النوم يكون غير مستقر في الجو البارد ويزداد القلق. أما تخطيط النوم فقد أظهر نقصًا في مرحلة الأحلام (حركة العينين السريعة REM Sleep) في الجو البارد في حين لم يتأثر النوم العميق (المرحلتين الثالثة) كثيرًا. 
ومرحلة الأحلام مرحلة مهمة لوظائف المخ وهي تساعد على صفاء الذهن والتركيز في النهار كما تساعد على ترسيخ المعلومات التي اكتسبها الشخص خلال اليقظة وهذا الأمر موثق علميا حيث أن نقص مرحلة الأحلام يؤثر على الأداء الأكاديمي للطلاب.

كما أن زيادة برودة الجو المحيط كغرف النوم تُحدث زيادة في التبول وإفراز هرمونات التوتر مثل هرمون النورأدرينالين، وهذه هرمونات تزداد في حالات التوتر والإجهاد، كما أنها ترفع ضغط الدم، وهي في العادة تنخفض إلى أدنى مستوياتها خلال النوم الطبيعي. أي أن البرودة تغير فيزيولوجيا النوم الطبيعية. ما سبق يبين أن النوم في الجو البارد يعتبر نوعًا من التوتر والإجهاد وهو ما يفسر نقص مرحلة حركة العينين السريعة وزيادة إفراز هرمونات التوتر وهو ما قد يفسر نظريًا زيادة الإصابة بالالتهابات عند النوم في جو بارد. لذلك نوصي بأن تكون غرف نوم الأطفال دافئة لأن التغيرات السابقة قد تكون تأثيراتها أكبر في هذه الفئة السنية. كما أن لبس ملابس تساعد على التدفئة كالبيجامات طويلة الكم الثقيلة أمر مهم جدًا في الحفاظ على حرارة الجسم. وقد درس باحثون تأثير الملابس الثقيلة على النوم في الجو البارد بطريقة علمية ووجدوا أن التغيرات السابقة الذكر تقل عند الذين يرتدون ملابس تحافظ على حرارة الجسم.
اقرا ايضا «الأرصاد» عن طقس اليوم الخميس: مائل للحرارة نهارًا وبارد ليلًا