جلال عارف يكتب: فى «شرم الشيخ».. العالم يبحث عن الأمان

جلال عارف
جلال عارف

جميل أن تستضيف مصر فى «شرم الشيخ» قمة المناخ لهذا العام، وأن يتوافد زعماء العالم ليبحثوا مخاطر تلوث المناخ فى أنحاء العالم فى أحد عناوين السياحة المصرية حيث يجد الزعماء فى «شرم الشيخ» نموذجاً لما يبحث عنه العالم.. حيث لا تلوث من أى نوع ـ ولا غازات سامة، ولا غابات تحترق، ولا هواء فاسدا يذهب ضحيته ـ كما تقول الإحصائيات ـ أكثر من أربعة ملايين شخص حول العالم كل سنة.

لم تعد قضية المناخ ـ كما كانت قبل سنوات ـ قضية العلماء المتخصصين والمدافعين عن البيئة فقط، عرف الجميع أنها قضية البشر كلهم الذين عرفوا حجم الخطر الذى يواجههم من التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة وتلوث الهواء، ومع تزايد علامات الخطر بالفيضانات المدمرة أو الجفاف الذى يقتل الحياة ويدمر الزراعة ويعطل التنمية ويهدد بالأسوأ إذا لم يتحرك العالم قبل فوات الأوان، وإذا لم تتحمل الدول الكبرى مسئوليتها فى إزالة الخطر الذى تتسبب فى معظمه (أمريكا والصين ـ على سبيل المثال ـ يتسببان فى حوالى 40٪ من التلوث العالمى).

كانت اتفاقية باريس قبل سبع سنوات خطوة مهمة على الطريق الصحيح حيث استهدفت تخفيض التلوث بنسبة 45٪  قبل 2030، وتعهدت الدول الصناعية الكبرى بتقديم مائة مليار دولار دعما للدول الفقيرة ومحدودة الدخل لمواجهة آثار التغير المناخي، لكن الأمور لم تسر كما ينبغي.. بعد عام واحد قرر الرئىس الأمريكى السابق ترامب الانسحاب من الاتفاق، ولم تف الدول الصناعية الكبرى بتعهداتها وجاءت جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية لتعقد الموقف، ثم جاءت الحرب فى أوكرانيا بآثارها الوبيلة لتنذر بأفدح العواقب ولتصدر للعالم ـ مع دخان القنابل ـ أزمات فى الغذاء والوقود ومصاعب تهدد بإضافة مئات الملايين من البشر إلى ضحايا الجوع فى البدان الفقيرة.

فى هذه الظروف الدقيقة تنعقد قمة «شرم الشيخ» ويحضرها عدد كبير من زعماء العالم وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى «بايدن» الذى أعاد أمريكا لاتفاقية باريس فور انتخابه.. تنعقد القمة وسط إحساس يسود الجميع بحجم المخاطر التى تزداد الآن فى ظل الأزمة التى تضرب العالم، ومع العودة للاعتماد المتزايد على النفط والفحم فى ظل أزمة الطاقة العالمية، ومع توقع بازدياد التأثير السلبى لتلوث المناخ على الزراعة ليضاعف أزمة الغذاء، ومع تزايد جرائم حرق الغابات فى دول رئيسية مثل البرازيل التى وعد الرئيس المنتخب «لولا» بإيقافها، ومع تزايد التهديدات من تأثير ارتفاع مياه البحر والمحيطات بفعل ارتفاع الحرارة والتى تمثل ـ بالنسبة لنا ـ خطراً حقيقيا على الساحل المطل على المتوسط وأراضى الدلتا.

قمة شرم الشيخ تمثل أملاً فى أن تتجاوز دول العالم كل صراعاتها وخلافاتها لكى تواجه هذه المخاطر. أن تفى الدول الصناعيةالكبرى بالتزاماتها لتخفيض التلوث المناخي، ولتسديد نصيبها من التمويل اللازم للدول الفقيرة ومحدودة الدخل لمواجهة آثار التغيرات المناخية ولتجاوز الظروف الصعبة التى خلقها صراع الدول الكبرى التى تترك العالم يدفع فواتيره الباهظة!!

مصر لا تكتفى باستضافة المؤتمر، بل تقدم جهداً كبيراً فى تعظيم إنتاج الطاقة النظيفة واستخدامها وتحمل هموم الأشقاء فى إفريقيا، وتنطلق من رؤية تطلب من الدول الصناعية الثرية أن تلتزم بتعهداتها حتى لا تنفجر قنبلة تلوث المناخ فى وجهها وفى وجه العالم كله.

فى قمة شرم الشيخ.. سيكون العالم كله حاضراً وسيكون إنقاذ العالم هو الهدف، ولن تكون المدينة الجميلة مجرد مقر للحدث العالمى.. بل ستكون ايضاً نموذجاً لسحر مصر الذى ينبغى أن نحسن تسويقه لكى نضاعف أعداد السائحين، ومؤشراً لدور مصر فى فتح أبواب الخروج أمام عالم يموج بالأزمات.
مصر جميلة.. وقادرة على أن تصدر هذا الجمال للعالم كله.