بسبب تشابه أسماء.. سيدة تتفاجأ بصدور قرار حبسها 3 سنوات أثناء سفرها

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في لحظة واحدة، أصبحت متهمة بجريمة قاسية، ومطلوب منى أن أتوقف عن الصراخ كالأطفال، وأثبت براءتي للجميع، أن أقدم الأدلة على أننى لست تلك السيدة التي يلفظها المجتمع والأسرة.
 

حقيقة لم يكن كل ذلك في مخيلتي، فأنا لست في حاجة إلى إقناع أحد بأنني سيدة فاضلة، بل أحتاج إلى من يوقظني من ذلك الحلم الذى أصبح حقيقة، وحول حياتي إلى جحيم، بل عزلني عن أسرتي آلاف الكيلومترات.

كانت الساعة قد اقتربت من الرابعة فجرا، حملت السيدة حقائبها في عجل، وتوجهت إلى مطار القاهرة، حيث موعد طائرتها في السادسة صباحا للعودة إلى زوجها وأولادها بالمملكة العربية السعودية.

كان كل شيء على ما يرام، الأوراق سليمة، والموعد في ساعته، ولا شيء يعطل الرحلة.
بمجرد أن وصلت إلى وجهتها، هرعت إلى الداخل، ألقت بابتسامتها المعهودة لضابط المطار، سلمته جواز سفرها، ثم دارت ببصرها صوب المكان الذى تنتظر فيه الطائرة، فهي على لهفة لرؤية أسرتها بعد أن قضت شهرا مع والدها في مصر.

انتظرت دقائق حتى فحص الضابط بيانات جواز سفرها، ولحظة كانت المفاجأة، أخبرها أن هناك أمرا ما يعيق عودتها إلى أسرتها، وأنها قد لا تلحق بالطائرة.
ارتسم الذهول على وجه السيدة، تساءلت في حيرة من أمرها ماذا حدث؟، كل البيانات سليمة، سألته هل التأشيرة بها مشكلة ؟، أجاب لا، لكنه قطع على أسئلتها الطريق، طلب منها الانتظار حتى يتأكد من السبب بنفسه.

توجه الضابط إلى الجهة المسئولة، دون اسم السيدة على الحاسوب، وبعد ثوان ظهر الخط الأحمر أسفله، هناك مانع من السفر، بل إنها مدرجة على قوائم الترقب والوصول.
عاد إليها مسرعا، طلب منها الاتصال بمحاميها فورا، وإخباره بالتوجه إلى أقرب قسم شرطة من المطار، تحول ذهول السيدة إلى قلق وتوتر، عادت وسألت الضابط مرة أخرى، ما هي المشكلة؟، ليخبرها أنها متهمة في قضية وصدر ضدها حكم بالسجن 3 سنوات ومراقبة لمدة مماثلة وغرامة كبيرة.

لم تصدق السيدة ما سمعته، عادت بذاكرتها إلى الوراء في ثوان لعلها تعرف ما سر هذه القضية؟ وما هي التهم الموجهة إليها؟، لكنها لم تجد إجابة واحدة، أدارت بصرها إلى الضابط وسألته، ما هي التهم؟ أخبرها أنها ستعرف المزيد عندما تتوجه مقيدة إلى قسم الشرطة لبدء إجراءات تنفيذ عقوبة السجن.

في هذه اللحظة كادت تفقد السيدة وعيها، أصابها الذهول والقلق، حاولت التواصل مع زوجها لإخباره بما حدث وتعذر وصولها في الموعد المحدد، لكنه لم يجب على الهاتف، اتصلت بوالدها وأخبرته أنها متوجهة إلى قسم الشرطة القريب من المطار وعليه الحضور بصحبة محامى العائلة، لمعرفة حقيقة المشكلة التي تعرضت إليها.

حاول الأب الاستفسار منها عن السبب المفاجئ، الذى أعاقه عن السفر لأسرتها بالسعودية، لكنها لم تستطع، مازالت المفاجأة تسيطر على تفكيرها.
دقائق وكان الأب بصحبة المحامي في قسم الشرطة، في حين كانت تنتظر السيدة بالخارج، وبمجرد وصولهم دخل الثلاثة إلى الضابط المسئول، والذى بدأ في توجيه الأسئلة إلى المتهمة، سألها ما اسمك؟، أخبرته، بعدها نظر إلى الاسم المدون فى القضية فوجدته مطابقا لاسمها، وكل البيانات كذلك مطابقة.

لم ينتظر الأب تفسير نظرات الاستغراب التى لاحظها على وجوه الجميع، سأل الضابط، ما جريمة ابنتى؟، ليخبره أنها متهمة بمغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة وتسهيلها بالخارج، وصادر ضدها حكم بالسجن 3 سنوات، وأنه ليس أمامها سوى إقامة معارضة على الحكم وتبرئة نفسها من هذه التهمة، وإلا تم تنفيذ حكم السجن ٣ سنوات عليها.

لم يستوعب الأب ما ذكره الضابط، سقط مغشيا عليه، ألقى بجسده على الكرسى صامتا غير قادر حتى النظر إلى ابنته، أما هى فكاد الذهول يفقدها عقلها، أخذت تصرخ فى وجه الجميع، لست أنا!، وهذه تهمة ملفقة، وقد يكون هناك تشابه الأسماء، فأنا شريفة واحمل شرف عائلة معروف بتاريخها، وأم لأولاد متفوقين وزوج رائع.

لم تتوقف السيدة عن صراخها، فكلما نظرت إلى والدها الذى آفاق من غيبوبته الصغيرة التى لم تستمر ثواني، تصرخ، وتطلب فك قيدها وتركها للسفر إلى أسرتها بالسعودية، فى حين خرج محاميها، متوجها إلى النيابة لإقامة معارضة على الحكم.

باتت السيدة ليلتها الأولى فى السجن صامتة، غير مصدقة لما حدث، كل ما كان يشغلها أولادها وزوجها، أرادت أن تخبرهم بالقصة، وتؤكد لهم براءتها من هذه التهمة المخلة بالشرف.
وفى الصباح، أخبرها محاميها أنه قدم معارضة على الحكم، ويطالب بإخلاء سبيلها فى أول جلسة محاكمة.. وبالفعل، تم إخلاء سبيلها على ذمة القضية لحين الفصل فى المعارضة، حيث صدر الحكم غيابيا.

اقرأ أيضًا

«التعليم»: عقد امتحانات نصف العام للصفوف الأول والثاني الثانوي العام الكترونيا | مستند

لم تنتظر السيدة، موعد الجلسة القادمة لمحاكمتها، توجهت إلى النيابة المختصة التى حدثت فيها الواقعة، أرادت أن تقرأ ملف القضية للوقوف على حقيقة ما تعرضت له، طلبت من سكرتير النيابة ملف القضية، ليخبرها بالمفاجأة، لقد اختفى الملف، تم حرقه فى أحداث ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وقتها جن جنون السيدة، نظرت إلى محاميها، وأخذت تصرخ ماذا سيحدث؟، أولادى ينتظرون وزوجى كذلك!، لى ثلاثة اشهر لم أرهم، ابنتى الصغيرة مصابة بالتوحد، وابنى الاثنين لديهم امتحانات، الكبير فى كلية الطب والصغير فى الثانوية العامة.

طمأنها محاميها رغم ثورتها، أخبرها أن كل ذلك فى مصلحتها، توجه إلى المحكمة وشرح ما حدث، ليصدر القاضى حكمه بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون.
لم تكن السيدة مدركة بالقانون جيدا، كانت الفرحة مرتسمة على وجهها، لقد أخبرت أسرتها بالبراءة واستعدت للسفر اليهم، لكن محاميها طلب منها الانتظار، أخبرها أن هناك طريقا قضائيا آخر يجب أن نسلكه حتى تتمكن من السفر إلى أسرتها، قال إن قرار المنع من السفر يجب أن يلغي، وهذا يتطلب الذهاب إلى مجلس الدولة وإقامة طعن أمام محكمة القضاء الإدارى لإلغائه، حزنت السيدة قليلا فهناك وقت جديد بعيدا عن أسرتها، لكنها كانت مقتنعة أنها بريئة، وأن مشكلتها ستحل باسرع وقت.

بعد أيام أقام محاميها طعنا أمام محكمة القضاء الاداري، طلب من القاضى إلغاء قرار منعها من السفر الذى يقيد حريتها وقدم حكم المحكمة، فى هذه اللحظة لم تستطع السيدة الصمت، استأذنت المحكمة فى الحديث.

قالت «أعلم سيدى القاضى أن مجلس الدولة كما أخبرنى محامى، لا يسمح بمرافعات بل يكتفى بمذكرات لكننى أريد أن أسرد مشكلتى ومأساتى حتى لا تتكرر مع غيرى».  
أضافت: «سيدى القاضى، الورق الذى أمام عدالتكم يحمل وجهة نظر قانونية تطالب بحقي، لكن ما تعرضت له خلال عام، يحتاج إلى مجلدات لشرحه، لقد انطفأت ابتسامتى فجأة، تحولت إلى سيدة مثقلة بالأمراض، رغم أن عمرى لم يتجاوز منتصف الأربعين، افتقدت أولادى ولم أرهم، وزوجى كذلك ينتظر عودتى وبراءتى منذ عام».

وتابعت: «لا أعرف سيدى القاضى ما حدث، فجأة أصبحت متهمة ومدانة بالسجن ٣ سنوات، والمصيبة أن القضية تمس شرفى وشرف عائلتي، حقيقة لا يعنينى ضياع ملف القضية، فهذا الأمر أحزننى لأننى أردت معرفة حقيقة ما حدث، ولا يعنينى كذلك ما أخبرنى به محامى أن هناك تشابها بالأسماء بينى وبين المتهمة فى القضية أو أن أحدا أراد الانتقام منى فزج باسمى فى هذه التهمة الشنيعة ليقتلنى فى نظر أبنائى وزوجى وأسرتى، لكن، كل ما يعنينى هو أن أعود إلى أولادى، لقد اشتقت إليهم، ولا أعرف لماذا حتى الآن مطلوب منى أن أثبت براءتى فى قضية لم أعرف عنها شيء.
نهاية سيدى القاضى أنا بريئة فى نظر نفسي، ولست فى حاجة إلى حكم لإثبات ذلك، ولا أعرف نية من زج بى فى هذه التهم، لكن رجاء لعدالتكم أعيدونى إلى أسرتى، كفى ما حدث، فأنا مريضة، واستمرارى هنا بعيدا عن أسرتى يقتلنى فى اليوم مائة مرة.
 

ننتظر القرار

تواصلت مع محامى هذه السيدة الكريمة وجدى ماهر، أخبرنى أن الواقعة لا تخرج عن كونها تشابه أسماء أو أن شخصا أراد الانتقام من السيدة فزج بها فى هذه القضية، أشار إلى أنه أقام طعنا لإلغاء قرار منعها من السفر تمهيدا للعودة إلى أسرتها، لكنه ألمح إلى أن الازمة التى مرت بها تلك السيدة أثرت على صحتها، فهى مصابة بالروماتويد وتحتاج إلى حقنة كل 15 يوما بصفة مستمرة وتصرف من الحكومة السعودية لغلو سعرها، مطالبا باستعجال الفصل فى دعواها أمام مجلس الدولة.