دمرته الحملة الفرنسية.. معبد «إلياهو هانبي» شاهد على التاريخ| صور

معبد إلياهو هانبي
معبد إلياهو هانبي

أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة "لجنة التاريخ والآثار"، بمشروع ترميم وتوثيق وزارة السياحة والآثار لمعبد "إلياهو هانبي بالإسكندرية" والحائز على جائزة أفضل مشروع عالمي في فئة مشروعات الترميم وإعادة التأهيل في مسابقة التحكيم العالمية لأفضل أعمال إنشائية في العالم لعام 2021 في نسختها السنوية التاسعة بمشاركة 21 دولة فى 18 مجال مختلف فى صناعة التشييد والبناء وفقا لمجلة "Engineering News  Record" الأمريكية.

وأوضح الدكتور مختار صديق مستشار ترميم المعبد أن معبد "إلياهو هانبي" يعد من أقدم وأشهر معابد اليهود في الشرق الأوسط ويقع في شارع النبي دانيال ويجاور مسجد النبي دانيال والكنيسة المرقسية أقدم كنيسة في مصر وأفريقيا والمركز الثقافي الفرنسي، شيد عام 1354 م وتعرض للقصف من الحملة الفرنسية عام  1798 م.

وأعيد بناء المعبد مرة أخرى وزيادة مساحته إلى 4200 م2 عام 1850م بتوجيه ومساهمة من أسرة محمد علي باشا وصمم على الطراز البازيليكي من بناء مستطيل الشكل مدخله الرئيسي في الواجهة الغربية ويعلوها نجمة سداسية، ويتكون المعبد من طابقين الأول للرجال مكون من صفوف من المقاعد الخشبية تسع 700 شخص وبه صناديق من الرخام مخصصة لجمع التبرعات وعدد من الحجرات مستخدمة كمكاتب، والطابق الثاني للسيدات. 

ونوهت المهندسة إيمان فكرى إلى أن المعبد يتميز بطرازه المعمارى الفريد ومعالمه الفريدة داخليًا وخارجيًا من حيث أن جميع الشمعدانات الموجودة بالمعبد خماسية الأذرع على خلاف الشمعدانات سباعية الأذرع الموجودة فى المعابد اليهودية الأخرى، كما يتميز بوجود لوحات نحاسية بأسماء كل شخص من الجالية اليهودية مثبتة على المقاعد الخشبية فى مكان جلوسه كما يحتوي المعبد على مكتبة ضخمة تضم حوالي 50 نسخة قديمة من التوراة.

ويرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أعمال الترميم التى تم تنفيذها منذ عام 2017 حين اتخذت وزارة الآثار قرارًا بترميم المعبد الذى كان يعاني من العديد من المشاكل مثل انهيار سقف السلم الشمالي المؤدى لمصلى السيدات مما أدى الى انهيار للسلم الرخامي بالإضافة إلى سوء حالة القطاعات الحديدية المكونة للأسقف ووجود شروخ بالواجهات الخارجية والعقود الداخلية وهبوط بأرضيات الدور الأرضي فى الجهة الشمالية مع وجود تلفيات بالزجاج الملون المعشق بالرصاص وتدهور حالة البياض والوحدات الجصية والكرانيش والنجف والهاندريل النحاسي وتدهور منظومة الكهرباء والمياه والصرف للمبنى بالكامل.

وتم تكليف إدارة الأشغال العسكرية للقيام بأعمال إدارة مشروع ترميم للمعبد التي قامت بتكليف مكتب مصر للاستشارات كاستشاري لها وكذلك تكليف شركة المقاولون العرب كمقاول لأعمال الترميم.

وأجريت دراسات دقيقة بالتعاون مع محافظة الإسكندرية لرصد كافة مسارات شبكات المرافق المختلفة مثل الكهرباء والمياه والصرف صحي المرتبطة بالمعبد إضافة إلى ذلك تم تنفيذ مكاشف حول الأساسات للوقوف على الحالة الإنشائية لها وتنفيذ مكاشف على قطاعات أرضيات كل الأدوار لمعرفة مكوناتها وحالتها الإنشائية، كما تم عمل الاختبارات الحقلية والمعملية لكافة العناصر المكونة للمبنى لتحديد خطه التنفيذ المناسبة والمواد التى سيتم استخدامها في أعمال الترميم والعلاج ومكوناتها ونسب كل مكون فيها.

مراحل التنفيذ

ويتابع الدكتور ريحان بأن تنفيذ أعمال الترميم بدأت بالمرحلة الأولى وشملت أعمال الفك ورفع العناصر المنقولة مثل المقاعد والأبواب والتجاليد الخشبية ووحدات الإضاءة مثل النجف والمشاعل ومقتنيات أدوات الشعائر الدينية اليهودية مع ترقيم وتوصيف كافة هذه العناصر ووضعها في جداول كما تم رفع الطابعات والقوالب لكافة التشكيلات والعناصر الزخرفية وعمل نسخ احترازية منها.

وشملت المرحلة الثانية أعمال التدعيم الانشائي للأساسات والأرضيات والأسقف والجدران واستبدال كامل للكمرات الحديدية التالفة مع الحفاظ على ذات الطابع الأثري للأسقف والجدران والأعمدة الحاملة لعناصر المبنى، وقد تم حفر أرضية المعبد بالكامل وعمل تدعيم للأساسات وتنفيذ الميد الرابطة بين الأعمدة ثم الردم برمال نظيفة وتنفيذ أرضية من الخرسانة المسلحة لتجنب حدوث أي هبوط مستقبلي في الأرضيات، كما تم تربيط الأكتاف والعقود باستخدام كتل حجرية على شكل زوايا لضمان ثباتها مع عمل تدبيس وتزرير للشروخ الانشائية لكافة الحوائط.

اكتسافات أثرية

ويشير الدكتور ريحان إلى اكتشافات أثرية أثناء أعمال حفر أرضيات المعبد من العثور على أجزاء من المعبد القديم الذي تم تشييده عام 1354 م وقد تمت أعمال صيانة لها وعمل فتحات فى أرضيات الدور الأرضى يمكن من خلالها رؤية هذه الأجزاء القديمة.

وشملت أعمال المرحلة الثالثة الترميم المعماري الداخلى والخارجى للمبنى وترميم الواجهات الخارجية وعمل القوالب اللازمة لبعض العناصر المفقودة بالواجهات لاستكمالها بنفس الشكل والمواد الأصلية وكذلك التنظيف الميكانيكي للواجهات لإزالة أي رواسب عليها باستخدام المذيبات العضوية، أمّا ترميم الفراغات الداخلية فقد شمل الترميم الدقيق للحوائط والأسقف وزخارفها المختلفة وترميم الزجاج المعشق بالرصاص وترميم المشغولات النحاسية من نجف ومشاعل وأباليك وترميم المشغولات الخشبية كالمقاعد وتجاليد الجدران والأبواب، إضافة إلى ترميم البلاطات الرخامية وبلاطات الموزايكو، وإعادة السلم الرخامى المنهار فى الجهة الشمالية بـ42 درجة .

وفى المرحلة النهائية تم ترميم كامل للموقع العام بإزالة أي أعمال تم إضافتها خلال الفترات الزمنية المختلفة وحفر الموقع بالكامل وتنفيذ شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحى وصرف الأمطار وتم عمل طبقة من الخرسانة المسلحة لمنع أي هبوط مستقبلي وتم تشطيب أرضية الموقع العام بالكامل باستخدام البازلت والجرانيت لإعادة المظهر الأثري للموقع العام الى أصوله، وتم تزويد المبنى بتقنيات الإضاءة المناسبة لإظهار الواجهات المعمارية والتأكيد على عناصرها المميزة وكذلك لتحديد كافة المسارات بالمعبد بالإضافة إلى استخدام عناصر إضاءة في الموقع العام لإنارته ولتوجيه الانتباه تجاه المدخل الرئيسى للمعبد، وتم افتتاح المعبد فى يناير 2020 .

ويطالب الدكتور ريحان بوضع المعبد والمنطقة حوله على خارطة السياحة المحلية والدولية باعتباره المجمع الخامس للأديان فى مصر والذى يضم المعبد وكنيسة القديس سابا من الكنائس التابعة للروم الأرثوذكس فى مصر المعروفة بكنيسة الجرس ومسجد أنجى هانم ومسجد العطارين وقد تمت مشاريع تطوير بهم وإعداد ملف لتسجيل المجمع تراث عالمى باليونسكو لقيمته الاستثنائية.

اقرأ أيضا| المجلس الأعلى للثقافة يناقش «الإعلام والوعي البيئي» ضمن مؤتمر المناخ