المشهد السينمائي اللبناني.. القدرة على التنفس لمجتمع يختنق

الأفلام اللبنانية
الأفلام اللبنانية

خالد محمود

تبقى دائما للسينما اللبنانية أحلامها التي ترفرف في سماء تملأها غيوم، وطموحات مبدعيها الذين لم تستطع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن تقهرها، أو تنال من عزيمة صناعها من مخرجين ونجوم من أجل التعبير عن أنفسهم، والتواجد على الساحة العالمية بشكل متميز يشعرهم بالحياة والقدرة على التنفس في مجتمع يختنق.

في الحقبة الأخيرة، كشف المشهد السينمائي اللبناني عدة تجارب قوية فنيا ملهمة بواقعيتها وتنوعها الفكري، وهي تطرح وطنها ومواطنها أمس واليوم وغدا، لتفرض نفسها على منصات التتويج بالجوائز، ووصلت إلى القائمة القصيرة لـ”الأوسكار” في اندفاعه سينمائية جيدة وإيجابية.

لبنان أراه من حين إلى آخر نقطة ضوء وسط عتمة تطال الفن العربي، عن نفسي توقفت أمام مجموعة من الأفلام الجيدة، منها “دفاتر مايا - Memory Box”، الذي عرض المسابقة الرسمية بمهرجان “برلين” السينمائي، وشارك الفيلم بعد ذلك في مجموعة واسعة من المهرجانات والفعاليات السينمائية حول العالم، بينها “القاهرة السينمائي”، وحصل على جائزة “سعد الدين وهبة” لأفضل فيلم ضمن مسابقة “آفاق السينما العربية”، إضافة إلى عرضه بالدورة الافتتاحية من مهرجان “جدة” السينمائي.

وهو تجربة متميزة سينمائيا، فيها أعاد المخرجان جوانا حاجي توما وخليل جريج، صدمة الماضي لتطارد الحاضر، وجعلتنا نتفاعل بشكل مباشر مع تاريخهم وصدماتهم وهواجسهم خلال الحرب الأهلية بلبنان، وتحديدا في الفترة من 1982 وحتى 1988.

يستكشف المخرجان - ونحن معهما - أهمية الذاكرة الشخصية والتاريخية في دراما تقفز بين مونتريال وبيروت، حيث تمتد مأساة الحرب الأهلية اللبنانية إلى ما بعد الثمانينيات، إلى الجيل الثالث من عائلة أعيد توطينها في كندا، تلك العائلة التي نجحت في توصيل رسالتها بفضل أداء بطلاتها الرائعات وتتابع الصورة بجدولها الزمني المتواصل، الذي يقفز من بيروت وقت الحرب تحت القصف، إلى الهدوء الراسخ لمونتريال الحديثة، وتأثير تلك الصورة بوجهيها على فكر ومشاعر ونمط حياة ووجود أبطال العمل.

الفيلم عبارة عن اندماج كثيف للغاية للعناصر التي تشكل إحساسنا بالوقت والذكريات، بما في ذلك مجمعات من مئات الصور القديمة ولقطات محببة ودفاتر وأغنيات وموسيقى ومقاطع صوتية ومقالات صحفية يصل صوتها من الماضي بشكل غير متوقع خلال عاصفة ثلجية في منزل مايا الكندي (ريم تركي)، وابنتها المراهقة أليكس (بالوما فوتييه)، 14 عاما، حيث تعيش مايا في مونتريال مع ابنتها المراهقة أليكس بعد أن تركهما والدها لتأسيس عائلة جديدة في فرنسا، عشية عيد الميلاد، تتلقى مايا صندوقا يحتوي على المجلات والأشرطة والصور التي عهدت بها إلى صديقتها المقربة ليزا عندما غادرت لبنان إلى باريس، وبينما ماتت ليزا أعيد “صندوق الذاكرة” إلى المرسل، وهنا ترفض مايا فتح صندوق، ونجد الفتاة أليكس لديها شغف لفتح الأوراق، لكن جدتها تيتا (كليمنس صباغ)، تقنعها بإخفاء الصندوق من مايا، قائلة لها: “الماضى يدفع والدتك إلى الجنون”.

وبالفعل، عندما تعلم مايا عن الصندوق، تغضب وتنهار لأنه سيكشف الكثير من الأسرار، وتتسلل أليكس إلى الطابق السفلي لقراءة دفاتر أمها المراهقة، تظهر الصور السنوات الرهيبة في بيروت، وتكشف عن مراهقة مضطربة قضتها وقت الحرب، ليسرد الفيلم بدقة حياتها اليومية خلال الحرب الأهلية، كانت أليكس لا تعرف شيئًا عن أي شيء من هذا، لا عن الحرب في لبنان، ولا عن تاريخ عائلتها، ولا عما كانت عليه والدتها عندما كانت صغيرة.

من الواضح أن مايا كانت طفلة عادية إلى حد كبير، قيمت الأفلام التي شاهدتها، ورقصت على بلوندي مع أصدقائها في النوادي الليلية على ضفاف النهر، ووقعت في حب صبي يدعى راجا (حسن عقيل)، لكن عندما تكون تلك الذكريات عالقة في مدينة بحالة حرب، فمن الواضح أن التوتر يكون خارج المخططات، هناك لقطة مذهلة لراجا ومايا على دراجته النارية، وهو يتسابق في متنزه في المدينة بينما يندفع الرصاص في الهواء من حولهما، وتضيء سماء الليل خلفهما بالانفجارات، ومن الواضح أن حبهما جعلهما منيعين من الرصاص، أو هكذا يعتقدون، كل شخص لديه الكثير ليقوم به.

جوانا حاجي وخليل جريج “الذين كتبوا السيناريو مع جايل ماسيه”، لسنوات كانا يتساءلان عن دور الذاكرة في تكوين الصور وكتابة التاريخ المعاصر، وأظهر الزوجان دائما اهتماما بالعلاقات العاطفية المرتبطة بصدمة الحرب، لكنهما قررا هذه المرة وضع تلك العلاقات النفسية على المحك، حيث تشكل المجلات والأشرطة الخاصة بجوانا من عام 1982 إلى 1988، وصور رجلها في زمن الحرب، الأرشيف الذي بُنيت حوله قصة مايا وأليكس.

إن قصتهما عبارة عن سرد تكون فيه تجربة أليكس لجماليات وسائل التواصل الاجتماعي في محادثة مع الوجود المادي لصور شباب والدتها، ليولد فيلما فريدا ومؤثرا يعطي شكلا مختلفا لحياة وطبيعة تنتقل من جيل إلى جيل.

ففكرة الفيلم المرتكزة على مراسلات وجدت بعد 30 عاماً، بين جوانا حاجي توما وصديقتها على مدار 6 سنوات خلقت الرغبة عند صناعة بتقديم العمل، بهدف نقل لابنتهم عليا وأبناء جيلها مرحلة الثمانينات في لبنان، وأصداء هذا الماضي كان غريب بالنسبة لهم في هذا الوقت الذي يمرون فيه وأزمة لا سابقة لها”.

شريط الذكريات متعدد المواقف والرؤى لهذا الفيلم جاء بشكل مدهش، سواء كوثيقة تاريخية أو كإكتشاف لحقائق مدفونة.

وكذلك الطرق المختلفة التي يتم بها إحياء الصور وسجلات القصاصات من خلال التأثيرات المرئية تؤسس القصة في وقتها، لكن في نفس الوقت تجلب الدراما والمتعة إلى واقع ملموس، يوضح أين ومتى تحدث المغامرات المختلفة بعمل جيد يجسد مزيج الأمل والحماس والإزدراء.

هناك عدة لقطات تموج بنا بين البهجة والشجن، هناك لقطة مذهلة لراجا ومايا على دراجته النارية، وهو يتسابق في متنزه بالمدينة، بينما يندفع الرصاص في الهواء من حولهما، وتضيء سماء الليل خلفهما بالانفجارات، من الواضح أن حبهما جعلهم منيعين من الرصاص، أو هكذا يعتقدون.

هناك بعض الأشياء مؤكدة، التأثير الذي يحدثه “صندوق الذاكرة” فوري، والانطباع الذي يتركه سوف يستمر.

من حيث التمثيل، فإن كلتا الممثلتين اللتان تلعبان دور مايا في مراحل حياتهما المختلفة أفضل حالً، تقدم بالوما فوتييه أداءً جيدًا وأصليًا للغاية، مثل الابنة أليكس التي تعيد النظر في ذكريات والدتها.

تقدم ريم تركي أداءً جيدًا ومنال عيسى أيضًا، وكليمانس صباغ، وأيضًا والدة مايا وجدة أليكس.

“دفاتر مايا “عبارة عن دراما ممتعة عن ابنة تحاول التعرف على ماضي والدتها التي نشأت في مدينة مزقتها الحرب، مع بعض الحقائق المكتشفة التي تحمل لكمة عاطفية.

تقول أليكس بوضوح أن عائلتها تقضي وقتًا مع الأشباح والموتى، أي جدها وعمها، اللذان قُتلا خلال الحرب، ويشير هذا النهج المرتب إلى أن الماضي، إلى جانب كل ما تم فقده من الناحية المجازية والحرفية، يجب قبوله بل واستيعابه حتى يكون هناك أي نوع من الحل العاطفي المرضي، ذلك السرد يأتي مع موسيقى تصويرية مألوفة بشحنها من ثمانينيات القرن الماضي، وهناك أيضًا تباين لطيف بين الأشكال التناظرية لتسجيل الذكريات (صور، دفاتر ملاحظات، رسائل)، والطريقة التي توثق بها المراهقة أليكس حياتها (عبر الهاتف الذكي).

التجربة الأخرى فيلم “البحر أمامكم”، التجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج اللبناني إيلي داغر، بعد حصوله على “السعفة الذهبية” عن فيلمه القصير “موج 98”، بدورة عام 2015 من مهرجان “كان” السينمائي.

أحداث الفيلم التي شكلت رؤية أخرى أكثر عمقا حول مأزق إنساني وصورة شفافة كان المجتمع اللبناني حاضرا فيها، ودارت حول الشابة اللبنانية “جنى” التي تعود من فرنسا إلى بيت أهلها في بيروت، والتي فرت منها بعد عدة تجارب سيئة مرت بها، الإحساس المتزايد بالحصار داخلها، يدفعها للعودة إلى الجزء الآخر من حياة بيروت التي تخلت عنها في الماضي وهجرتها، ويشارك في بطولة الفيلم “منال عيسى، يارا أبو حيدر، ربيع الزهر وروجيه عازار”.

“البحر أمامكم” شارك بقسم “نصف شهر المخرجين” عام 2021 بمهرجان “كان”، بالإضافة إلى مشاركته في دورة العام ذاته من مهرجان “برلين”، وفاز بجائزة أفضل مشروع في مرحلة التطوير بالدورة الثالثة لـ”منصة الجونة السينمائية”.

هناك تجربة أخرى، هي فيلم “النهر” للمخرج غسان سلهب، الذي شارك بالمسابقة الرسمية لمهرجان “لوكارنو” السينمائي، وتناول رجل وامرأة على وشك مغادرة مطعم يقع في قلب الجبال اللبنانية، فوجئا بأزيز الطائرات المقاتلة على ارتفاع منخفض من بعيد، يبدو أن الحرب تندلع مرة أخرى، يبدأ الرجل في البحث عنها بعد أن غابت عن أنظاره، ليجدها على الجانب الآخر من الجبل، ليغرقان معاً في عمق الطبيعة، تمامًا مثل الخيط الرفيع الذي يربطهما ببعضهما البعض.

يعتبر “النهر” هو الجزء الأخير من ثلاثية المخرج غسان سلهب، التي بدأها بفيلم “الجبل” عام 2010، ثم “الوادي” عام 2014.  

هناك أيضا فيلم “كوستا برافا” للمخرجة مونيا عقل، والذي فاز بجائزة “نجمة الجونة الخضراء” للأفلام المعنية بالبيئة، وشارك بمهرجانات عالمية، بينها “سينيميد” و”البندقية” و”تورنتو”،

وامتاز بموضوعة الصعب وطريقة معالجته وحركة الإخراج والسيناريو وإدارة الممثلين وحركة الكاميرا وإيقاعه، وهو يعكس بحق صورة مميّزة عن الإنتاج السينمائي اللبناني، حيث تطرق لوضع العائلة والبيئة، والنزاع بين “النضال للتغيير” أو الاستسلام للواقع.

حيث يروي قصة عائلة تنتقل للعيش في الريف بعدما أحبطتها المدينة وسرقت كرامتها، إلى أن اتُّخذ قرار “بإنشاء مكب للنفايات في الأرض المجاورة”.

في سياق الأحداث، ينشب نزاع بين الأم (نادين لبكي) التي تريد العودة إلى المدينة والإنخراط مجدداً في نظامها سعياً إلى تغييره، والأب (يؤدي دوره الممثل الفلسطيني صالح بكري)، الذي يبدو أنه فقد الأمل، ويحاكي العمل واقعاً عاشته عائلات كثيرة، اضطرت إلى إخلاء مساكنها إثر أزمة النفايات التي بلغت ذروتها في لبنان بعام 2015، وأشعلت حركة احتجاجات غاضبة في الشارع اللبناني.

كان فيلم “كفر ناحوم” للمخرجة نادين لبكي قاب قوسين أو أدنى من الفوز بجائزة “أوسكار أفضل فيلم أجنبي”، بعد أن وصل للقائمة المختصرة لهذه الفئة، وحمل حفل ختام مهرجان “كان” في دورته الـ71 مفاجأة سارة للسينما العربية، بإعلان لجنة تحكيم المسابقة الرسمية برئاسة النجمة كيت بلانشيت فوز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وهي الجائزة التي تلي في أهميتها “السعفة الذهبية”.

كنت حاضرا تلك اللحظة، وصفق الحضور طويلا للجائزة، مثلما صفق جمهور ونقاد المهرجان للفيلم عقب عرضه بالمسابقة الرسمية عدة دقائق، وأعلنوا عن توقعاتهم له بجائزة، وأكد النقاد أن الفيلم يستحق بجدارة تلك الجائزة الرفيعة، ومنحه نقاد “سكرين” و”هوليوود روبورتر” و”لو فيلم فرانسيه”، متوسط درجات تفوق الـ80%، متجاوزا أعمالا أجنبية أخرى لكبار المخرجين، وأشاروا إلى قضية الفيلم الذي يتناول - بشكل واقعي - الاهمال الذي يتعرض له الأطفال في أحياء لبنان الفقيرة، وقدم صرخة سينمائية ضد معاناة الطفولة المعذبة، وهذه الفوضى التي عمت العالم.

بالفعل يسمح الفيلم بنقاش حول هذه المسألة بفضل هذه الجائزة الممنوحة من أكبر مهرجان سينمائي في العالم، في ذلك المشهد أهدت لبكي جائزتها إلى بلدها، وقالت رغم كل المآخذ عليه يقاوم بما تيسر، فهو يستقبل أكبر عدد من اللاجئين في العالم، مع أنه غير قادر على تلبية حاجات شعبه في الأساس.

“كفر ناحوم” يعد الفيلم الطويل الثالث للمخرجة اللبنانية، ويتناول قضية الأطفال المهملين والمحرومين من أوراق تثبت هويتهم في لبنان، من خلال تتبعه طفل الشارع “زين” - البالغ 12 عاما - الذي يقاضي والديه لأنهما جلباه إلى حياة مليئة بالبؤس.

يبدأ الفيلم من قاعة محكمة، حيث الفتى “زين” محكوم عليه بالسجن 5 أعوام في الإصلاحية لطعنه رجلًا، يواجه والديه أمام القاضي، والتهمة التي يريد عقابهما عليها، جلبه إلى هذا العالم. من هنا تنطلق الأحداث بصيغة “فلاش باك” لماضي “زين”، والمسار الذي أوصله في نهاية المطاف إلى السجن،

فـ”زين” يضطر للعمل طفلاً لإعالة عائلته، وبسبب إقدام العائلة على تزويج أخته المقربة له “سحر” زواجاً مبكراً من صاحب الشقة التي يسمح لهم العيش فيها، ينشب خلاف بين “زين” ووالده ووالدته يؤدي إلى خروجه من المنزل، والعيش مشرداً على ما تقذفه المدينة المكتظة الغير عابئة بمأساته، ينام في مدينة ملاهي الأطفال، حيث يقابل الشخصية الثانية في الفيلم، العاملة الأثيوبية “راحيل”، التي يبني الفيلم على قصتها وقصة “زين”.

“راحيل” أثيوبية حضرت إلى لبنان للعمل في الخدمة المنزلية، ارتبطت بعلاقة جنسية مع ناطور البناء الذي تعمل فيه، مما أدى إلى حملها، تهرب خوفاً على الجنين، وها هي كما الفتى المشرد “زين”، تعيش حياة الانتقال من عمل إلى آخر، حياة الأم الوحيدة التي لا تملك أوراقاً رسمياً للعمل، فهي معرضة في كل دقيقة للاعتقال، لتجد نفسها مضطرة لتأمين مبلغ 1500 دولار، لـ”أسبرو” الذي يعدها بالحصول على أوراق عمل مزورة، ويحاول ما أمكنه شراء ابنها الطفل “يوناس” لما يبدو أنها عمليات تبني مدفوعة ثمن الأطفال يقوم بها لصالح عائلات ترغب بالحصول على أطفال.

بواقعية مذهلة، صنعت نادين بكل مهارة تفقد الشعور بالكاميرا، ويختلط عليك الشعور، ونرى اشكاليات خليط عناوين منظمات المجتمع المدني: “عشوائيات، أطفال قُصَّر يتعاطون المخدرات، زواج قاصرات، عاملات أجنبيات ضحايا نظام الكفالة، تهريب لاجئين، اتجار بالبشر، سجون العمال الأجانب”، تلاحقك هذه القضايا منذ البداية تضع الفيلم في مكانة مختلفة وصولاٌ إلى التعامل مع ممثلين غير حرفيين، كخيار إخراجي رغبت فيه نادين أن تلعب الأدوار من قبل ممثلين غير محترفين، إتباعاً لأسلوب المدرسة الإيطالية الواقعية الجديدة، التي ظهرت في أعوام الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، متبعةً أسلوب إعداد غير المحترفين لأداء الأدوار السينمائية كأسلوب للتقارب بين الشخصيات في الفيلم والواقع.

في نقطة أخرى نجد فيلم “القضية 23” للمخرج زياد دويري، الحاصل على جائزة أفضل موهبة عربية من قبل مجلة “فارايتي” الأمريكية الشهيرة، وكان الفيلم قد حصد ردود أفعال إيجابية  كبيرة لدى عرضه بمهرجان “فينسيا”، كما حاز بطله الفلسطيني كامل الباشا على جائزة أفضل ممثل من المهرجان، ورشحت لبنان الفيلم ليمثلها رسميا للمنافسة على جائزة “أوسكار أفضل فيلم أجنبي”.

الأحداث تقودنا لمشادة حادة تقع بين طوني (عادل كرم) شاب مسيحي لبناني متطرف، وياسر (كامل الباشا) لاجئ فلسطيني مسلم مقيم فى لبنان، بعد سقوط قطرات من الماء المتسخ من المزراب الخاص بشرفة الأول، على رأس الثاني في موقع للبناء، مما يؤدي إلى تراشق بالألفاظ بين الأثنين، ليقرر الشاب اللبناني الذي شعر بالإهانة، رفع قضية، ليتحول النزاع بين شخصين إلى قضية رأي عام يتابعها حشود غفيرة، في مزيج إنساني وسياسي في قالب واحد، يعيد تسليط الضوء بشكل غير مباشر على مأساة الحرب الأهلية في لبنان المثيرة للجدل، بلغة سينمائية جميلة ومتماسكة.

ويعد دويري واحدا من أبرز المخرجين العرب، بعد نجاحه في صناعة عدد من الأفلام المميزة التي شاركت في العديد من المهرجانات الدولية، ونالت إشادات نقدية من المتخصصين في مختلف أنحاء العالم، بداية من فيلمه الأول “بيروت الغربية” الذي فاز بجائزة “فرانسوا شاليه” بمهرجان “كان” عام 1998، ثم جائزة “النقاد الدوليين” بمهرجان “تورنتو”، كما نجح فيلمه “ليلى تقول” في اقتناص عدد من الجوائز الهامة، منها جائزة أفضل سيناريو من مهرجان “خيخون”، كما أثار فيلمه الثالث “الصدمة” جدلا كبيرا، وتم منع عرضه في لبنان نظرا لتصوير بعض مشاهده في تل أبيب.

وفي شهادة المخرج قال أن "القضية 23" يروي قصة بلد هو لبنان، قصة يمكن أن تشكل نموذجا يحتذى لمصالحة لم تتم بين الأطياف المختلفة في البلد الصغير على الرغم من مرور أكثر من 25 عاما على انتهاء الحرب فيه.. أنه قصّة كرامة والبحث عن العدالة.

اقرأ أيضأ : تمام إبراهيم.. فنانة صاروخية تبناها محمد الموجي‬