عد تأجيل لثلاث سنوات

الجزائر تستضيف القمة العربية الـ31.. وتوقعات بنتائج فارقة واستثنائية

الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط

كتب: أسامة عجاج - نادر غازي

مؤشرات عديدة تكشف وبوضوح أننا كشعوب ودول عربية قد نكون أمام حدث استثنائي تشهد وقائعه العاصمة الجزائر بانعقاد الدورة 31 لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة بحضور مميز من القادة العرب تقدره بعض المصادر بحوالي 17 من الرؤساء والملوك وهو عدد معتبر مقارنة بدورات سابقة بعد أن تأجلت ثلاث مرات منذ عام 2020 وما بعدها حتى مارس الماضي حيث وافق وزراء الخارجية العرب  في دورتهم العادية بالاجماع على مقترح الجزائر باستضافة القمة العربية القادمة في الأول والثاني من نوفمبر القادم.

اقرأ ايضا:الجامعة العربية ترحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية الأممية بالأرض الفلسطينية 

ولعل هذا التأجيل يعود إلى جائحة كورونا التي عطلت نشاطات مماثلة على مستوي العالم وحرص الجزائر على أن تكون القمة حضوريا وليس عبر الفيديو كونفرس بالإضافة إلى حرصها على أن تكون قمة فارقة من خلال الإعداد الجيد لها ولعل الذكاء الجزائري في اختيار موعد القمة يعود إلى رمزية تاريخها حيث تتشارك الجزائر مع الدول العربية احتفالها الـ68 باندلاع الثورة الجزائرية التي انهت احتلالا فرنسيا غير مسبوق اخذ طابع الاحتلال الاستيطاني.

ومر الإعداد للقمة بمراحل عديدة منها الجولة التي حرص على القيام بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى بعض العواصم العربية ومنها بالطبع القاهرة في يناير الماضي وكانت الأولى له منذ توليه الحكم في ديسمبر 2019 كما كانت الزيارة الرسمية الأولى لرئيس جزائري إذ جاءت زيارة الرئيس المؤقت عبدالقادر صالح في يوليو 2019 لحضور نهائي كأس افريقيا وامتدت جولة الرئيس تبون إلى عدد من الدول الخليجية ويضاف إلى ذلك الزيارات الخاصة التي قام بها مبعوثه الخاص وزير الخارجية رمطان لعمامرة بهدف تقريب وجهات النظر بين الدول العربية استعداد للخروج بقمة فارقة واستثنائية وفقا لما صرح به الوزير.

ويأتي في نفس الإطار الجولات التي قام بها مبعوثي الرئيس تبون إلى العواصم العربية لتقديم دعوات القادة العرب للمشاركة في القمة ناهيك عن أكثر من زيارة قام بها الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي إلى العاصمة الجزائرية للاطلاع عن آخر الاستعدادات للقمة من خلال اجتماعات مع هيئة الإعداد والتنظيم والذي أشار إلى أن الاستعدادات والتنظيم الجزائري للقمة تسير في إطار احترافي وجدي وآخر تلك الزيارات تلك التي قام بها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ولقائه مع الرئيس عبدالمجيد تبون ووزير الخارجية التي ركزت علي الشق الخاص بالقضايا المطروحة على القمة القادمة.

ومن المقرر أن تشهد  العاصمة الجزائرية خلال الأيام القادمة اجتماعات ماراثونية في طريق الإعداد للقمة نهاية هذا الأسبوع وأوائل الأسبوع القادم على مستوي المندوبين الدائمين للدول العربية في الجامعة العربية لبحث جدول الأعمال ومشروعات القرارات المطروحة أمام القمة يعقبها اجتماع آخر على مستوي وزراء الخارجية للتوصل إلى الصيغة النهائية للمشروعات لاقرارها من القادة ورفع أي قضايا خلافية لم يتم التوصل إلى توافق بشانها لحسمها على مستوى القادة ولعل قمة الجزائر ستكون الأولى بدون أوراق مكتوبة بمعنى أن القادة والوزراء والسفراء سيجدون كافة القضايا والموضوعات المعروضة على جدول الأعمال على شاشات الكمبيوترات أمامهم بعيدا عن مشهد توزيع الأوراق ضمن مشروع التحول الرقمي الذي قطعت فيه الجزائر شوطا طويلا

ألغام في الطريق

ودعونا نتفق علي  الجزائر نجحت في العبور من حقل الألغام كادت أن تسير بالقمة وانعقادها إلى مصير مجهول ونتوقف عند بعضها وهي كالتالي:

أولا: مشاركة سوريا في القمة وعودتها لتحتل مقعدها في الجامعة ولم يكن خافيا مدى الرغبة الجزائرية في ذلك الأمر من منظور أهميتها خاصة وأن سوريا من الدول المؤسسة للجامعة ولها دور مهم في المحيط العربي وعودتها جزء من استعادة التضامن العربي عزز تلك الرغبة التغيير في المواقف من عدد من الدول العربية تجاه الحكومة السورية وعودة اتصالاتها وإعادة بعضها علاقاتها مع دمشق ولكن المشاورات كشفت أن الأمر مازال محل خلاف عربي كبير وربط بعض الدول الرافضة لتلك الخطوة مشترطة انخراط سوري في المسار السياسي وضرورة قيامها ببعض الخطوات تجاه إنهاء الأزمة تماما بشقها السياسي والإنساني ومخاوف بعض الدول من ان يكون وجود سوريا في الجامعة يمثل اختراق إيراني نظرا للعلاقات الاستراتيجية بين دمشق وطهران يضاف إلى ذلك استمرار العقوبات الأمريكية علي سوريا وفقا لقانون "قيصر".

وعندما أدركت دمشق صعوبة تمرير الأمر رفعت الحرج عن الجزائر مضيفة القمة وصاحبة الدور الابرز في عودتها بإعلان وزير الخارجية رمطان لعمامرة تلقيه رسالة من نظيره السوري فيصل مقداد تتضمن بأن "دمشق لا تفضل ادراج مسالة عودتها إلى الجامعة ضمن النقاشات التي تسبق القمة المقبلة حفاظا علي وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات الاقليمية والدولية الراهنة" مما ساعد على إزاحة أحد العقبات الكبرى أمام انعقاد القمة.

أما من حيث الشق السياسي فهناك رغبة من دول عربية عديدة خاصة في الخليج تضغط باتجاه ضمان مشاركة الملك شخصيا على اعتبار انها قد تكون مناسبة مهمة لفتح حوار علي مستوي القادة بين البلدين قد يؤدي إلى إعادة العلاقات وإنهاء الخلافات والتعامل مع الملفات العالقة في البلدين بواسطة من تلك الدول، ويعود القرار في هذه الحالة بالطبع علي القيادة المغربية في مسألة تحديد مستوي التمثيل وأن كانت هناك تقارير تتحدث عن مشاركة الملك محمد السادس وتعتمد في ذلك على أن القمة العربية تخرج من إطار العلاقات الثنائية إلى المساهمة الإيجابية في القضايا العربية المطروحة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة كما أنها قد تؤشر على واقعية دعوات الملك محمد السادس الدائمة بضرورة فتح حوار مع الجزائر وتطبيع العلاقات وإمكانية التأسيس على مستوي رئاسي لإجراءات مستديمة تنهي الخلافات بين البلدين       
وبعد فإن مشاركة الملك محمد السادس ستكرس رغبة الجزائر في الخروج بالقمة إلى اعتبارها فارقة.  

ثالثا: تمثيل ليبيا وقد تعاملت الجزائر باحترافية شديدة مع ذلك الأمر على ضوء تحفظ مصر في اجتماعات وزراء الخارجية العرب على ترأس ليبيا للدورة باعتبار أن الحكومة الحالية انتهت صلاحياتها ونتيجة رأي اللجنة التي طالبت بها القاهرة لبحث مدى توافق ذلك مع ميثاق الجامعة التي انتهت إلى أنها أمر سياسي حيث قامت الجزائر بإيفاد إبراهيم مراد وزير الداخلية بصفته مبعوثا رئاسيا لتسليم دعوة الحضور إلى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والذي أكد حرصه على المشاركة والحضور والمساهمة مع القادة العرب للتوصل الي توافق تجاه القضايا المطروحة والمنفي سبق له أن شارك على رأس بلاده في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

المصالحة الفلسطينية

وهكذا تتعدد المؤشرات على أن القمة القادمة في الدورة الـ31 توافر لها عوامل عديدة للنجاح خاصة وقد سبقها أيضا محاولة احداث اختراق نوعي في بعض الملفات منها الملف الفلسطيني وللجزائر باع طويل في التعاطي مع هذا الملف من خلال استضافتها لقمم مهمة في مسار القضية الفلسطينية في أعقاب نصر أكتوبر العظيم ومع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى وكذلك استضافة عدد من مؤتمرات المجلس الوطني الفلسطيني ومنها الذي شهد اعلان الدولة الفلسطينية ولهذا فقد نجحت قبل أيام في جمع كافة الفصائل الفلسطينية بغرض إتمام المصالحة الفلسطينية ولعل أهم ماخرج به البيان الختامي للحوار الفلسطيني هو الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة سيتم اقرارها من القمة العربية لآلية تنفيذ بنود إعلان الجزائر للمصالحة ويبدو أنها ستطرح مقاربة جديدة فيما يخص القضية الفلسطينية تعتمد على إحياء فاعلية مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2022 والتي تربط بين تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمدى التقدم في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تنص علي اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس.

كما أنها ستعرض على القادة أيضا مقاربة أخرى تتضمن رؤية لحل الأزمات في العديد من الدول العربية منها ليبيا واليمن وسوريا والصومال علي المستوى الأمني ومنع التدخلات الأجنبية والسياسي ومعالجة حالات الفراغ  الدستوري في دول آخرى مثل لبنان وليبيا.