الحالة البريطانية

أيهاب فتحي
أيهاب فتحي

‭..‬تمر‭ ‬العاصمة‭ ‬البريطانية‭ ‬لندن‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬بحالة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬السياسى‭ ‬بسبب‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتلاحقة،‭ ‬فبعد‭ ‬شهر‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭ ‬تمت‭ ‬إقالة‭ ‬كواسى‭ ‬كوارتنج‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬عقب‭ ‬استدعائه‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬أثناء‭ ‬حضوره‭ ‬اجتماعات‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتم‭ ‬تعيين‭ ‬جيرمى‭ ‬هانت‭ ‬خلفا‭ ‬له،لايتوقف‭ ‬هذا‭ ‬الاضطراب‭ ‬على‭ ‬إقالة‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسها‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭ ‬هى‭ ‬الأخرى‭ ‬تواجه‭ ‬شبح‭ ‬اتحاد‭ ‬أعضاء‭ ‬حزبها‭ ‬المحافظين‭ ‬ضدها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مطالبتها‭ ‬بالاستقالة‭ ‬وهى‭ ‬لم‭ ‬تمكث‭ ‬فى‭ ‬الحكم‭ ‬إلا‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭. ‬

كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنشغل‭ ‬لندن‭ ‬بهذا‭ ‬الاضطراب‭ ‬الداخلى‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬الحالة‭  ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مشكلاتها‭ ‬وصراعها‭ ‬السياسى‭ ‬وتبتعد‭ ‬ولو‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬المعتاد‭ ‬فى‭ ‬إشعال‭ ‬الموقف‭ ‬الدولى‭ ‬وتأجيج‭ ‬الصراعات‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المنكوب‭ ‬بالمؤامرات‭ ‬البريطانية‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬تدبير‭ ‬الدسائس‭ ‬فى‭ ‬الخفاء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬رعايتها‭ ‬التاريخية‭ ‬والدائمة‭ ‬للتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الفاشية‭ ..‬ولكنها‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتعلم‭ ‬ولن‭ ‬تتعلم‭ ‬من‭ ‬درس‭ ‬التاريخ‭ ‬الذى‭ ‬يقول‭ ‬بوضوح‭ ‬إن‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الشعوب‭ ‬نهايته‭ ‬دائما‭ ‬الفشل‭.‬

عندما‭ ‬تتابع‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولى‭ ‬تجد‭ ‬أنها‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬زعيمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬المواقف‭ ‬المتشددة‭ ‬والتى‭ ‬تصل‭ ‬لحد‭ ‬العبث‭ ‬فى‭ ‬تعاملها‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الهجوم‭ ‬الذى‭ ‬تتلقاه‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬الروسية‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬ماتوجهه‭ ‬موسكو‭ ‬لواشنطن‭ ‬من‭ ‬هجوم‭. ‬

وسط‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فى‭ ‬لندن‭ ‬والفشل‭ ‬الذى‭ ‬أدى‭ ‬لخروج‭ ‬المظاهرات‭ ‬إلى‭ ‬شوارع‭ ‬المدن‭ ‬البريطانية‭ ‬للمطالبة‭ ‬بحلول،‭ ‬نجد‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭ ‬تترك‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وتعلن‭ ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬مؤتمرات‭ ‬حزبها‭ ‬أنها‭ ‬صهيونية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الصهاينة‭  ‬وأنها‭ ‬ستنقل‭ ‬سفارة‭ ‬بلادها‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬وجاء‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬دون‭ ‬أى‭ ‬سابق‭ ‬إنذار،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تهتم‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬بحل‭ ‬مشكلات‭ ‬مواطنيها‭ ‬المتراكمة‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بتصريحاتها‭ ‬الغريبة‭ ‬لتزيد‭ ‬الموقف‭ ‬المشتعل‭ ‬اشتعالا‭ ‬لكنها‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬التآمر‭.‬

نفس‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭ ‬والمتأثرة‭ ‬بالحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬الدائمة‭ ‬ووسط‭ ‬فشلها‭ ‬المستمر‭ ‬سياسياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬توجه‭ ‬النصح‭ ‬للملك‭ ‬تشارلز‭ ‬بعدم‭ ‬حضور‭ ‬مؤتمر‭ ‬المناخ‭ ‬وفى‭ ‬الأعراف‭ ‬البريطانية‭ ‬النصح‭ ‬هنا‭ ‬بمثابة‭ ‬أمر‭ ‬للملك،‭ ‬والغريب‭ ‬أنها‭ ‬لاتعطى‭ ‬أى‭ ‬مبررات‭ ‬لهذه‭ ‬النصائح‭ "‬الثمينة‭ " ‬فى‭ ‬عدم‭ ‬حضور‭ ‬الملك‭ ‬لمؤتمر‭ ‬دولى‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وفى‭ ‬شأن‭ ‬يعتبر‭ ‬الملك‭ ‬تشارلز‭ ‬أكثر‭ ‬المهتمين‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولى‭ .‬

الأغرب‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬وقت‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬وليا‭ ‬للعهد‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬مطولة‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬مع‭ ‬قرينته‭ ‬وهى‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬سيقام‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬فعاليات‭ ‬المؤتمر‭ ‬وأشاد‭ ‬ولى‭ ‬العهد‭ ‬وقتها‭ ‬بالزيارة‭ ‬وحسن‭ ‬الاستقبال،‭ ‬وهذه‭ ‬الزيارة‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬وقت‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬نصيحة‭ ‬تراس‭ " ‬الثمينة‭ " ‬فماذا‭ ‬تغير؟‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬شىء‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬تزداد‭ ‬حدتها‭ ‬وجنونها‭ ‬عندما‭ ‬ترى‭ ‬اسم‭ ‬مصر‭ ‬أمامها‭.‬

إذ‭ ‬كانت‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬ترتفع‭ ‬وتنحفض‭ ‬حدتها‭ ‬ومعدلات‭ ‬جنونها‭ ‬حسب‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬والشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬التى‭ ‬تتعامل‭ ‬معها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ثابتة‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحدة‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬مايتعلق‭ ‬بمصر‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬الأسباب‭ ‬واضحة‭ ‬فذاكرة‭ ‬لندن‭ ‬لاتريد‭ ‬أن‭ ‬تتعافى‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬حولت‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬دون‭ ‬عظمة‭ ‬عقب‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثى‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬56‭ ‬وطردتها‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالكامل،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬سقوط‭ ‬الامبراطورية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تغرب‭ ‬عنها‭ ‬الشمس‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬مع‭ ‬ثورة‭ ‬1919‭. ‬

تتجلى‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬وتزداد‭ ‬نسبة‭ ‬الفصام‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬ملف‭ ‬الجماعة‭ ‬الإخوانية‭ ‬الفاشية،‭ ‬وعندما‭ ‬نريد‭ ‬معرفة‭ ‬مدى‭ ‬تفاقم‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬فى‭ ‬تعاملها‭ ‬الحميمى‭ ‬مع‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭  ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبتعد‭ ‬عن‭ ‬ضباب‭ ‬التفاصيل‭ ‬الوهمية‭ ‬والمصطنعة‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬الانشقاقات‭ ‬والانقسامات‭ ‬داخل‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬فالجماعة‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬بريطانى‭ ‬واحد‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أسستها‭ ‬ال‭ ‬Mi6فى‭ ‬عام‭ ‬1928‭ ‬،‭ ‬فلم‭ ‬تتخل‭ ‬بريطانيا‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬صنيعة‭ ‬يدها‭ ‬أما‭ ‬هذه‭ ‬الانقسامات‭ ‬الوهمية‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬الفاشيست‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬تحت‭ ‬أسماء‭ ‬تنظيمات‭ ‬دعائية‭ ‬فهى‭ ‬مجرد‭ ‬أدوار‭ ‬يوزعها‭ ‬المخرج‭ ‬البريطانى‭ ‬المصاب‭ ‬بالفصام‭ ‬والحقد‭ ‬الشديد‭ ‬تجاه‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬أذلته‭. ‬

يعطى‭ ‬التاريخ‭ ‬دروسا‭ ‬كاشفة‭ ‬لطبيعة‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬فى‭ ‬تعامل‭ ‬لندن‭ ‬مع‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تولت‭ ‬تأسيسها‭ ‬فالامبراطورية‭ ‬البريطانية‭ ‬أمام‭ ‬عنفوان‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬أطلقتها‭ ‬ثورة‭ ‬1919‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬أمامها‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬بورقة‭ ‬الدين‭ ‬لضرب‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬وشق‭ ‬الصف‭ ‬وهى‭ ‬السياسة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬المعتادة‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬فأتوا‭ ‬بهذا‭ ‬الشخص‭ ‬غامض‭ ‬الأصول‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬وتم‭ ‬تمويله‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬التى‭ ‬يديرونها‭ ‬ليصنع‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬الخنجر‭ ‬فى‭ ‬ظهر‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬والأهم‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬على‭ ‬تفتيت‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬وتغريبها‭ ‬فمنذ‭ ‬العام‭ ‬1928‭ ‬عام‭ ‬تأسيس‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬سنجد‭ ‬فعل‭ ‬الفاشيست‭ ‬دائما‭ ‬ماهو‭ ‬إلا‭ ‬خنجر‭ ‬فى‭ ‬ظهر‭ ‬أى‭ ‬قرار‭ ‬وطنى‭ ‬مصرى‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للداخل‭ ‬المصرى‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للخارج‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬صعود‭ ‬روسيا‭ ‬بثورتها‭ ‬الشيوعية‭ ‬خطراً‭ ‬يهدد‭ ‬المصالح‭ ‬البريطانية‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فكانت‭ ‬الخطة‭ ‬البريطانية‭ ‬تحزيم‭ ‬المنطقة‭ ‬بجماعات‭ ‬تتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬والدين‭ ‬منهم‭ ‬براء‭ ‬لمواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الشيوعى‭ ‬المتربص‭ ‬بالمصالح‭ ‬البريطانية‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬أن‭ ‬تستعير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفس‭ ‬الخطة‭ ‬البريطانية‭ ‬ونفس‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬فى‭ ‬صراعها‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬فى‭ ‬أفغانستان‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬1979‭.‬

هذه‭ ‬الاستعارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬والخطط‭ ‬من‭ ‬الحليف‭ ‬البريطانى‭ ‬الذى‭ ‬تنازل‭ ‬عن‭ ‬عظمته‭ ‬الامبراطورية‭ ‬لواشنطن‭ ‬عقب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬لها‭ ‬أصل‭ ‬تاريخى‭ ‬ثابت‭ ‬فبريطانيا‭ ‬تشاركت‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فى‭ ‬رعاية‭ ‬الفاشيست‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1946‭.‬

فى‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬1946قبل‭ ‬74‭ ‬سنة‭  ‬تشكلت‭ ‬اللجنة‭ ‬الأنجلو‭ /‬أمريكية‭ ‬لبحث‭ ‬مسألة‭ ‬يهود‭ ‬أوروبا‭ ‬والأوضاع‭  ‬فى‭ ‬فلسطين،‭ ‬كان‭ ‬التواجد‭ ‬البريطاني‭ ‬فى‭ ‬اللجنة‭ ‬مثل‭ ‬المدير‭ ‬الذى‭ ‬يسلم‭ ‬عهدته‭ ‬للمدير‭ ‬الجديد‭ ‬ويطلعه‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬محتويات‭ ‬المخازن‭ ‬والخزائن‭ ‬للشركة‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يديرها‭ ‬وأيضا‭ ‬آخر‭ ‬منتجات‭ ‬الشركة‭. ‬

من‭ ‬أجل‭ ‬حفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬وضع‭ ‬أرنست‭ ‬بيفن‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬بريطانيا‭ ‬وقتها‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬توجهات،‭ ‬معرفة‭ ‬الأحوال‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬الهجرة‭ ‬والاستيطان‭ ‬اليهوديين،‭ ‬بحث‭ ‬حالة‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭  ‬لأنهم‭ ‬ضحية‭ ‬للاضطهاد‭ ‬النازي‭ ‬والتدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬أو‭ ‬التى‭ ‬سيتم‭ ‬اتخاذها‭ ‬لإنقاذهم،‭ ‬وتقدير‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬يرغبون‭ ‬فى‭  ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين،‭ ‬سماع‭ ‬آراء‭ ‬الشهود‭ ‬من‭ ‬ممثلي‭ ‬العرب‭ ‬واليهود‭ ‬بشأن‭ ‬مشكلات‭ ‬فلسطين‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬بأحوال‭ ‬اليهود‭ ‬وتقديم‭  ‬التوصيات‭ ‬لحكومتي‭ ‬بريطانيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭.‬

بدأت‭ ‬اللجنة‭ ‬عملها‭ ‬من‭ ‬نيويورك‭ ‬وواشنطن‭ ‬لتستمع‭ ‬إلى‭ ‬الجالية‭ ‬اليهودية‭  ‬ثم‭ ‬عبرت‭ ‬الأطلنطى‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬لتتفقد‭ ‬أحوال‭ ‬اليهود‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ ‬ثم‭ ‬وصلت‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فى‭ ‬فبراير46‭ ‬لتكون‭ ‬محطتها‭ ‬الأولى‭ ‬والرئيسية‭ ‬هى‭ ‬القاهرة‭ ‬قبل‭ ‬القدس‭. ‬

التقت‭ ‬اللجنة‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬عزام‭ ‬أمين‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المسئولين‭ ‬والدبلوماسيين‭ ‬العرب‭ ‬ليشرحوا‭ ‬الوضع‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭ ‬ودعوها‭ ‬أيضا‭ ‬لزيارة‭ ‬بلدانهم‭ ‬وبتوصية‭ ‬بريطانية‭ ‬عقدت‭ ‬اللجنة‭ ‬لقاء‭ ‬خارجا‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬لقاءاتها‭ ‬المعتادة‭ ‬فعقدت‭ ‬اجتماعا‭ ‬مع‭ ‬مرشد‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭. ‬

‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬هو‭ ‬التقديم‭ ‬البريطانى‭ ‬لرجلهم‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬وجماعته‭ ‬التى‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬الامبراطورية‭ ‬البريطانية‭ ‬للسادة‭ ‬الأمريكان‭ ‬الجدد‭ ‬فمن‭ ‬ضمن‭ ‬ملفات‭ ‬التسليم‭ ‬والتسلم‭ ‬بين‭ ‬الامبراطوريات‭ ‬ملفات‭ ‬العملاء‭ ‬أيضا‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬أصبحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬شريكا‭ ‬لبريطانيا‭ ‬فى‭ ‬إدارة‭ ‬الملف‭ ‬الفاشى‭ ‬الإخوانى‭. ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬القرار‭ ‬المرجعى‭ ‬فى‭ ‬لندن‭ ‬والملجأ‭ ‬للجماعة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬وعند‭ ‬أى‭ ‬خطر‭  ‬القلب‭ ‬البريطانى‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬دائما‭ ‬لاحتضان‭ ‬صنيعة‭ ‬يده‭. ‬

بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التاريح‭ ‬فالدعاية‭ ‬الإخوانية‭ ‬السوداء‭ ‬الموجهة‭ ‬ضد‭ ‬الوطن‭ ‬العربى‭ ‬مقرها‭ ‬الرئيسى‭ ‬لندن‭ ‬حيث‭ ‬تلقى‭ ‬العناية‭ ‬والرعاية‭ ‬من‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬التى‭ ‬مازالت‭ ‬تشعر‭ ‬بالحقد‭ ‬تجاه‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭.‬

فى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تؤكد‭ ‬بريطانيا‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬علاج‭ ‬لحالتها‭ ‬الفصامية‭ ‬المتفاقمة‭ ‬أو‭ ‬ستتخلى‭ ‬عن‭ ‬حقدها‭ ‬تجاه‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬لكن‭ ‬دروس‭ ‬التاريخ‭ ‬والحاضر‭ ‬تقول‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مؤامرات‭ ‬الحالة‭ ‬البريطانية‭ ‬فشلت‭ ‬وسقطت‭ ‬أمام‭ ‬قوة‭ ‬وصلابة‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭.‬