استغلوا القوانين وأنشأوا خلايا سرية وسيطروا على المساجد

ضربة للإرهابية في قلب أوروبا.. ألمانيا تطارد الإخوان وتعزلهم في برلين| تقرير

المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا
المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا

كتبت: مي السيد

ضربة موجعة تلقتها جماعة الإخوان الإرهابية فى ألمانيا منذ أيام، عندما تم الإطاحة بكافة قياداتها داخل أكبر مجلس يجمع المسلمين تحت سقف واحد، وهو المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، وفى مقدمتهم المركز الإسلامى فى ميونيخ، واتحاد الطلبة التابع للإخوان المسلمين، وتجريد عدد من الشخصيات المؤثرة فى الجماعة من مناصبهم كان أبرزهم إبراهيم الزيات، وهى الخطوة التى وصفتها المراكز الأوروبية والسياسيين فى أوروبا، بأنها خطوة نحو اقتلاع جذور الإخوان من ألمانيا نهائيًا.

ونشرت الحكومة الألمانية، 5 مقترحات داخل جلسة لجنة الشئون الداخلية والوطنية المتعلقة بقضية الإسلام السياسى، كان أبرزها اعتبار الإسلام السياسى والمتشدد ظاهرة واحدة، بالإضافة إلى الفصل فى محاربة الإسلاميين المتشددين بين السنة والشيعة، وكان من ضمن المقترحات، منع أى تأثير دينى سياسى يأتى من الشرق الأوسط، ووضع استراتيجية شاملة للتعامل مع الإسلام السياسى، فضلا عن العمل على وقف مخططات أفكار الإسلام السياسى فى الأوساط الألمانية.

ويعود تاريخ تغلغل جماعة الإخوان فى ألمانيا إلى حقبة الخمسينيات؛ حيث أسست تنظيمات ومراكز وجمعيات فى ألمانيا خلال السنوات الأخيرة بواسطة قيادي الجماعة إبراهيم الزيات وأشقائه، فتحول مسجد ميونيخ والمركز الإسلامى فى المدينة لنقطة انطلاق لتأسيس أهم وأبزر جمعيتين للإخوان فى أوروبا، وهما الجمعية الإسلامية فى ألمانيا، والمركز الإسلامى فى جنيف.

شبكة عالمية
يعود تاريخ إنشاء المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا إلى عام 1994 بهدف متابعة شؤون الجالية المسلمة فى ألمانيا، ويشارك فى عضويته نحو 10 آلاف شخص، ويضم نحو 4 اتحادات إسلامية كبرى بألمانيا و20 منظمة متعددة الانتماءات يتبعها نحو 300 مسجد، وفى 31 يناير 2022 صنفت الاستخبارات منظمة التجمع الإسلامى، وهو أهم الأعضاء المؤسسين، أنه جزء من الشبكة العالمية للإخوان ومنظمتهم المركزية فى ألمانيا، وهو ما دفع المجلس لإنهاء علاقته بهم واستبعاده رسميا بعد أن علق عضويته خلال عام 2019، وجاءت الخطوة لنفى أى علاقة تربطه بجماعة الإخوان.

اقرأ أيضًَا

الاستخبارات الألمانية: رصدنا محاولات للتأثير على انتخابات البوندستاج من الخارج

وجاءت تلك التحركات بعد التحذيرات المستمرة التى أطلقتها الاستخبارات الألمانية بإحكام سيطرة الجماعة على الكثير من الجمعيات والمساجد، الأمر الذى هدد ألمانيا بأن تصبح نقطة التمركز الثانية للإخوان الإرهابية فى أوروبا بعد المملكة المتحدة، وكانت أول ضربة وجهتها ألمانيا للتنظيم الإرهابي هو حظر جماعة أنصار الدولية المعروفة بعلاقتها القوية بالإخوان لتمويلها الإرهاب ولقيامها بدور الوسيط بين الإخوان والمتطرفين فى ألمانيا، حيث اكتسب الإخوان مهارات تجنيد الشباب من الجماعات المتطرفة، وتعلمت الثانية أساليب التخفى عن أعين الأجهزة الأمنية مثل الإخوان، وهو ما جعل المراقبون يصفون هذا القرار ببداية لحظر الإخوان فى ألمانيا.

وتحدثت الاستخبارات الألمانية عن تنظيم الإخوان فى تقريرها السنوى عن خطورة الجماعة المتطرفة، نظرًا لارتفاع أعداد الجمعيات الإسلامية إلى 960 جمعية ومحاولاتهم المستمرة لتأسيس نظام سياسى واجتماعى متطرف فى ألمانيا، باعتمادهم على سياسة اختراق مؤسسات الدولة لخلق كوادر وساسة يصبحون صناع قرار فى المستقبل يستطيعون من خلالهم تكريس العنف والتطرف.

وحذرت الاستخبارات الألمانية من مخاطر الإسلام السياسى وخاصة هذه الجماعة، حيث اتبع الإخوان استراتيجية مختلفة فى ألمانيا عن باقى أوروبا، بالتبرء من علاقاتهم بالتنظيمات المتطرفة والترويج لأفكارهم عبر رسائل مزدوجة تحمل معانى خفية حتى يصعب على الأجهزة الأمنية كشفها، حتى أنه وصل الأمر إلى صياغة الرسائل باللغتين التركية والعربية والمراوغة فى حالة كشفها بأنها تفسيرات خاطئة للمعنى ليس أكثر.

وزير مالية العصابة
وأكدت الاستخبارات الداخلية الألمانية؛ أن إبراهيم الزيات هو أحد قيادات الإخوان فى التنظيم الدولى للإخوان والمسؤول عن التمويل المالى لجماعة الإخوان فى أوروبا وفى ألمانيا، ويتمتع الزيات بعلاقات قوية بمنظمة الإغاثة الإسلامية الأمر الذى يفسر حجم التمويلات الضخمة التى تتلقاها الجماعة من المنظمة، وهو ما دفع المجلس الأعلى للمسلمين فى ألمانيا إلى تجريد إبراهيم الزيات وزير مالية عصابة الإخوان من جميع مناصبه.

وتعد الاستخبارات الألمانية أنشطة الجماعة المالية هى الأخطر بين جميع المنظمات المتطرفة، وكشفت أن الجمعيات والمراكز الإسلامية التابعة للتنظيم العالمى لجماعة الإخوان تلقت ما يقرب من 80 مليون يورو فى شكل تمويلات من الحكومات الأوروبية، وقد حققت هذه الجماعات درجات متفاوتة من النجاح بما فى ذلك إقامة علاقات عمل مع أعضاء البرلمان الأوروبى وكبار مسؤولى الاتحاد الأوروبى.

البرلمان الألمانى
ويعمل البرلمان الألمانى مع هيئة حماية الدستور للتعامل بأكثر صرامة مع منابع ومصادر تمويل جماعة الإخوان الإرهابية، كانت البداية بفرض رقابة مشددة حول مصادر التمويل وتجفيف مصادره فى ألمانيا فى 22 أبريل 2022، كما طالبت الأحزاب الألمانية بإصدار قرار حظر نشاط الجماعة وتعقب أنشطتها المتطرفة، وفى 15 مارس 2022 قدم حزب البديل من أجل ألمانيا للبرلمان مشروع قرار يستهدف تشديد الرقابة على مصادر تمويل تيار الإسلام السياسى وتجفيف منابع تمويل جماعة الإخوان الإرهابية، وبالمثل قدم حزب اليسار فى نفس الشهر طلب إحاطة يتعلق بتمدد الإخوان داخل ألمانيا وعبر الحدود مع النمسا.

وكتب نائب رئيس البرلمان الأوروبى «نيكولا بير» إلى المفوضية الأوروبية؛ إنه من غير المقبول أن تتلقى الإغاثة الإسلامية تمويلا إذا كانت لها صلات بجماعة الإخوان الإرهابية، مشددًا على ألا تقع الأموال الأوروبية فى أيدى المنظمات المسؤولة عن معاداة السامية أو أى كراهية أخرى، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وهولندا توقفتا عن تمويل المؤسسة الخيرية.

تجفيف المنابع
ومن جانبه وصف المركز الأوروبى لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات فى ألمانيا التحركات الأخيرة عن مصادر تمويل الإخوان بألمانيا والمطالبة بتجفيف منابع هذه الأموال سواء من داخل أو خارج ألمانيا بجرس إنذار للمؤسسات الاقتصادية والمراكز الإسلامية والأحزاب السياسية المتورطة فى دعم الجماعة للنأي بنفسها عن جماعة الإخوان والتوقف فورا عن تقديم أى دعم من أى نوع لها من ناحية، وتحذير شديد اللهجة للجماعة نفسها بضرورة الكف عن أساليب التخفى والتغلغل فى المؤسسات التعليمية والمساجد من ناحية أخرى، ما يجبر الجماعة على إعادة ترتيب أوراقها من جديد ورسم استراتيجيات جديدة فى التمويل واستقطاب عناصر لها والتسلل للمجتمع الألمانى.

وقال المركز؛ إن جماعة الإخوان لم تكف عن الترويج لخطاب أن الجماعة أقلية تتعرض للتمييز وأن هذا الحال يتشابه مع أوضاع الجالية المسلمة فى ألمانيا بنشر وقائع مزيفة مغلوطة لاستقطاب الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وتطرح الخلايا الإلكترونية مناقشة بعض القضايا الشائكة مثل المرأة أو حقوق الأقلية أو المشاركة السياسية أو العنصرية فى المجتمع الألمانى وتتسلل من خلالها لكسب ود بعض الفئات من الجالية المسلمة التى تؤمن بالحريات الدينية ويصعب الوصول إليها عبر المراكز الإسلامية والمساجد.