مصر التى أنجبت ابن سينا، وابن الهيثم وابن الفارض، مصر التى كانت متقدمة فى كل العلوم والشعر والأدب، بعد أن كنا نلتهم روايات نجيب محفوظ ودروب حاراته، وإحسان عبد القدوس، بعد أن كنا نغذي إحساسنا بسينما، تنقل لنا الشخصيات من الورق لتعطيها الحياة في إبداع جميل، بعد أن كانت آذاننا تسمع موسيقى عذبة جميلة، تنبعث من موسيقار الأجيال وترانيم عوده الجميلة، وصوت العندليب وكوكب الشرق، بعد أن انتهى زمن العمالقة وانتهى زمن الرداءة، أصبحنا نعيش زمن الانحدار وأشباه المغنين.
انتهى زمن الرداءة وجاء زمن الانحدار، ولا أدري كيف تم الانتقال بنا من زمن إلى آخر، عندما تستيقظ وتجد الدينا بفضائياتها مشغولة بكلمات انتشرت كالجراد بين الشباب بتقول اإتي شندر مايا هورتى، أتا أتا إتي مونتو، إتي شندر أيا هورتي، أنتش وأجري، أنتش وأجري، تراباتاتا نوبن كيرا تتش يور يوبومساكين شيراتونب ويكررها وراءهم الفنانون القدوة وتخرج القنوات بعمل مقابلة مع صاحب الكلمات الذى هبط علينا من فوق السطوح، فهذا يؤكد أنه عصر الانحدار السريع، عصر ارتفع فيها سعر الجاهل الجريء بتاع الإعدادية العامة مثلما يقول، وانخفض سعر المثقف المتواضع والصوت الجميل، انتش وأجري مخترع رقصة الأوتو مونتو على السطوح اشتهر وبقى على التليفزيون المصرى العظيم.
الفضائيات وجريها وراء التريند صنعت فى كل شاب وبنت بيحاول يتعلم أو يجتهد الإحباط لأن الجهل دلوقت هو اللى راكب الطريق بمساعدتكم، تشعر أن هناك إعلاما موجها ضدنا وضد ثقافتنا وتراثنا على نشر هذه الأشياء التي نعتبرها رذيلة تدمر الأجيال الصغيرة، فأين المصنفات والرقابة على انتشار مثل هذه التفاهات المدمرة للمجتمع وماذا بعد عصر الانحدار.