أحسن مجلس القضاء الأعلى بإصدار قرار منع ظهور القضاة فى وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعى. القرار يحفظ هيبة السلطة القضائية، ويتفق مع الدستور والقوانين المختلفة، ويؤكد استقلالية القاضى، ويحميه من الدخول فى مهاترات الجدل والحوار، ويبعده عن كل الشبهات ومواطنها، وفى نفس الوقت ليس صحيحا ما تدعيه بعض المنظمات الحقوقية من أنه يخالف المعاهدات الدولية. وكل ما أتمناه أن يكون القرار نافذا على كافة الهيئات القضائية، لتنتهى الفوضى التى عمت الفترة الماضية وأثرت بالسلب على السلطة القضائية.
أختلف تماما مع ما ذهب إليه الأخ والصديق ناصر أمين رئيس مجلس أمناء مؤسسة دعم العدالة (منظمة مجتمع مدنى) من انتقاد للقرارالصادر من مجلس القضاء الأعلى، والذى نص على : يحظر على السادة أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة التحدث أو الكتابة أوالظهور فى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية أو منصات التواصل الاجتماعى الخاصة والعامة على حد سواء، وذلك بأشخاصهم أوصفاتهم أيا كان الموضوع. اعتبر ناصر أمين القرار يهدر التزامات مصر الدولية، وأنه يمس استقلال القضاة وحقهم فى التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم، وفقا لمبادئ الأمم المتحدة.
لقد رأينا فى الفترات الماضية ظهورا غير مشرف لكثير من أعضاء السلطة القضائية فى وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، ورأينا اختراقا لمبادئ العدالة وسيادة القانون، ورأينا حدة فى المناقشات أطرافها قضاة، وهو مالا يليق بالسلطة القضائية. القاضى هو الحصن الذى يلجأ إليه المواطن ويلتمس العدل بين يديه، لا يصح أن يكون القاضى متأثرا بالخصوم، ولا يصح أن يميل إلى طرف على حساب آخر، ولا يصح أن يرتبط بمصلحة مع أو ضد. لقد رأينا البعض من القضاة ممن يعشقون الظهور الإعلامى ويدلون بآراء فى مختلف القضايا، أو يسعون لنشر أحكامهم بشكل يوحى بالميل لرأى معين على حساب اتجاه آخر. كل هذه الأمور يجب أن يبتعد القاضى عنها، كما يجب أن نعيد النظر فى ترشيحات القضاة للأندية ومراكز الشباب لأنها بلا شك تؤثر فى حيادهم وتخترق حصانتهم.
كما تهتم الدولة بالقضاة فى توفير متطلبات حياتهم دون إحراجهم ، فإن على القضاة احترام حصاناتهم وحيادهم ونزاهتهم فوق منصة الحكم. ومن الواجب على كل مؤسسات الدولة أن تساعد السلطة القضائية فى الحفاظ على استقلالها وهيبتها. ومن الممكن حل مشكلات نشر القضايا والأحكام والقرارات بأسلوب يتفق عليه مع القائمين على السلطة القضائية.
دعاء: اللهم احفظ قضاة مصر.
