كلام والسلام

عنزة الجبرتي!

خالد حمزة
خالد حمزة

فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الجبرتى‭ .. ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬سنة‭ ‬ثلاث‭ ‬وسبعين‭ ‬ومائة‭ ‬وألف‭ ‬من‭ ‬الهجرة؛‭ ‬أخرج‭ ‬كبير‭ ‬خدام‭ ‬المشهد‭ ‬النفيسى‭ ‬واسمه‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬للناس‭ ‬عنزة‭ ‬صغيرة؛‭ ‬زعم‭ ‬أن‭ ‬أسرى‭ ‬المسلمين‭ ‬بأرض‭ ‬الفرنج‭ ‬قد‭ ‬أحضروها‭ ‬معهم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توسلوا‭ ‬بالسيدة‭ ‬نفيسة‭ ‬وهم‭ ‬فى‭ ‬الأسر‭ ‬ليخرجوا‭ ‬منه‭ . ‬

وكانت‭ ‬العنزة‭ ‬معهم‭ ‬وقد‭ ‬عزموا‭ ‬على‭ ‬أكلها؛‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توسلوا‭ ‬بالسيدة،‭ ‬جاء‭ ‬سجانهم‭ ‬وأطلقهم،‭ ‬وحذرهم‭ ‬من‭ ‬ذبح‭ ‬العنزة،‭ ‬ولما‭ ‬حضروا‭ ‬لمصر‭ ‬صحبوها‭ ‬معهم،‭ ‬وذهبوا‭ ‬للمشهد‭ ‬النفيسى‭ ‬فوجدوها‭ ‬قد‭ ‬وقفت‭ ‬عند‭ ‬المقام‭ ‬ثم‭ ‬صعدت‭ ‬للمنارة‭ ‬وسمعوها‭  ‬تتكلم‭ .‬

وقيل‭ ‬لهم‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تأكل‭ ‬إلا‭ ‬قلب‭ ‬اللوز‭ ‬والفستق؛‭ ‬وتشرب‭ ‬ماء‭ ‬الورد‭ ‬والسكر‭ ‬المكرر،‭ ‬وعملت‭ ‬النساء‭ ‬لها‭ ‬القلائد‭ ‬الذهبية‭ ‬والأطواق‭ ‬والحلى؛‭ ‬وذهبن‭ ‬لزيارتها‭ ‬ومشاهدتها،‭ ‬فأرسل‭ ‬الأمير‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬كتخدا‭ ‬للشيخ‭ ‬عبداللطيف،‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬الحضور‭ ‬بالعنزة‭ . ‬

فركب‭ ‬الشيخ‭ ‬بغلته‭ ‬والعنزة‭ ‬فى‭ ‬حجره‭ ‬ومعه‭ ‬طبول‭ ‬وزمامير‭ ‬وبيارق‭ ‬ومشايخ،‭ ‬ودخل‭ ‬بيت‭ ‬الأمير‭ ‬وفيه‭ ‬الكبراء‭ ‬من‭ ‬المشايخ‭ ‬والأمراء،‭ ‬فأمر‭ ‬بإدخالها‭ ‬للحريم‭ ‬ليتبركن‭ ‬بها،‭ ‬ثم‭ ‬أوصى‭ ‬طباخه‭ ‬بأن‭ ‬يذبحها‭ ‬ويطبخها،‭ ‬وقدم‭ ‬الطعام‭ ‬للحاضرين‭ ‬ومن‭ ‬ضمنه‭ ‬العنزة،‭ ‬وأكلوا‭ ‬منها‭ ‬وأكل‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف،‭ ‬والأمير‭ ‬يقول‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطعام‭ ‬السمين‭ .‬

فلما‭ ‬فرغوا‭ ‬من‭ ‬الأكل‭ ‬وطلب‭ ‬الشيخ‭ ‬عنزته،‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬الأمير‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬بين‭ ‬يديك‭ ‬فى‭ ‬الصحن‭ ‬وأكلتها‭! ‬فبهت‭ ‬فبكّته‭ ‬الأمير‭ ‬ووبّخه،‭ ‬وأمره‭ ‬بوضع‭ ‬جلد‭ ‬العنزة‭ ‬على‭ ‬عمامته،‭ ‬وأن‭ ‬يذهب‭ ‬بها‭ ‬وبين‭ ‬يديه‭ ‬الطبول‭ ‬والزمامير‭ ‬والمشايخ،‭ ‬ليجعل‭ ‬منه‭ ‬عبرة‭ ‬لكل‭ ‬دجال‭ ‬مدعٍ‭!‬

[email protected]