فى تاريخ الجبرتى .. أنه فى سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف من الهجرة؛ أخرج كبير خدام المشهد النفيسى واسمه الشيخ عبد اللطيف للناس عنزة صغيرة؛ زعم أن أسرى المسلمين بأرض الفرنج قد أحضروها معهم، بعد أن توسلوا بالسيدة نفيسة وهم فى الأسر ليخرجوا منه .
وكانت العنزة معهم وقد عزموا على أكلها؛ ولكن بعد أن توسلوا بالسيدة، جاء سجانهم وأطلقهم، وحذرهم من ذبح العنزة، ولما حضروا لمصر صحبوها معهم، وذهبوا للمشهد النفيسى فوجدوها قد وقفت عند المقام ثم صعدت للمنارة وسمعوها تتكلم .
وقيل لهم إنها لا تأكل إلا قلب اللوز والفستق؛ وتشرب ماء الورد والسكر المكرر، وعملت النساء لها القلائد الذهبية والأطواق والحلى؛ وذهبن لزيارتها ومشاهدتها، فأرسل الأمير عبد الرحمن كتخدا للشيخ عبداللطيف، وطلب منه الحضور بالعنزة .
فركب الشيخ بغلته والعنزة فى حجره ومعه طبول وزمامير وبيارق ومشايخ، ودخل بيت الأمير وفيه الكبراء من المشايخ والأمراء، فأمر بإدخالها للحريم ليتبركن بها، ثم أوصى طباخه بأن يذبحها ويطبخها، وقدم الطعام للحاضرين ومن ضمنه العنزة، وأكلوا منها وأكل عبد اللطيف، والأمير يقول له كل من هذا الطعام السمين .
فلما فرغوا من الأكل وطلب الشيخ عنزته، قال له الأمير هى التى كانت بين يديك فى الصحن وأكلتها! فبهت فبكّته الأمير ووبّخه، وأمره بوضع جلد العنزة على عمامته، وأن يذهب بها وبين يديه الطبول والزمامير والمشايخ، ليجعل منه عبرة لكل دجال مدعٍ!