«أبحاث علمية» ترشد عن مقبرة «إيمحتب» مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة

إكتشاف مقبرة "إيمحتب" مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة
إكتشاف مقبرة "إيمحتب" مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة

"البعثة المصرية للآثار" هل تبهر العالم بالإعلان عن هذا الكشف المهم؟ 

ننشر تفاصيل محاولات الوصول لمقبرة «إيمحتب» بسقارة



أعلنت وزارة السياحة والآثار أمس السبت عن قيام البعثة الأثرية المصرية بإستئناف أعمال موسم الحفائر السادس لها بمنطقة آثار سقارة، برئاسة الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والتي أسفرت فى السنوات السابقة عن الكشف عن مجموعة من الأواني الفخارية عليها كتابات باللغة المصرية القديمة في صورة خطوط ديموطيقية وبداخلها مجموعة من قوالب الجبن الأبيض.

وأضاف وزيرى أنه مازال هناك مجموعة أخرى من الأواني مازالت مغلقة تماما وستقوم البعثة بفتحها لمعرفة ما تحويه بداخلها من أسرار كما سيتم استكمال أعمال الحفائر للكشف عن المزيد من كنوز هذه المنطقة.

إلا أن العديد من الأثريين لهم رأى آخر متسائلين: هل قيام البعثة المصرية للآثار بفتح أوانى مكتشفة مسبقا هو الأهم أم أن ما نشره مهندس الآثار الفرنسي «برونو ديسلاندي» Bruno Deslandes خلال أبحاثه التى أشار فيها إلى موقع مقبرة إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج هو الأهم والأجدر بالبحث عنه وتوجيه الإنفاق على الحفائر له بهدف تحقيق إكتشاف عالمى يضيف إلى إنجازات البعثة المصرية العاملة بالآثار فى منطقة آثار سقارة ويحقق رواجا سياحيا على المستوى العالمى ؟!

                                        الأثرى الكبير منصور بريك

أصل الحكاية

الحكاية بدأت عندما كشف الأثرى الكبير منصور بريك قصته مع مهندس الآثار الفرنسي «برونو ديسلاندي» Bruno Deslandes والتى نشرتها «بوابة أخبار اليوم» يوم الخميس الماضى الموافق 8 سبتمبر الجارى تحت عنوان: "العالم فى انتظار الكشف عن مقبرة مهندس هرم زوسر المدرج" كشف فيه خبير الآثار الأثرى منصور بريك لقائه بالمهندس الأثري الفرنسي «برونو ديسلاندي» Bruno Deslandes والذى أخبره بأنه كان يعمل فى مشروع توثيق الهرم المدرج والرفع المعماري والممرات الواقعة أسفله بالليزر سكانLaser Scan  ورفع  ثلاثى الأبعاد 3d فى الفترة من عام ٢٠٠٣م وحتى عام ٢٠٠٧م عندما كانت تنفذ أعمال ترميم الهرم المدرج، واكتشف فى ممر أسفل الهرم المدرج وبين المداميك طبعات أختام  كبيرة الحجم على المونة التي تربطها تحمل تلك الأختام ولأول مرة إسم الملك ، زوسر، "نثري خت" ووزيره الشهير مهندس الهرم المدرج  ،"إيمحوتب" فى ختم واحد وعلى أكثر من مكان فى هذا الممر؟ .

قصة أختام زوسر وإيمحوتب !

وأضاف أنه من المعروف أنه توجد قاعدة تمثال حجر جيري للملك زوسر عليها اسم إيمحوتب أيضا.. وقام برفع الآبار الموجودة فى المدرج الثالث من مدرجات الهرم معماريا والتى تؤدي إلى ممرات أسفله والخاصة بعائلة وبنات الملك زوسر وكذا الممرات الواقعة أسفل بيت الشمال وبيت الجنوب ولكن من بين تلك الممرات وهو الممر الذي كان على مونة مداميك الحجر فيه أختام "زوسر وإيمحوتب" معا حيث ينتهى قبل قاعدة الهرم المدرج ببئر رأسي لم يكتمل تنقيبه عثر فيه سابقا على بقايا أثرية من العصور اليونانية والرومانية.

وأشار الأثري منصور بريك إلى أن هذا البئر يؤكد أنه كانت له قيمة دينية خلال تلك العصور مع ملاحظة أن اليونانيين ربطوا بين إيمحوتب وإله الطب اسكليبيوس ويضيف «برونو» أن أعمال المسح الراداري GPR التى قام بها حول الهرم قد أثبتت أن لهذا البئر ممر يمتد إلى خارج المجموعة الهرمية بأكثر من 100 متر ويقول أنه حمل نتائجه هذه وإلتقى الأثري الكبير الراحل «ليكلان» فى الأكاديمية العلمية فى فرنسا والذى أطلعه على مذكرات "جان فيليب لوير" الذى قضى حياته العملية كلها ينقب ويرمم فى المجموعة الهرمية للملك زوسر فوجد أنه عثر على بئر يؤدي إلى هذا الممر ولكنه حفر فيه بعمق ستة أمتار ولم يستكمل الحفر.

                           المهندس الأثري الفرنسي «برونو ديسلاندي»

وقد نشر هذا المهندس الفرنسي نتائجه فى بحثين علميين باللغة الفرنسية، كما أكد أنه عند توثيقه للمدخل الجنوبي للهرم المدرج والذي تم حفره فى جسم الهرم فى العصر الصاوي والذي يؤدي إلى ممر تدعم سقفه أعمدة حجرية قصيرة أن أحد تلك الأعمدة كان قد تم نقله من الجبانة البوباسطية فى سقارة للهرم المدرج فى العصر الصاوي وأنه غير موجود وتبين أن "أوجست مارييت" قد نقله من الهرم إلى متحف برلين وهى حاليا فى مخازن المتحف.

ويتساءل الأثرى منصور بريك هل ما توصل إليه المهندس الأثري "برونو" بالمسح الراداري هو مقبرة إيمحتب التى حيرت علماء الآثار فى الكشف عن مكانها وحاول الكثير الكشف عنها دون جدوى.. أم أنه مجرد ممر طويل يؤدي إلى مقبرة رمزية  تقع خارج الهرم المدرج؟؟

رأي خبير الآثار منصور بريك 

وأكد الأثرى الكبير منصور بريك فى تصريح لبوابة أخبار اليوم أن الموضوع فى حاجة إلى أعمال تنقيب ودراسات تؤكد أو تنفي ما جاء فى أبحاث "برونو".

كما برى "بُريك"  أنه من الضرورى مطالبة متحف برلين بإعادة العمود الخاص بالممر الجنوبي للهرم وإعادة تثبيته فى مكانه لتدعيم سقف هذا الممر.

ويوضح خبير الآثار منصور بريك أن الهرم المدرج مر بأكثر من مرحلة فى بنائه والمفترض أن المرحلة الثالثة هى الأخيرة وهى المصطبة الثالثة والتى يوجد فيها الآبار وغرف سيدات زوسر وبناته.

وأشار بريك إلى أن «هذه الآبار رأسية وممتدة أسفل الهرم بأنفاق وبئر إيمحتب وسطهم ونازل ولكنه ليس أسفل الهرم إنما من خلال نفق واصل لخارج المجموعة الهرمية فى إتجاه شرق الهرم وخارج بناء المجموعة».

وأوضح بريك أن المصطبة الثالثة التى بها آبار دفن بنات زوسر والتى من المفترض أنها ستكون المرحلة الأخيرة من الهرم، قام إيمحتب بإنشاء البئر غير المتصل بالأنفاق التى تمتد للهرم وقد حفر "فيليب لوير" حوالى 6 أمتار فى هذا النفق لكنه لم يستكمل الحفر.

ويشير منصور بريك إلى أن هناك مثال آخر يدل على أن مقبرة إيمحتب بالقرب من مقبرة زوسر وهى مقبرة «سنموت» مهندس الملكة حتشبسوت التى سمحت له بإنشاء مقبرته ممتدة بنفق تحت التراس الأول لمعبدها ليعيش معها فى العالم الآخر مثل إيمحتب فى سقارة.


رأى كبير الأثريين


كبير الأثريين فرج سليم البحطيطى يشير إلى أن الملحوظة التى ذكرها المهندس الفرنسي «برونو ديسلاندي» واكتشف «فى ممر أسفل الهرم المدرج وبين المداميك طبعات أختام  كبيرة الحجم على المونة التي تربطها تحمل تلك الأختام ولأول مرة اسم الملك، زوسر، "نثري خت" ووزيره الشهير مهندس الهرم المدرج، "إيمحوتب" فى ختم واحد وعلى أكثر من مكان فى هذا الممر؟»  قد تمر تلك الملاحظة مرور الكرام على بعض الأثريين ولكنها لم تمر هكذا عند الدكتور منصور بوريك وأظن أن كشف مهم قادم بدقة وعلم وخبرة عالم الآثار المصرية الدكتور منصور بوريك ولا يجب إغفال ملاحظات المهندس الفرنسى المنشورة فى دوريات محترمة.

 

                     د. مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار

تصريحات الأمين العام للآثار 

جدير بالذكر أن ما يؤكد صحة أبحاث مهندس الآثار الفرنسى "برونو ديسلاندى" جاء فى تصريحات صحفية على لسان د. مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار التى أدلى بها يوم الإثنين 30 مايو الماضى وقال فيها أن: الآثار المكتشفة في منطقة سقارة تقربنا من مقبرة مهندس هرم زوسر وأضاف أن حلمه المقبل هو العثور على مقبرة العبقري إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج، أول بناء حجري عرفته البشرية، وصاحب الفضل في التحول من البناء بالطوب اللبن إلى الحجارة، ووضع اللبنة الأولى لما نراه من عجائب الدنيا الباقية على أرض مصر.

وأضاف وزيرى: «أتمنى أن يكون كشفنا المقبل مقبرة إيمحتب بأياد مصرية لأبناء البعثة المصرية التي أبهرتنا، وأبهرت العالم بالعديد من الاكتشافات».

 

                                   الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق

تصريحات د. زاهى حواس وزير الآثار الأسبق

العجيب أن الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق أيضا سبق أن كشف تفاصيل البحث عن مقبرة إيمحوتب في سقارة يوم الثلاثاء 28 سبتمبر الماضى خلال محاضرته حول الاكتشافات الأثرية الأخيرة في مصر، في إطار فعالية «أيام مصر في الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية» التي أقيمت العام الماضى في موسكو.

حيث قال عالم المصريات، الدكتور زاهي حواس، إنه يبحث برفقة بعثة أثرية عن قبر إيمحوتب، من خلال الحفائر الأثرية في سقارة، وهو المهندس العبقري الذي كان صاحب فكرة تحويل البناء من الطوب اللبن إلى البناء بالحجارة في العالم، والذي شيد هرم الملك زوسر في منطقة سقارة.

هذه التصريحات التى من شأنها تأكيد نظرية وأبحاث مهندس الآثار الفرنسى "برونو". 

مفاجأة حواس !

لكن سرعان ما عاد حواس ليخبرنا يوم الخميس الماضى الموافق 8 سبتمبر الجارى وبعد مرور عاما على تصريحاته في الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية أن فريقه بحث عن مقبرة إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج بمنطقة آثار سقارة ولم يعثر على شئ وأن البعثة أوقفت أعمالها فى البحث عن مقبرة إيمحتب بعد عدم عثورها على شئ.

                       الدكتور محمد عبد المقصود أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق

 

د. محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق


خبير الآثار الدكتور محمد عبد المقصود أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق يشير إلى أهمية ما نشر بشأن المهندس الفرنسى "برونو" وتأكيده على قرب اكتشاف مقبرة إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة فضلا عن أن كافة المعلومات والأبحاث التى نشرها مهمة جدا لأى بعثة حفائر تعمل بالموقع حاليا وخاصة أن هذه الأبحاث قد ترشدنا إلى مقبرة إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة ليتم الإعلان عن كشف أثرى كبير ومهم بالنسبة لمصر.

 الغريب فى الأمر أن الأثرى الكبير مجدى الغندور سبق أن صرح أن المهندس الفرنسى كان يعمل ضمن بعثة آثار فرنسية كانت تقوم بأعمال مهمة جدا بمنطقة آثار سقارة وأن أعمالها توقفت بسبب مشروع ترميم هرم زوسر المدرج بسقارة.

وفى النهاية يظل هناك تساؤلات مشروعة: " أين طبعات الأختام للملك زوسر ومهندس الهرم إيمحتب والتى ذكرها المهندس الفرنسى فى أبحاثة ولماذا لا تطالب إدارة الآثار المستردة متحف برلين بإعادة العمود الخاص بالممر الجنوبي للهرم وإعادة تثبيته فى مكانه لتدعيم سقف هذا الممر؟!. ولماذا توقف د. زاهى حواس عن البحث عن مقبرة إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة والذى من شأنه قيام البعثة المصرية للآثار مجددا بإبهار العالم من خلال الإعلان المرتقب عن إكتشاف مقبرة إيمحتب مهندس هرم زوسر المدرج بمنطقة آثار سقارة.