مجرد فكرة

دجل وشعوذة

محمود سالم
محمود سالم

 القانون لا يحمى المغفلين .. تلك المقولة الشهيرة من غير المعقول أن تتحول إلى القانون يحمى المغفلين والدجالين والمشعوذين ويرعاهم ، وإن لم يكن يحميهم فهو يكتفى بإغماض عيونه عن بعض الجرائم مثل البرامج التى تبثها بعض القنوات الفضائية والتى تستضيف شيوخ الخزعبلات والاحتيال للضحك على ذقون البسطاء والمرضى ممن يتعلقون بقشة فى بحار الخداع بحثا عن علاج هو الوهم بعينه الذى يجلب الملايين من الجنيهات باسم الدجل والشعوذة والنصب .. يعنى  دجالين برخصة ينشرون الجهل بين البسطاء ويؤصلونه بين الجهلاء !

منذ عدة سنوات تناولت قضية الإعلانات التى تبثها بعض تلك القنوات بشأن علاج مختلف الأمراض دون استثناء بداية من الصداع مرورا بالسكر والضغط والروماتيزم وانتهاء بالسرطان ، وكذا السحر بمختلف درجاته الأسود والبمبى والسفلى والأرضى وجلب الرزق ومكافحة الحسد وإعادة المسروقات وجلب الحبيب وإعادة المطلقة إلى زوجها خلال ساعات وإعادة محبة الحموات فى 3 ساعات فقط ، ليس هذا فقط بل استخراج الجان من الجسم وتسخيره للقيام بأعمال لا حدود لها وغيرها من الخزعبلات لكن هذه الإعلانات نسيت الادعاء بعلاج كورونا وجدرى القرود !

 أيامها قيل لى إنه من الصعب وقف تلك القنوات الفضائية لكونها تبث إرسالها من خارج مصر ، والحقيقة أننى صدقت ما قيل لى من وزير اتصالات سابق لكنى فوجئت منذ أيام بقناة تستضيف دوريا صاحب ذقن طويل وكثيف وشكل مرعب وصوت أجش ومخيف يدعى العلاج بنفس الأساليب من خلال مركز مقره شبرا الخيمة « عنوانه شارع كذا وتليفونه كذا وكذا » وقد  اتصلت به ليرد  شخص قال إن فاتورة الدخول 150 جنيها ، وعلى الفور سألته : هل تطلبون أموالا أخرى بعدها ؟ ليأتى الرد سريعا : هذا ما يحدده الشيخ أطال الله فى عمره .. الكارثة أنهم يتمسحون بادعاء العلاج بالقرآن .. يعنى تجارة باسم الدين . وقمة المسخرة عندما تشاهد هذا المدعى يجاهد للفوز بأكبر عدد من المغفلين والبسطاء والمرضى نفسيا أو عقليا وشبه مذيع  تشعر أنه شريك مؤسس لشيخ المنصر بهدف إسالة لعاب الجهلاء وتفريغ جيوبهم الخالية أساسا من الأموال ! 

وبعد .. إذا كان التحكم فى بث إرسال تلك القنوات صعبا أو مستحيلا كما قيل ، هل من الصعب إغلاق مراكز النصب إياها خاصة أنها تعلن صراحة عن أماكن تواجدها وأرقام تليفوناتها ولها مواقع على الفيس بوك .. اللهم إذا كان هناك مستفيدون من استمرار المهزلة ، وربما يكون هؤلاء فى حاجة للعلاج مثلهم مثل الذين يرتادون تلك المراكز لغرض فى نفس يعقوب .. أنا على يقين أن المراكز إياها تمارس جرائمها دون ترخيص وإن كانت بترخيص فتلك كارثة الكوارث !