رفعت الجلسة| لست ملاكا.. ولسنا أنبياء

 لست ملاكا
لست ملاكا

كانت غلطة يا زوجى، خطيئة يا أولادى ارتكبتها وقت ضعف، لم أكن أدرى ماذا افعل؟، تملكنى شيطان الغرور بجمالى، وألقيت نفسى فى شباكه، تخليت عن جزء من أمانتى لكم.

والآن نلت جزائى، فلماذا كل هذه القسوة معى، وإلى متى أظل منبوذة، أسيرة فى بيتى، مكروهة من الجميع، حتى أقرب الناس لى؟..

رجاء «أيها الصالحون»!

الذين يسكنون بيتى، اعلموا أننى لست ملاكا، توقفوا عن عقابى، فما ارتكبته لا يستحق كل هذه المعاناة، لقد غفر لى ربى، وقبل توبتى، وأخشى أن يكون مصيرى الانتحار، بعد أن تخلى عنى الجميع.

على ضفاف مجرى النيل فى إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، يقبع ذلك البيت الريفى، الذى تزينه الأشجار من كل مكان، وبداخل جدرانه تعيش، أسرة مكونة من زوجة وفتاتين .

الزوجة أربعينية جميلة ذات عينين خضراوين وجمال ممشوق، والفتاتان تتراوح أعمارهما ما بين العاشرة والسابعة عشرة، وقد سرقا جزءا من جمال الأم.
فى ذلك الوقت، كانت الساعة قد اقتربت من الثانية صباحا، الجميع نيام إلا الزوجة، مازالت تتحدث عبر الهاتف مع شخص ما، ضحكاتها تقول إنها سعيدة، مرحة، لكن رغم ذلك كان الخوف يتملكها، فيقودها شيطانها إلى إلقاء الهاتف على الفراش، ثم الإسراع إلى غرف ابنتيها تتحرك ببطء، وبعد أن تتأكد أنهما نيام تعود إلى حديثها المرح مرة أخرى.

اعتادت الزوجة على حالة القلق والخوف دائما مع حلول ساعات الصباح الأولى، كانت تخشى أن يتصل بها زوجها المسافر للعمل فى إحدى الدول العربية، فيسألها مع من تتحدث فى هذا التوقيت؟، فلا تجد مبررا يتقبله العقل لتخبره به، لذلك أحضرت شريحة اتصال أخرى غير التى تملكها.

مرت الأيام وتطور الحديث بين الزوجة والعشيق - من النصائح، إلى كلمات حب وشوق ورغبة فى اللقاء، لكن الزوجة كانت ترفض المقابلة رغم إلحاح الغريب، هى تعلم أنها تعيش فى قرية وزوجها مسافر، وكل خطوة مرصودة من أهلها، وأهل زوجها وبناتها كذلك.

كان العاشق الغريب من محافظة مجاورة، شاب ذو تعليم عال متزوج ولديه طفلة صغيرة، شاهد الزوجة فى أحد الأماكن العامة، وقت أن كانت تذهب إلى المصيف مع زوجها وبناتها فى هذه المحافظة، جذبه جمالها الأخاذ، لم يتمالك نفسه، تحدث معها، وبعد إلحاح منه حصل على هاتفها، وبدأ التواصل بين الطرفين متقطعا فى البداية، حتى أصبح يوميا بعد سفر الزوج إلى الخارج.

تطور الحديث عبر الهاتف بين الاثنين إلى ما يشبه الخيانة، تحول الكلام إلى صور متبادلة عبر الواتس اب، تناست الزوجة أنها متزوجة وأم لفتاتين، أغراها جمالها، وأوهمت نفسها أن قلبها يحتاج للحياة والنبض من جديد، أرسلت إلى ذلك الشاب كل ما يريده، وعاشت معه «الخطيئة» عبر الهاتف، أدمن الإثنان الحديث معا، كانا يتسامران ليل نهار، ينتهزان الفرصة لهدوء البيت، ويتواصلان، فما كان يعيقهما هو النوم فقط.

ارتبط قلب الزوجة بذلك الشاب، اتفقت على اللقاء معه، لكن تجددت أمور حالت دون حدوث المقابلة، عاد زوجها من السفر بعد غربة عامين، وضعت الزوجة مع عشيقها، خطوطا حمراء، طلبت منه أن يتوقف شهرا كاملا عن الحديث معها حتى يعود زوجها إلى عمله بالخارج.

على الجانب الآخر، كانت زوجة ذلك الشاب تشعر أن هناك أمرا ما يحدث، لقد سمعت زوجها يتحدث مع سيدة عبر الهاتف، يغازلها، ويتفق معها على اللقاء، شاهدته يدون عنوان منزلها فى ورقة ويتركها على المنضدة قبل خروجه للعمل.

لم تستوعب الزوجة ما حدث، هناك خيانة بالفعل أمام عينيها، سجلت التوقيت الذى كان يتحدث فيه زوجها مع هذه السيدة، انتظرت حتى عاد من العمل، طلبت منه هاتفه للاتصال بوالدها، أخذت الهاتف وتحركت إلى داخل حجرتها، بحثت عن رقم الهاتف، وجدته مدونا باسم أخيه، ثم بحثت عن المحادثات بينهما عبر الواتس، فاكتشفت الخيانة كاملة.

شعرت الزوجة بصدمة وهى تقرأ المحادثة بين زوجها وتلك السيدة الغريبة ، شاهدت الصور وفظاعتها، كتمت دموعها بين عينيها، أرسلت المحادثة كاملة إلى هاتفها، ثم تظاهرت بالسعادة ورسمت الابتسامة العريضة على وجهها، بعدها خرجت وأعطت الهاتف لزوجها.

كانت الزوجة حريصة على تتبع زوجها، أياما وهى تشاهده بعينيها وتسمعه يخونها مع تلك السيدة، لكنها فى نفس الوقت كانت حريصة عندما تأخذ الهاتف، توثق الخيانة صوتا وصورة وكتابة.

ظلت الزوجة فى حيرة من أمرها، وتتساءل بقلق: ماذا تفعل لتحافظ على زوجها من هذه السيدة؟، وبعد تفكير طويل أيقنت أن زوجها أدمن الحديث مع عشيقته، قررت أن تحل المشكلة بنفسها حتى تستطيع أن تحافظ على بيتها، فزواجهما لم يمر عليه سوى ثلاثة أعوام، وابنتهما لم يتجاوز عمرها العام والنصف.

تواصلت الزوجة مع شقيقها، أحضر سيارته، وتوجه الطرفان إلى بيت «العاشقة»، وعند وصولهما القرية، سألت الزوجة على بيت السيدة وزوجها، وبمجرد دخولها المنزل طلبت الجلوس مع الزوج بمفردهما.

تعجب الزوج العائد من السفر من القدوم المفاجئ، يتساءل فى حيرة من أمره، من هذه الفتاة، وماذا تريد؟، لكنها بادرت بالحديث، عرفت نفسها للزوج، وأخبرته أن سبب طلبها الجلوس معه لوحدهما، هو ما يقرأه وما سيشاهده على هذا الهاتف، ثم أعطت الزوج الهاتف وطلبت منه القراءة جيدا.

ساور القلق الزوج، كان يخشى أن تكون ابنته، قد عشقت شابا ما، لكن الصدمة كانت كبيرة وهو يقرأ فى المحادثة بين زوجته وزوج الفتاة، تصبب العرق من أنحاء جسده، وبدأت يده ترتعش بمجرد أن شاهد صور زوجته الخليعة التى أرسلتها لذلك الشاب، لكن رغم ذلك تماسك، وأخبر السيدة أن زوجته لا تفعل مثل هذه الأمور، وأن ما شاهده ليس حقيقيا، قاطعته الفتاة، وأخبرته بصوت مرتفع أن هذه زوجته، وقد خانته مع زوجها، طردها الزوج خارج المنزل، لم تصمت الفتاة، ارتفع صوتها، وأخذت تسب وتشتم، حتى انتبه الجيران، وسحبها شقيقها بعيدا عن المنزل، لكن قبل مغادرتها كانت قد كشفت للجميع السر، صوتها قد ملأ القرية صخبا.

أصبحت هذه السيدة الغريبة حديث القرية، لقد علم الجميع السر، هناك زوجة خائنة، عشقت شابا خلال سفر زوجها، وأرسلت إليه صورا خليعة، ومحادثات غير أخلاقية، لم يتمالك الزوج نفسه، بعد أن أصبح فى ورطة، ليس هو فقط، بل ابنته الكبرى التى كان زواجها بعد عام من الآن.

طلق زوجته، وطردها خارج المنزل، تواصل مع أهلها وأخبرهم بالحقيقة، وطلب منهم ألا تقترب زوجته من المنزل، وأنها أصبحت «ميتة« فى نظره ونظر بناتها.

مرت الايام والزوجة قابعة فى حجرة بمنزل أبيها، لقد تجنبها الجميع الأقارب والأبناء، حتى ابنتها، لم يكتمل عرسها، وتركها خطيبها، ولم يعد يتقدم إلى ابنتيها أحد للارتباط بهما.

أظلمت الحياة أمام الزوجة، حاولت ان تقنع الاقارب، أن ما فعلته لا يرقى للخطيئة الكبرى، بل خطأ ارتكبته، فى لحظة غرور، ونالت جزاءها، فلماذا كل هذه المعاناة؟.

لم تجد أمامها إلا طلب التوبة، والرجوع الى الله، بكت وندمت، وتوسلت كثيرا أن يغفر الله لها، وعندما تحقق ذلك، واطمأن قلبها، وبدأ الجيران التحدث معها، أخذ الأب ابنتيه وترك القرية، باع أطيانه وبيته، وغادر معهما إلى السعودية دون رجوع مرة أخرى.

حاولت الزوجة التواصل مع أسرتها عبر وسطاء، لكن محاولاتها فشلت، هى تريد أن يغفروا لها خطيئتها، لكنهم أغلقوا أمامها كل الأبواب، وبعد أن عجزت لجأت للقضاء على أمل أن تحظى بحكم رؤية لابنتها الصغيرة، لتكون فرصة لطلب العفو منها وكسب رضاها ..

ومازالت القضية متداولة حتى الآن.

إقرأ أيضاً|«رفعت الجلسة» فتحت النقاش | ماذا نريد من القانون؟ (1)