يوميات سوشيالجي 

محمد فرغلي يكتب: تعاطفت.. فوقعت في الفخ

محمد فرغلي
محمد فرغلي

تراهم في كل مكان‏،‏ يلاحقونك بأساليب مختلفة،‏ ويجددون في أفكارهم ويبتكرون طرقًا جديدة‏ من الصعب حصرها، كلها تجري في فلك واحد هو الإيقاع بالفريسة بطُعّم التعاطف.

إن تعاطفت معهم فقد وقعت في الفخ.. دائمًا يعملون لاستجداء الجميع مترجلا أو جالسا أو قائما أو راكبا.. هل عرفتوهم؟.. 

عن دنيا الشحاذين أو كما يسميهم البعض "الشحاتين" أتحدث.

إن صادفك أحدهم فأنت في الغالب تمنح أموالك لغير مستحقيها ممن يجيدون فن التمثيل.. 

هنا وقعت في الفخ الذي لا أيد لغيري أن ينزلق فيه، لذلك سأسوق إليكم سردًا من بعض القصص التي كان أبطالها شحاتون بدرجة "إمتياز". 

1- ادعاء المرض

رجل مُسن عيناه ممتلئة بالدموع يرتدي جلبابا، ومعه كرتونة دواء فارغة، استوقفني عند دخول الصيدلية، ثم بادرني قائلا: "أنا تعبان يابني ومحتاج حد يشتري لي هذا الدواء، والله مش قادر أتنفس".

 صعبت عليّ نفسي، دخلت مسرعًا إلى الصيدلي لشراء الدواء، الذي كان ثمنه مائة وخمسون جنيهًا، نصحني الصيدلي عند شرائي، أن أعطي الدواء لهذا الرجل بدون كرتونة؟!..

بالفعل فعلت!، لأتفاجأ برد فعل صادم، الرجل الذي كان يبكي، صرخ في وجهي قائلاً "فين الكرتونة.. عايز الكرتونة"..

اكتشف أنه يريد الدواء بغلافة كي يستطيع بيعه لمكان آخر ويحصل على أمواله.

2- محفظتي وقعت

كنت ذاهب إلى العمل، فاستوقفني شاب في العقد الثاني من العمر، أخبرني بضياع محفظته وأمواله وأنه يريد السفر، وأقسم بكل الأيمان على صدقه.

حاولت مساعدته بمبلغ مالي، رفض وطالبني بأن أرافقه لمحطة القطار لكي أتاكد من صدق حديثه، وعندما أخبرته بإنني لا أستطيع الذهاب لتأخري عن العمل، رفض وأصر على أن اصطحبه.

استجبت له "وأهو كله بثوابه"، وذهبت لشراء التذكرة وما يلزمه من طعام لكي يكون معه طوال رحلته.

لم اكتف بشراء التذكرة، ولكني حرصت على الاطمئنان عليه للنهاية، وصعدت معه للقطار باحثًا عمن يجاوره في الرحلة، وأخذت رقمه لمتابعته أثناء رحلته.

عودت إلى العمل مسرعًا، راضيا بما صنعت، أخذت هاتفي للاطمئنان على صاحبنا.. وكانت المفاجأة.!!

"الراجل خد بعضه ونزل في محطة الجيزة".. وقعت الكلمات في أذني كالصاعقة، من الشخص الذي كان بجوار معقد صاحب التذكرة، أعطاني درسًا بأنني لا أصدق ما أراه دائمًا. 

صاحب التذكرة تحول إلى تاجر بمشاعر الآخرين وبالمتعاطفين وبالتذكرة نفسها.

هنا أيقنت حق اليقين أن أساليب "الشحاتة" تغيرت، وهناك "بيزنس كبير" لهؤلاء، يعمل فيها عديمو الضمير والكسالى والكذابون المفسدون والأفاقون.

لذلك.. ضعوا أموالكم وصدقاتكم في أماكنها الصحيحة لكى يستفيد منها أصحاب العزة والنفس والكرامة وهم الفقراء حقاً.. هم من قال فيهم المولى سبحانه وتعالى "تحسبهم أغنياء من التعفف".