مليونير"الصفيح" أمام المحكمة.. مدير يختلس بضائع بـ 4 ملايين جنيه من عهدته

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتبت: آلاء البري

"الطمع ضر ما نفع" مثل يضرب به لمن يجلب المال لنفسه بلا حق لا لشئ سوى للطمع والمكسب الحرام، ولكن دائمًا ما تكون نهاية الطمع واحدة ألا وهي فقدان الحرية حين يجد الطماع نفسه خلف الأسوار العالية، فعين القانون لا تغفل وقبضته لا تتهاون في ردع كل من تسول له نفسه الاستيلاء علي أملاك الدولة، وهذا ما حدث في القضية التي بين أيدينا، مدير مخزن بشركة مصر للتجارة الخارجية بدلا من أن يكون امينًا على الأشياء المؤتمن عليها خان الأمانة، لكنه لم ينعم بما طالته يده وسرعان ما ألقي القبض عليه، والى التفاصيل من لحظة الجريمة إلى مثوله أمام محكمة الجنايات.

منذ أكثر من عقدين من الزمان التحق "سعيد. ف" بشركة مصر للتجارة الخارجية" إحدي شركات قطاع الأعمال، وقتها كان شابا يرسم مستقبله، فهو لم يكد يسمع الخبر حتي شعر بأن قدميه لا تستطيعان أن تحملاه من على الأرض ولما لا فهو قد حصل علي الوظيفة التي طالما سعي وراء الحصول عليها، وكان علي أتم الاستعداد أن يفقد الغالي والنفيس في سبيل الحصول عليها فهي وظيفة ضمن نطاق العمل الحكومي ولكن بمرتب كبير وفي شركه من كبريات الشركات في السوق المصري المتخصصه في التصدير والاستيراد، ولكن سعادته لم تدم طويلا فسرعان ما بدأت نفسة الفاسدة تكدر عليه صفوة وتستولي على عقله، فهو لم يكن يرغب في البقاء طويلا في ثوب العامل الذي لا يملك سوي مرتب يلقي له نهاية كل شهر نظير عمله، ولكنه أراد أكثر من ذلك بكثير وإن خالف القانون، فبدأت نفسة الآثمة تحدثه بضرورة الارتقاء ولكن كيف لموظف بسيط مثله أن يحصل علي ما تحدثه به نفس الأمارة بالسوء، فهو لا يملك أي نفوذ أو امكانيات تسمح له أن يفعل ما يريد، حاول كثيرا صد نفسه عن  التفكير بمثل تلك الأمور لكن شيطانه سرعان ما يعود ليحرضه من جديد، فبالرغم من مرور السنين وارتقى سعيد في الوظيفة حتى وصل الى درجة مدير مخزن إلا أنه لم ينسى تحقيق حلمه في الثراء السريع.

اقرأ أيضًا

جمارك مطار القاهرة الدولي تضبط 4 محاولات تهريب.. «20 ساعة يد زكية ومخدرات»

حتي لو كان الثمن سمعته ومستقبله ومستقبل أسرته وأولاده، فكان كل ما يخطر بباله هو امتلاك الأموال ولو بطريق حرام، لم يفكر لحظة واحدة أنه اصبح مديرا لأحد المخازن الرئيسية التابعة لشركة مصر للتجارة الخارجية بالتحديد مسطرد، ظل الرجل يتحين الفرصة منتظرا أي فرصة تأتيه لتحقيق حلم الثراء، فلم يراع الله في منصبه الجديد الذي منحه له رؤوساءه ولم يراع حق عمله عليه ولم يقاوم نفس الآثمة في سعيها وراء المال بلا وجه حق، فتجرأت عليه نفسه وحققت نصرها الزائف وصرعته، فها هو قد أصبح يملك النفوذ والمنصب الذي يسمح له بهتك كل المحاذير غير مهتم لعاقبة أفعاله، فلم يخش أن ينتهي به الامر حبيسًا خلف القضبان الحديدية فيكون بذلك قد خسر سمعته  مستقبله تاركا لابنائه العار.

كواليس الجريمة
لكل جريمة تفاصيل تختلف عن غيرها من الجرائم، و لكن كل الجرائم التي يكون الطمع عمادها لا تختلف تفاصيلها كثيرا، ففي النهاية عندما يسيطر الطمع علي الإنسان حتمًا يودي به الي نهايات محتومة، الجريمة بدأت تفاصيلها عام 2018 عندما وقع "كريم  أ" صاحب 40 عاما – مدير إحدي الشركات – برتوكولا للتعاون بين شركته وشركة مصر للتجارة الخارجية وهو عبارة عن عقد استيراد وبيع الصفيح الخام حيث تقوم شركه "كريم. أ" بتوزيع البضائع في السوق مقابل نسبة من الأرباح بموجب ذلك البرتوكول، وبالرغم من الارباح الملحوظة التي تحققها شركته الناشئة حديثا في السوق والتي لم تستطع أي شركة أخري ناشئة أن تصل إليها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لصاحب الشركة  الشاب الذي لم أراد أن يحقق الأرباح وطموحة في توسيع شركته وامتلاك السيارات الفارهة وشراء أفخم الوحدات السكنية في أرقي الأحياء السكنية بالرغم من صغر حجم شركته الصغيرة  وإمكانياتها، ولكن هذا طبيعي فعندما يختفي الرضا من نفس الشخص ويشغل بال الإنسان الطمع تتحول كل النعم مهما كانت إلي سيف مسلط على صاحبها فتهلك حياة صاحبها وتدمره، ومع مرور الشهور بدأ المدير الشاب يتحين كل الفرص في سبيل إيجاد الشخص المنشود الشخص الذي يساعده علي تنفيذ مخططاته في الإرتقاء سريعا وتحقيق الثروة باختصار شخص لديه الاستعداد على مخالفة ضميره؛ ومع أول لقاء بينه وبين مدير مخزن مسطرد "سعيد. ف" تأكد أنه الشخص الملائم فكلاهما يمتلكان نفس الخصائل والصفات وكلاهما لا يرضيان بالرزق الحلال، قادتهما نفسيهما نحو طريق الطمع الذي لا نهاية له سوي خلف الأسوار العالية؛ ليشرعا معا في تنفيذ مخططهما في الاستيلاء بدون وجه حق علي أملاك الشركة ولأن الأمر لن يتم الا بوجود طرف ثالث قرر مدير مخزن مسطرد "سعيد. ف" الاستعانة بأمين المخزن "أحمد. ع" الذي باع ضميره مقابل مبالغ ماليه كان يتلقاها مقابل تسهيل خروج الصفيح الخام من المخزن؛ ليبدأ مدير الشركة الشاب في الاستيلاء على الصفيح الخام بمساعدة مدير المخزن "سعيد. ف" وأمين المخزن "أحمد. ع" اللذين كانا يسهلان مهمة خروج الصفيح الخام دون علم أحد لكونهما المسئولان الرئيسيان عن عهده المخزن ولا أحد يشك فيهما، وظل الوضع قائما على ما هو عليه من سرقه لأملاك الشركة وسرقة، ولكن لكل بدايه نهاية ونهاية الطمع فقدان كل شيء أهمها السمعة، فالإنسان ينسي أن المال الذي في يده مجرد وسيلة، لكن النهاية تأتي سريعا فكلما كان الطمع أكبر كلما كانت النهاية أسرع؛ فمع بداية عام 2021 قررت الشركة أن تقوم بعمل جرد شامل لمعظم مخازنها، لتكتشف الطامة الكبري حيث أن نسبة العجز في كشوفات مخزن مسطرد كانت كبيرة تقدر بالملايين، فلم تكن مهمه الكشف عن العجز بالصعوبة المذكورة فذكاء مدير المخزن في إخفاء معالم جريمته سرعان ما انكشف، حيث إكتشفت اللجنة المعنية بالجرد أن هناك 336,597 طن من خام الصفيح أي ما يقدر بحوالي 4 ملايين و241 ألف و900 جنيه عجز في الكشوفات بلا مبرر، حيث قام مدير إحدي الشركات "كريم. أ" بالاستيلاء علي 336,597 طن من الصفيح الخام المستورد بمساعدة كلا من "سعيد. ف" مدير مخزن بشركة مصر للتجارة الخارجية، وأمين مخزن أول "أحمد.ع" حيث ساعداه عن طريق تسهيل منح المتهم كميات من الصفيح الخام أكبر بكثير  من المذكورة في السجلات العامة للشركة حيث أنهما يمتلكان النفوذ الذي يسر لهما الأمر، لتقرر الشركة المصرية للتجارة الخارجية وقفهما عن العمل وإبلاغ جهات التحقيق، ليصل الأمر للنيابة العامة التي قررت حبس المتهمين الثلاثة علي ذمة التحقيقات، لتحال  القضية الي محكمة استئناف طنطا محبوسين، لتعطي درسًا لكل من تسول له نفسه الاستيلاء عنوه وبدون وجه حق علي أموال الدولة.