معالج نفسى.. استشارى علاقات أسرية.. لايف كوتش.. ألقاب تتحدى العلم

سبوبة "الخبير الوهمى"|كورسات وهمية وشهادات غير معتمدة لاستنزاف جيوب المواطنين

«بيزنس» التنمية البشرية.. سبوبة «الخبير الوهمى»
«بيزنس» التنمية البشرية.. سبوبة «الخبير الوهمى»

معالج نفسى ضد الصدمات، خبير تنمية بشرية، استشارى علاقات أسرية، لايف كوتش.. ألقاب متعددة وتخصصات غير علمية وغير معترف بها منحها أشخاص لأنفسهم بهدف إيجاد مساحة لهم فى مجال التنمية البشرية وجذب الأنظار إليهم وتحقيق الشهرة، فالمئات من صفحات السوشيال ميديا تستعرض يوميا عروضا لدورات تدريبية بمبالغ كبيرة من أجل المساعدة على تطوير الذات والخروج من الأزمات لبعض أشخاص حصلوا على خبرتهم فى هذا المجال عن طريق حضور بعض الدورات التدريبية ليس إلا والتى لا تتعدى شهورا وقد يصل الأمر فى بعض  الأحيان إلى ساعات فقط  ليخرج علينا يوميا أشخاص يدعون أنهم أطباء تنمية بشرية وأنهم قادرون على مساعدتك فى تخطى أى أزمات. «الأخبار» رصدت الظاهرة وناقشت الخبراء حول كيفية عدم الوقوع فى هذا الفخ وطرق التصدى له .

بداية تقول الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع إن التطور السريع للعلم و للتكنولوجيا استطاع أن يترك بصمته فى جميع النواحى الحياتية، ففى السابق من كان لديه مشكلة اجتماعية أونفسية كان يلجأ إلى إما لنصائح المحيطين أوالمقربين منه أو إذا لم يتم الوصول إلى حل أوالسيطرة على الموقف يتم اللجوء إلى متخصص كالطبيب النفسى.

ولكن مع التطور الحالى وظهور وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت المشكلات الشخصية للكثيرين متاحة على العلن وواضحة للجميع، فهذه المنصات أصبح مستخدموها وكأن كلا منهم طبيب للآخر والجميع يلجأ إلى استشارة بعضه البعض دون الاستعانة بمتخصص وهذا يعد كارثة حقيقية.


وتضيف أن علم التنمية البشرية علم موجود ومعترف به و يساعد كثيرا فى تطوير الشخص لذاته ولأدواته وتحفيزه على طموحه ولكن البعض مع الأسف لا يفهمه بالشكل الصحيح و ذلك يعود إلى سببين رئيسيين الأول خاص بظهور شريحة غير متخصصة مستغلين عدم وجود رقابة على وسائل التواصل الاجتماعى.

ومستغلين عرض مشكلات البعض عليها و أغلبها يكون اجتماعيا أو عاطفيا ليدعون أنهم قادرون على حل واجتياز هذه الأزمات وهذا غير صحيح ولا يصلح لجميع أنواع المشكلات والتى قد يحتاج  بعضها إلى أدوية وعقاقير تساعد فى علاج بعض الحالات وهذا امرا غير مصرح إلا للطبيب فقط، فالتنمية البشرية تعد علما تحفيزيا.

و ليس علاجيا يساهم فى بث الطاقة الإيجابية ووسيلة لنوعية محددة من الأزمات أوالمشكلات، ولكن مع انتشار مصطلح التنمية البشرية وجذبه لشريحة عريضة من الشباب بدأ البعض يلجأ إلى حضور»كورسات» ودورات تدريبية من أجل أن ينصبوا أنفسهم بعد ذلك أطباء تنمية قادرين على مساعدة الآخرين.

وهذه تعد جريمة لأنهم غير متخصصين و يخدعون مشاهديهم وقد يعرضوهم لمشكلات حقيقية بسبب عدم وجود الخبرة، فقد قمت بمشاهدة المحتوى الذى يقدمه بعض الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعى ووجدت أن المحتوى إما ضعيفا للغاية.

ويعتمد على جمل وألفاظ مكررة للكثيرين من مقدميه و كأنها جمل محفوظة أو أنه محتوى لا يمت لعلم التنمية البشرية بأى صلة ولكن المثير للدهشة هو الكم الكبير إما من الحضور أو من المتابعين ومن الأعمار المختلفة و الذين هم بحاجة إلى توعية ضرورية تجاه من يقدمون لهم النصائح و طرق حل الأزمات.


وتشير إلى أن الأمر الثانى هو عدم وجود الوعى الكافى عن الكثيرين للتفرقة بين المتخصص وغيره فيجب التوعية بعدم الانسياق خلف أشخاص يختلقون ويخترعون ألقابا لامعة زائفة من أجل تحقيق الشهرة و جنى الأموال.


ملفات سرية
وتؤكد د. إيمان عبد الله أستاذ علم النفس أننى لست ضد التنمية البشرية ولكنى أقف ضد مفتقدى التخصص فلا يعقل أن يحصل شخص على دورات تدريبة لشهر أو أكثر و أحيانا يكون نظامها بعدد الساعات فى بعض الأحيان ليخرج منها ويمنح لنفسه لقبا لم يكن موجودا على الساحة العلمية فعلى سبيل المثال:«سلايف كوتش»، «طبيب تعديل السلوك و الإتيكيت»، «معالج نفسى ضد الصدمات».

وغيرها من الألقاب التى يتفننون فى اختراعها من أجل أن يكون مختلفا بين أقرانه الذين يملأون صفحات السوشيال ميديا وبالتالى يزداد عدد المتابعين وتزداد شهرته التى فى غير محلها، والأمر الذى يؤكد عدم جدية هذه الألقاب و المسميات أنه لا يمكن أن يتم كتابتها فى أى تحقيق شخصية خاص بأحد منهم لأنها ألقاب غير علمية ولم يعتد بها حتى الآن.


وتطالب د.إيمان بضرورة تجريم ممارسة هذه المهنة وهو غير أهل أومتخصص فيها لأنه فى هذه الحالة يعد كمن ينصب على الآخرين ومدعيا العلم بل وقد يؤذى غيره أيضا، ففى إحدى المرات أتى لى أب بابنه الذى أدمن وحاول علاجه بإحدى المصحات ولكنه تعرض للانتكاس مرة أخرى بسبب أحد أصدقائه الذى نصحه بزيارة شخص يدّعى أنه معالج نفسى والذى طلب أن يترك الأدوية العلاجية تماما.

وأن يكتفى فقط بحضور جلسات «أون لاين» الأمر الذى جعل الشاب يتعرض لحالة نفسية وصلت إلى الاكتئاب الشديد وعرّض حياته للخطرعدة مرات وذلك بسبب اللجوء لشخص غير متخصص غير مؤمن بأن الأدوية فى كثير من الأحيان تكون جزءا من علاج المريض.


وتضيف أن الأمر ليس بهذه البساطة ولا يقتصر على جمل تحفيزية وأحيانا يصل إلى محتوى أضعف ما يكون على السوشيال ميديا، فلقب طبيب أوخبير يحتاج إلى خبرة ودراسة مستمرة، مشيرة إلى أنه لابد أن يعى البعض انه  يجب ألا يؤتمن أى شخص على أسرارى الشخصية أو الاجتماعية منعا للتعرض لأى نوع من انواع الابتزاز أو استغلال حالتى بأى شكل من الأشكال خاصة الشباب فمثل هذه النوعية من المشكلات تكون بالنسبة للطبيب النفسى كالملفات السرية التى لا يمكن البوح بها أو استغلالها بأى شكل من الأشكال لأنه يعد ميثاقا مهنيا و أخلاقيا يقسم عليه الطبيب.


معايير إعلامية
ويضيف د. محمود سيد أستاذ الإعلام بجامعة بنى سويف أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت وسيلة سهلة وسريعة فى تعريف الجمهور بأى شخص يرغب فى تحقيق  الانتشار والشهرة فى أسرع وقت ولكن الأزمة الحقيقية تكمن فى وسائل الإعلام التى تقوم باستضافة نماذج غير متخصصة بمجرد أنها شخصية مشهورة على وسائل التواصل الاجتماعى.

والأمر الأكثر صعوبة هو استخدام مصطلح «خبير» ليسبق مهنة أى شخص و كأنها ألقاب تمنح بدون أى سند علمى أو تخصص دقيق لتصبح الكلمة متاحة لمن لا مهنة له فى كثير من الأحيان.
ويشير إلى أن القائمين على بعض  البرامج التلفزيونية لابد وأن يقوموا بعملية انتقائية للضيوف التى يقدمونها للمشاهد على أن يتم ذلك وفقا لمعايير وضوابط يتم وضعها و تحديدها من قبل أن تضعها الجهات المعنية والمسئولة بحيث يتم توقيع عقوبة على القناة التى تقوم باستضافة أشخاص غير متخصصين لمنع تصعيد أشخاص غير مؤهلين أو ليسوا أهل خبرة.

فى وسائل الإعلام، فهناك العديد من البرامج القائمة على استضافة أشخاص غير متخصصين يدلون بتصريحات غير صحيحة وأحيانا يقدمونها كنصيحة للمشاهدين وإن كان ذلك لا يحدث فى جميع القنوات ولكن يكون بنسبة أكبر فى القنوات المصنفة «درجة ثانية» والتى تسعى فقط إلى تحقيق أعلى نسب مشاهدة فقط.


ويقول خالد البرماوى أستاذ الإعلام الرقمى إن هذه الظاهرة موجودة منذ سنوات فى العديد من دول العالم وليس لدينا فقط ولكن كان لابد من تجنب السلبيات التى تعرض لها أصحاب التجارب السابقة والفيصل هنا هو الوعى الذى لابد أن يكون لدى الجمهور المقدم له هذه الرسائل سواء فى وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعى فقبل أن أستعين بشخص لأى سبب نفسى أو شخصى لابد وأن أتعرف على مساره الأكاديمى والعلمى لتكون المعلومات الصادرة منه عن ثقة ومن أماكن معتمدة.

فالجميع أصبح على علم بأسماء الجامعات والكليات المحلية والعالمية كما ان عملية البحث على الإنترنت سهلت عملية الوصول للمعلومات والتأكد منها خاصة أن البعض منهم قد يلجأ إلى أن ينسب لنفسه تخصصات وشهادات علمية من أماكن غير معتمدة أو أماكن يصعب فى بعض الأحيان الوصول إليها فى عملية البحث.

وهذا يعد  نوعا من أنواع التحايل من البعض، ويشير إلى أن الأمر الثانى قبل اللجوء لأى شخص يدعى أنه متخصص هو البحث عن تجاربه السابقة مع أشخاص أو حالات للتأكد من خبرته العملية بالإضافة إلى ضرورة التأكد من الأماكن التى يقوم بالتدريب فيها وجودتها ومصداقيتها من عدمه لأنها عامل هام للغاية.


ويؤكد أن الانسياق خلف المسميات البراقة أو الانخداع بالصورة التى تظهر على السوشيال ميديا يعد فخا لابد من الحذر منه وعدم الانبهار بالمسميات والألقاب فقط .

لا بد من معاقبة غير المتخصصين من ممارسيها والانسياق خلف نصائحهم قد يؤدى لنتائج كارثية

يجب منعهم من الظهور فى الإعلام وزيادة الوعى بأهمية التخصص

 

اقرأ يضا | التنمية المحلية: دورات تدريبية لإعداد 150 مدربا لبناء قدرات العاملين بالمحليات