عاجل

في حوار كامل عن قانون الأحوال الشخصية الجديد «1»..

حوار| د. سهير عبد المنعم بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية: القانون مُطالب بتصحيح الموروثات الخاطئة

د. سهير عبد المنعم أستاذ القانون الجنائى بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية
د. سهير عبد المنعم أستاذ القانون الجنائى بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية

كريـم حـامد

سلوكيات الجيل الجديد «كارثية» والشباب لا يتحلون بالقدر المطلوب من المسئولية

تغيرات اجتماعية فرضت نفسها بقوة على الساحة أبرزها ارتفاع نسب الطلاق، ونقاشات مهمة طالت قانون الأسرة الجديد المزمع صدوره خلال فترة وجيزة مع ظهور بعض مشاكل العنف والقتل فى الأيام الأخيرة، وسط كل ذلك جاء لقاء «الأخبار» مع الدكتورة سهير عبد المنعم «أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وعضو المجلس القومى ‏للمرأة سابقًا»، الذى كان مليئا بالأسئلة والنقاشات الساخنة حول قضايا عديدة ملحة يشهدها المجتمع المصري.

حيث أكدت أن السنوات الأخيرة شهدت اهتمامًا كبيرًا بالقضايا ‏الاجتماعية مثل ارتفاع نسب الطلاق، والزواج المبكر للأطفال ووضع قانون يحبس الممتنع ‏عن نفقة أولاده، وهو ما انعكس على الوضع القانونى والتشريعات‎.‎‏.

‏وأشارت إلى أن أولوياتها كباحثة وأستاذ للقانون تنصب على الصالح العام للأسرة المصرية أولاً، والمصلحة الفضلى للطفل فى النزاعات الأسرية ثانيا، بعيدا عن أى مصالح تخص طرفًا من طرفى النزاع..

وقالت عبد المنعم -فى حوار مع «الأخبار»- إن هناك تحديات كبيرة تقع على عاتق جميع أطراف المنظومة فى الفترة القادمة، مؤكدة أن سلوكيات الجيل الجديد «كارثية» ولا يتحلون بالقدر المطلوب من «المسئولية» سواء للشباب أو الفتيات.

مشيرة إلى أهمية تغيير نظرة الفتاة الحالية للزواج بأنه «فسح وخروجات وديلفرى وهدايا»، فى نفس الوقت يجب أن يعرف الشاب مسئولياته تماما كرب أسرة وكزوج وأب وأن الزواج ليس علاقة بين اثنين على الفراش..

وإلى نص الحوار.

من واقع الإحصائيات عن أعداد الزواج والطلاق فى مصر، ما التأثير المتوقع لصدور قانون جديد للأحوال الشخصية من حيث زيادة أو انخفاض الإقبال على الزواج، وكذلك استقرار أوضاع الأسرة المصرية؟

أسفر رصد العديد من القضايا المرتبطة بمسائل الأحوال الشخصية التى ‏فرضها ‏الواقع الاجتماعى فى بعديها الاجتماعى والقانونى عن العديد من ‏المشكلات ومقترحات ‏بالمواجهة، إلا أن هناك دراسة قد ‏عنيت مباشرة «بقانون الأحوال ‏الشخصية والتعديلات المقترحة عليه» ‏وعمدت إلى التعرف على موقف الجمهور ‏المصرى قبولا أو رفضا إزاء ‏مجموعة من التعديلات المقترحة لقضايا خلافية لبعض أحكام ‏ذلك ‏القانون.

وقد اعتمدت فى ذلك على استمارة استبيان تم تطبيقها على ‏عينة احتمالية ‏ممثلة للجمهور العام بلغ عددها 2649 مفردة تم اختيارها ‏على مراحل لتمثل الأقاليم ‏الجغرافية والمحافظات والبيئات المختلفة ‏للمجتمع المصري، حيث تناول العديد من ‏القضايا المرتبطة بالزواج ‏وتوثيقه، وتعدد الزوجات وضوابطه، والطلاق وضوابطه، فضلا ‏عن ‏أطفال الطلاق وقضاياهم على اختلافها.‏

دورات «ما قبل الزواج» ‏

ما أبرز أسباب التفكير فى إصدار القانون فى الوقت الراهن؟ وهل الوقت مناسب من حيث المبدأ؟

فى الحقيقة الوقت تأخر ويجب صدور القانون فى أسرع وقت ممكن بعد مراجعته جيدا، هناك خلل واضح للجميع فى سلوكيات جيل الشباب وفى الوقت الذى نطالب فيه بتوعية هؤلاء الشباب بالزواج كثقافة «مسئولية» وسلوك وحقوق وواجبات، يجب أن تكون هناك ضمانات قانونية تقوّم أى اعوجاج فى السلوك وفقا للقانون «المتوافق مع الشريعة» والقيم والعادات والأعراف، الزواج «ليس لعبة» ويترتب عليه أطفال لهم حقوق على الطرفين، وإذا كان أى طرف غير قادر على تحمل المسئولية لا يجب عليه أن يخوض التجربة من الأساس.

الرجل يطالب بالتوازن

هل يحتاج الرجل المصرى إلى المزيد من التوازن بشأن النظر فى حقوقه الواردة بقوانين الأسرة والأحوال المدنية فى ظل تيار جارف يطالب بالمزيد والمزيد من حقوق المرأة؟ وهل رصدت دراسات المركز أى نوع من الاستياء بين الرجال فى المجتمع؟

فى الحقيقة ما زلت أرى أن المرأة تستحق المزيد من الحقوق وخاصة فى القرى والنجوع والمدن الصحراوية، لا تنظر إلى القاهرة فقط فهناك مجتمعات أخرى لا يتم التركيز عليها إعلاميا بالمرة وتعانى بشدة على مستوى الموروث الثقافى والعادات والتقاليد «الصعبة».. الزوج والزوجة الاثنان يجب أن يتحليا بالمسئولية «حقوق وواجبات» يجب ألا نعين طرفا على حساب آخر، الزواج ليس معركة وليس عقد اذعان ولكنه ألفة ومودة ومحبة وسكن، ومن وجهة نظرى الشخصية يجب أن يكون القانون هدفه الحفاظ على التوازن المجتمعى وتحقيق مصالح الطفل فى المقام الأول خاصة عند حدوث الطلاق بين الطرفين.

ما أهم النقاط الخلافية المطروحة على الساحة حاليا بشأن القانون الجديد؟ وما جهود المركز ومساهماته فى هذا الإطار؟

هناك العديد من القضايا التى تم تناولها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بالبحث والدراسة على مدار سنوات مضت فموضوع تعديلات قانون الأحوال الشخصية قديم وليس حديثا، منها مثلا على سبيل المثال:

‏الزواج وقضاياه.. حيث تظهر الاستجابات معرفة معظم المبحوثين (مسلمين ومسيحيين) ‏بشروط وضوابط ‏الزواج الشرعي، وأن الإشهار يأتى فى صدارة تلك ‏الشروط..

كما لم يوافق المعظم أيضا على الزواج العرفى نظرا لما يترتب عليه ‏من ‏مخاطر وصعوبات متعلقة بإثبات النسب والانحرافات الخلقية‎.‎

وفى هذا تشير أهم نتائج بحث قانون الأحوال الشخصية والتعديلات ‏المقترحة عليه؛ ‏إلى ارتفاع نسبة المعرفة بالفرق بين الزواج العرفى السرى ‏والزواج والزواج غير الموثق، ‏كما تشير إلى أن معظم المبحوثين بنسبة ‏‏96.2% يرون ضرورة فرض عقوبات على عدم ‏توثيق الزواج ضمن إطار ‏قانونى يلزم بعدد من الضوابط للزواج المشروع، ووثيقة الزواج.‏.

أما بشأن المقترح الخاص بتضمين تلك الوثيقة شروطا تحدد حقوق ‏المرأة فى العمل ‏أو السفر، وفى ضمان ألا يتم الجمع بينها وبين زوجة ‏أخرى، فقد كانت الاستجابات ‏ضعيفة بالنسبة للرجال، وقليلة بالنسبة ‏للنساء، وهو ما أرجعت الدراسة إلى تفاقم ثقافة ‏ترفض إملاء الشروط على ‏الرجل خاصة فى ظل الأزمات المحيطة بصعوبة الزواج. ‏

نقاش ساخن عن الخلع

هل أدى قانون الخلع إلى إحداث خلل مجتمعى والعزوف عن الزواج بجانب بعض الأسباب الاقتصادية والمجتمعية الأخرى؟

من وجهة نظرى أن قانون الخلع أدى الى إحداث توازن فى العلاقات الأسرية وليس العكس، وهو حق مقرر للمرأة بمقتضى الشريعة، يقابله حق الرجل فى الطلاق بالإرادة المنفردة، معظم قضايا الطلاق للضرر يتم تحويلها إلى قضايا خلع لطول الإجراءات والمهانة التى تعانى منها المرأة لإثبات الضرر، كما أن بعض الأزواج يضغط على المرأة للجوء للخلع لتفقد حقوقها.

وهناك دول إسلامية كثيرة لا تطبقه ولا تعترف به، قانون الأحوال الشخصية موجود منذ أكثر من 50 سنة ومستقر الوضع عليه، هل نتركه دون تعديلات؟

لا الأمر يختلف، لماذا يتضايق الرجال من الخلع، هم يريدون جارية بعقد زواج يطلقها هو فقط؟! لابد أن يتقبل الرجال الخلع لأنه أوجد توازنا مطلوبا فى العلاقة الأسرية خاصة مع ارتفاع إدراك المرأة لأهميتها ودورها فى المجتمع.

الرجل لا يريد التميز بل يريد التوازن وفق ضوابط الشرع ولو أراد الله العصمة بين الطرفين بالتساوى لفعل ذلك، لكن العصمة وضعت فى يد الرجال.. لماذا تخلون بقواعد الميزان؟

الخلع جاء من الشريعة وخلق توازنا، وبصفة عامة القوانين توضع للحالات الشاذة والاستثنائية أما الأمور العادية والمعتادة فهى مستقرة بحكم العرف، والدين الإسلامى دين يسر ويوازن بين الطرفين، غيرنا من الدول تمنع الرجل من الطلاق إلا بإذن المحكمة!! والزواج فى النهاية عقد بالتراضى وليس عقد اذعان لطرف دون آخر.

هناك نساء استغلت الخلع وأصبحت فى بعض الأحيان «مافيا لاستغلال الرجل» تتزوج الرجل لفترة تحصل منه على هدايا عينية (بعيدا عن المهر المكتوب) مثل سيارة أو منزل أو مجوهرات ثم ترفع قضية خلع وترد بضع جنيهات فى المحكمة؟.. فى حالات على أرض الواقع.. هل تم دراسة هذه الحالات؟

أنا أتكلم عن القاعدة العامة وليس الاستثناء فليس كل رجل ظالما وليست كل امرأة حملا وديعا.. ولكن الخلع حل العديد من المشكلات التى كانت تواجه المرأة سابقا وتحول دون طلاقها رغم استحالة العشرة بين الزوجين.. وهو محطة محورية فى تاريخ التشريع الأسرى فى مصر.

ولكن هناك حالات أضيرت من الخلع لماذا لا تتم مراجعة القانون؟

لو استوجب الأمر وظهرت حالات مثل هذه بكثرة ربما تتم مراجعته، ولكن بشكل عام نحن لا نريد العودة إلى الوراء، لا تزال المرأة بحاجة للمزيد من الدعم القانونى والمجتمعي.. لأن الدراسات التى أجريت لا تزال تؤكد أن الرجل هو الطرف غير المسئول فى معظم الحالات.

دورالإعلام

هل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى فى ارتفاع معدلات الطلاق؟ وإن وجد ما أبرز المؤثرات على أوضاع الأسرة من بين وسائل التواصل؟

لا يمكن التعميم ولكننى أستطيع أن أقول إن وسائل التواصل الاجتماعى أصبح لها تأثير كبير حاليا، ومن هنا يجب أن نهتم بالتوعية والتثقيف بشكل أكبر من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعى هذه بحيث تلعب جميع مؤسسات المجتمع المنوط بها التربية والتوعية دورها فى هذا الصدد وتستخدم التكنولوجيا فى الوصول إلى جمهورها المستهدف على أكمل وجه ممكن.

كيف يمكن أن يكون الإعلام معول هدم أو ساعد بناء بشأن الاستقرار الأسرى فى مصر؟

‏ قضايا المرأة قدمت للمجتمع بشكل خاطئ، فوقى و»مستفز»، وبسبب هذا التقديم الخاطئ فى بعض الأحيان من الأشخاص الخطأ رغم تحيزهم لقضايا المرأة، كان الناتج النهائى فى غير صالح هذه القضايا.

يجب أن نركز على التوعية والتثقيف بشكل أكبر بعيدا عن الخطاب التحريضى الهدام لقيم الأسرة.

ما تأثير ظهور الجمعيات النسوية «الفيمنست» على معدلات الزواج والطلاق فى مصر؟

لا يمكننا القول بأن ظهور «الفيمنست» فى مجمله سلبى أو فى مجمله إيجابي، إذا كانت بعض أفكارهن تحرض السيدات على الطلاق السريع والتسرع فى اتخاذ بعض القرارات، فنحن لا ننكر أنهن سلطن الضوء على العديد من القضايا النسوية المهمة جدا، وعلى رأسها ملف العنف ضد المرأة والقتل وغير ذلك.
ربما يحتاج الخطاب فى مجمله إلى بعض التحسين والتنقيح لكن لا ننكر جانبه الإيجابي.

إقرأ أيضاً|إصابة أسرة مصرية في ساحة الحرم المكي.. وتحرك هام من وزيرة الهجرة