د.يحيى هاشم يكتب: العناقيد الصناعية والحماية الإجتماعية

د.يحيى هاشم
د.يحيى هاشم

يشهد العالم كل يوم تطورات سريعة في كافة مناحي الحياة و لا سيما في الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية التي تلمس بشكل مباشر حياة المواطنين و تؤثر فيها من أجل التنمية و التطوير و الانطلاق نحو المستقبل .

و بما أن الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية هما وجهان لعملة واحدة فإن تحقيق الاستدامة و الاستثمار الامثل من كافة الجوانب الاقتصادية لتحسين جودة الحياة في الجانب الاجتماعي أصبح أمرا ضروريا لا يمكن الاستغناء عنه .

فقد ظهر في عالم المشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر مفهوم جديد يحقق العديد من عناصر القوة للدفع بالفئات المجتمعية البسيطة من أسفل الى أعلى و يحقق استدامة في توفير فرص العمل و توليد الدخل و التأثير المباشر في الحالة الاقتصادية العامة للمجتمع ألا و هو مفهوم العناقيد الصناعية الذي يحقق نوع من الترابط و التكامل بين مجموعة من المشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر من أجل التغلب على المعوقات التي تواجها و تحقيق الاستدامة في استغلال الخامات المتاحة و الوصول الى منتج نهائي يلبي إحتياج السوق و يحقق الربحية و يمثل قيمة مضافة للحياة الاقتصادية و الاجتماعية .

فيقوم اعضاء العنقود الصناعي الواحد بمشاركة المخزون فيما بينهم من المنتجات و التكنولوجيا و المعرفة التنظيمية و يطلق على ذلك مفهوم (الغراء الاجتماعي ) الذي يربط العنقود الصناعي ببعضه و يسهل الوصول الى الموارد و المعرفة المهمة اللازمة لعملية الانتاج و هذا يحقق حماية القدرات الانتاجية و توفيرها من جيل الى آخر و يحقق المجتمع عن طريقها التنمية مع توفير راس المال و المواد الخام و الطاقة و العمالة بالكميات المطلوبة و التكلفة الاقتصادية المثلى .

و يتطلب إنشاء العناقيد الصناعية دراسة لكافة العوامل الاجتماعية و الاقتصادية و البيئية من اجل تحقيق النجاح المطلوب منها و خلق ثقافة مجتمعية جديدة حول المشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر حيث تطور مفهومها هنا مع العناقيد الصناعية حيث يمكن تحقيق التكامل في مراحل الانتاج المختلفة بين مجموعة من المشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر من أجل الوصول الى منتج واحد .

و تدفعنا فكرة العناقيد الصناعية الى الاهتمام بتنمية و تطوير رأس المال البشري من خلال تحقيق المزيد من الترابط و التكامل و التعاون فيما بين الافراد من أجل تخطي العقبات و الوصول الى تحقيق الاهداف بتوفير المنتجات التي تشبع إحتياج السوق و المستهلكين و في ذات الوقت تعود بالربحية على أصحاب هذه المشروعات الصغيرة التي تمثل النواة الحقيقية في القوة الاقتصادية للمجتمعات .

و من هنا تظهر العلاقة القوية التي تربط  العناقيد الصناعية بالحماية الاجتماعية  كإحدى آليات الحماية الاجتماعية الحديثة التي تساعد على خلق فرص لتوليد الدخل و تساعد في الحد من الفقر و تحقيق الاستدامة في المشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر و ترسخ فكرة حلقات الانتاج المتصلة المبنية على رأس مال بشري لدية الوعي بكل المستجدات و كيفية التعامل معها بالشكل الذي يحقق لنا النجاح و الانطلاق نحو المستقبل و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين .