القبض على إرهابيين بتهمة التحضير لهجمات تفجيرية

النازيون الجدد يهددون ألمانيا.. خططوا لاستهداف مسئولين لإشعال الفتن مستغلين أزمة الطاقة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت: مي سيد

تحذيرات جديدة أطلقتها الاستخبارات الألمانية حول المحاولات المستمرة من قبل المتطرفين لشن هجمات من شأنها أن تثير حروبًا أهلية بين الأعراق، بجانب انتشار الاحتجاجات عن طريق استغلال الأزمات المتتالية التى شهدتها ألمانيا بداية من أزمة فيروس كورونا المستجد، وصولا إلى ما تسببت فيه الحرب الروسية الأوكرانية من حدوث تضخم في الأسعار وأزمات الطاقة .

ولأول مرة منذ عقود تصنف دولة أوروبية وجود خطر أكبر من خطر الجماعات المتطرفة، وهو ما فعلته السلطات الألمانية عندما صنفت عنف اليمين المتطرف على أنه التهديد الأول للنظام العام فى ألمانيا، حيث أشار تقرير صادر عن هيئة حماية الدستور التابعة للمخابرات الداخلية أنه يوجد فى ألمانيا 33900 شخص ينتمون إلى اليمين المتطرف وذلك خلال عام 2021، مقارنة بـ 33300 شخص فى عام 2020، وقدرت السلطات عدد الأشخاص الذين من المحتمل أن يكونوا عنيفين بـ 13500.

كما كشفت الوكالة الاتحادية الألمانية لمكافحة الجريمة عن ارتفاع فى عدد المتطرفين اليمينيين المصنفين ضمن فئة «الخطرين»، وهم الأشخاص الذين يمكنهم ارتكاب جرائم عنف خطيرة ذات دافع سياسي تصل إلى حد شن هجمات إرهابية، أما تصنيف «أشخاص أصحاب صلة» فهؤلاء إما « شخصية قيادية» أو «كادر» أو قائم بعمل لوجستى أو داعم، وهو ما دفع الوكالة الاتحادية الألمانية لمكافحة الجريمة بدعم من خبراء على إعداد وسيلة جديدة للتصدى لهم بحيث يمكن لسلطات الأمن أن تقيم بصورة أكثر دقة المخاطر التى يمكن أن تنجم عن الذئاب المنفردة.

شتاء الغضب
قال يورج مولر، رئيس المكتب الإقليمى لحماية الدستور «الاستخبارات الداخلية» فى ولاية براندنبورج الألمانية، داخل تصريحات صحيفة أن المتطرفين يسعون لاستغلال أزمة الطاقة والتضخم المرتفع لأغراضهم الخاصة، لافتًا أنهم يحلمون بشتاء الغضب الألمانى، مضيفًا  «أنهم يأملون أن تؤثر أزمة الطاقة والزيادات فى الأسعار بقوة على الناس؛ حتى يتمكنوا من استغلال الحالة المزاجية فى الترويج لتطلعاتهم المناهضة للدولة»، مؤكدًا أنهم يتابعون هذه الأحداث بعيون يقظة وآذان مفتوحة».

بدورها أعربت وزيرة الداخلية الألمانية نانسى فيزر مخاوفها من اليمين المتطرف حيث قالت؛ «أعداء الديمقراطية ينتظرون فقط استغلال الأزمات لنشر خيالات عن نهاية العالم والخوف وعدم اليقين، وسيحاولون استغلال الارتفاع الحاد فى الأسعار كموضوع جديد للتعبئة، لافتة أن هناك خطرًا أيضا من أن أولئك الذين صرحوا بالفعل بازدرائهم الديمقراطية فى زمن كورونا، وهم غالبا متوافقون مع المتطرفين اليمينيين.

وقالت وزيرة الداخلية؛ إن التطرف اليميني هو التهديد الأكبر للبلاد، مشيرة إلى أن مثل هذه الدوائر تبحث حاليا عن مواضيع جديدة تساعدهم على التعبئة، مشددة على أن ما يوحد بالفعل المتطرفين اليمينيين وأوساطا متطرفة أخرى مختلفة فى احتجاجات كورونا، ازدراء الديمقراطية ومحاولة زعزعة الثقة فى ألمانيا، لافتة إلى أن الشرطة الاتحادية وشرطة الولايات مستعدة لمشهد الاحتجاج الجديد المحتمل.

وأكثر ما تخشاه السلطات الألمانية هو انتشار اليمين المتطرف داخل الأجهزة الأمنية نفسها، حيث قدمت وزيرة الداخلية تقريرًا عن الوضع الحالى عن المتطرفين اليمينيين و«مواطنى الرايخ» و«أنصار الحكم الذاتى» داخل الأجهزة الأمنية، وهو أول تقرير من هذا النوع.

قدمت وزيرة الداخلية فى التقرير تدوين جميع الحالات المسجلة بين يوليو 2018 ويونيو 2021، والتى أعرب فيها موظفون حكوميون عن أسباب الشك فى ولائهم للدستور، وتم رفع الاشتباه فيما يتعلق بـ 533 شخصًا من أصل 860 شخصًا من الأجهزة الأمنية الاتحادية وأجهزة الولايات، تم فحص حالتهم، وما تبقى هم 327 حالة مشبوهة ومثبتة لمؤشرات فعلية على مساعيهم ضد النظام الأساسى الديمقراطى الحر.

وصرحت وزيرة الداخلية عند تقديمها للتقرير أنهم يكسبون أموالهم من القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الاستخبارات والجمارك، وباختصار: إنهم يعملون فى الأجهزة الأمنية المسؤولة عن حماية ألمانيا، وإذا تعرضت النزاهة للضرر من الداخل فإن ذلك يكون فى غاية الخطورة بالنسبة لدولة القانون والديمقراطية.

إقرأ أيضًا

تقارير أعلامية: رئيس الاستخبارات الألمانية علق في أوكرانيا

اليمين المتطرف
تكافح السلطات الألمانية حاليا من أجل الوصول لأعضاء اليمين المتطرف الذين يشكلون خطرًا على البلاد، والذين يطلقون على أنفسهم النازيين الجدد، التابعون لما تسمى شبكة «أتوم فافن ديفيجن» وأنشئت فى العام 2015 فى الولايات المتحدة، وهى مكونة من مجموعة من الشباب كما روجت لنفسها خصوصا عبر حملات التجنيد فى الجامعات، وسُجن عدد من أعضاء الشبكة فى الولايات المتحدة بسبب تهديدهم صحفيين وناشطين ضد العنصرية.
وأحبطت الشرطة الألمانية أحد أخطر تلك المخططات، عندما تمكنت من القبض على شاب ألمانى يدعى مارفين يبلغ من العمر 20 عاما، حيث وجهت له تهم اتخاذ خطوات لتأسيس فرع فى ولاية هيسن الألمانية لشبكة «أتوم فافن ديفيجن» قسم الأسلحة الذرية، المعروفة بعقيدتها العنصرية .

وقالت النيابة؛ إن المتهم بدأ بشراء مواد تساعد فى صنع متفجرات ومحاولة شراء أسلحة، تحضيرًا لهجمات تؤدى إلى «حرب أهلية بين الأعراق» فى ألمانيا، عبر تفجيرات وهجمات بالأسلحة النارية، فى السنوات الثلاث المقبلة بهدف «الحفاظ على السكان البيض، وتأسيس فرع لمنظمة أمركية نازية فى ولاية هيسن الألمانية.

وجاء فى التحقيقات أن المتهم مارفين قد بدأ فى التعرف على شراء الأسلحة النارية، كما بدأ بشراء مواد عبر الإنترنت يمكن أن تساعد فى صنع متفجرات، ولكنه لم يملك الوقت الكافى لتنفيذ خططه، إذ داهمت الشرطة منزله وألقت القبض عليه.

كما أعلنت النيابة العامة الألمانية، عن إيقاف 12 شخصًا فى ست ولايات خلال حملة مداهمات، جميعهم من الجنسية الألمانية، فى إطار تحقيق بشأن مجموعة صغيرة يمينية متطرفة يُشتبه بأنها قامت بالتحضير لاعتداءات ضد «مسؤولين سياسيين وطالبى لجوء ومسلمين».

وقالت النيابة العامة الفيدرالية فى بيان أنه يُشتبه بأن أربعة من الموقوفين أقاموا مجموعة يمينية متطرفة ذات طابع إرهابى»، فيما أكد الثمانية الآخرون على ما يبدو أنهم على استعداد لتقديم دعم «مالى» أو مساعدة لحيازة أسلحة.

وأضافت النيابة؛ أن المجموعة الصغيرة التى أُنشئت كان لديها هدف هو «هز نظام الدولة والمجتمع فى ألمانيا وفى نهاية المطاف الإطاحة به»، وأشارت النيابة إلى أن «الاعتداءات التى لم تحدد ترتيباتها العملية، كان يفترض أن تستهدف مسؤولين سياسيين وطالبى لجوء وأشخاصا مسلمين بهدف خلق حالة قريبة من الحرب الأهلية».

وقال وزير الداخلية بولاية شمال الراين؛ إن الحملة أسفرت عن ضبط أسلحة يدوية الصنع وتم تحريزها، كما أن  أحد المقبوض عليهم كان يعمل فى الجهاز الإدارى للشرطة وتم فصله من العمل، وكانت أهم القضايا المتعلقة بذلك الأمر والتى هزت الرأى العام الألمانى هى اغتيال فالتر لوبكه 65 سنة سياسى ألمانى كان معروف بتأييده للمهاجرين، حيث عثر على جثة السياسى المحافظ فى شرفة منزله فى مدينة كاسل بوسط ألمانيا. وأظهر تشريح للجثة أنه تعرض لإطلاق نار فى رأسه من مسافة قريبة.

وألقى القبض على المتورطين فى القضية، وقضت المحكمة الإقليمية العليا فى فرانكفورت غربى ألمانيا بتوقيع عقوبة السجن مدى الحياة على شتفان المتهم الرئيسى فى مقتل حاكم مقاطعة كاسل، فالتر لوبكه، وهذه أقصى عقوبة يتم الحكم بها فى ألمانيا، كما حكم على شريكه ماركوس بالسجن لمدة عام وستة أشهر مع وقف التنفيذ، بعد أن تمت تبرئته من القتل وأدين بتهمة حيازة أسلحة.