كلام والسلام

الآن.. وليس غدا

خالد حمزة
خالد حمزة

رغم‭ ‬أنه‭ ‬اختار‭ ‬بإرادته‭ ‬الحرة،‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬منفيا‭ ‬فى‭ ‬جزيرة‭ ‬نائية،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬نقد‭ ‬الساسة‭ ‬ولوم‭ ‬الناس،‭ ‬مرة‭ ‬قال‭ ‬أعظم‭ ‬كتاب‭ ‬البرتغال‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬العصور،‭ ‬والبرتغالى‭ ‬الوحيد‭ ‬الحائز‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬فى‭ ‬الأدب‭ ‬جوزيه‭ ‬ساراماجو‭: ‬الأكثر‭ ‬رعباً‭ ‬من‭ ‬العمى،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الوحيد‭ ‬الذى‭ ‬يظن‭ ‬أنه‭ ‬يرى‭ ‬دون‭ ‬الناس،‭ ‬فأنت‭ ‬ترى‭ ‬أحيانا‭ ‬أن‭ ‬سعادتك‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬بعد،‭ ‬والسؤال‭ ‬لماذا‭ ‬تكره‭ ‬الحاضر،‭ ‬بينما‭ ‬سيصبح‭ ‬ماضيا‭ ‬تشتاق‭ ‬إليه،‭ ‬باعتباره‭ ‬أجمل‭ ‬لحظاتك‭ ‬الضائعة؟‭ ‬

وفى‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.. ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسئلة‭ ‬جدلية،‭ ‬وجهها‭ ‬الأديب‭ ‬الروسى‭ ‬الأشهر‭ ‬ليو‭ ‬تولستوى‭ ‬لنفسه،‭ ‬ثم‭ ‬أجاب‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالى‭: ‬ماهى‭ ‬أهم‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬حياتك؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬عمل‭ ‬تقوم‭ ‬به؟‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬شخص‭ ‬تجالسه؟‭ ‬والغريب‭ ‬أنه‭ ‬أجاب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأسئلة‭ ‬بكلمة‭ ‬واحدة‭ ‬وهى‭: ‬الآن‭! ‬أى‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬لحظة‭ ‬هى‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬تعيشها‭ ‬الآن،‭ ‬وأهم‭ ‬عمل‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الآن،‭ ‬وأهم‭ ‬شخص‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يجالسك‭ ‬الآن‭. ‬فالآن‭..  ‬مفتاح‭ ‬ذهبى‭ ‬من‭ ‬مفاتيح‭ ‬النجاح‭ ‬والإبداع‭ ‬والتغيير‭. ‬

ونفس‭ ‬المعنى‭ ‬ذكره‭ ‬الأديب‭ ‬الروسى‭ ‬فيودور‭ ‬دوستويفسكى‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬العفو‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬عقوبة‭ ‬الإعدام،‭ ‬كتب‭ ‬إلى‭ ‬أخيه‭ ‬رسالة‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭: ‬حين‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬الماضى،‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬التى‭ ‬أضعتها‭ ‬عبثاً‭ ‬وخطأ،‭ ‬ينزف‭ ‬قلبى‭ ‬ألماً،‭ ‬الحياة‭ ‬هبة‭..  ‬وكل‭ ‬دقيقة‭ ‬فيها،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حياة‭ ‬أبدية‭ ‬من‭ ‬السعادة،‭ ‬الآن‭ ‬ستتغيّر‭ ‬حياتى،‭ ‬الآن‭ ‬سأبدأ‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬عش‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬فى‭ ‬حياتك،‭ ‬وكأنه‭ ‬اليوم‭ ‬الأخير،‭ ‬فأحد‭ ‬الأيام‭ ‬سيكون‭ ‬كذلك‭ . ‬

آه‭..  ‬لو‭ ‬يعلم‭ ‬الأحياء‭ ‬ذلك‭ ‬؟