محمد بركات يكتب: آثار عميقة

محمد بركات
محمد بركات

فى مثل هذا اليوم السادس والعشرين من يوليو 1952، كان تنازل الملك فاروق ملك مصر عن الحكم، ومغادرته البلاد من ميناء الاسكندرية على متن اليخت الملكى المحروسة، فى إطار مشهد حضارى يليق بمصر وشعبها وثورتها البيضاء.

وأحسب انه من المهم ونحن مازلنا فى غمار الذكرى السبعين لثورة يوليو، ان نشير إلى عدة حقائق قد تكون غائبة بفعل الزمن عن الكثير من الأجيال الشابة، التى لم تعاصر الثورة ولم تتابع المتغيرات العميقة التى أحدثتها فى المجتمع بجميع طوائفه ومكوناته.

وفى هذا الاطار علينا ان نتوقف أمام الحقائق الواضحة على أرض الواقع، التى تؤكد ان فى كل اسرة وكل بيت مصرى من الاسكندرية وحتى اسوان وبامتداد الوطن كله بقراه ومدنه، هناك آثار عميقة ونتائج بارزة للثورة.

هذه الحقائق تؤكد ان فى هذه البيوت الملايين من الطلاب، الذين تلقوا ويتلقون العلم فى المدارس والمعاهد والجامعات بالمجان، فى إطار ما قررته الثورة وأخذت به وطبقته فور قيامها، كحق واجب الاتاحة لكل ابناء الشعب.

أقول ذلك رغم صحة الانتقادات الحادة التى نوجهها إلى مستوى التعليم عندنا، وبالرغم من الاقتناع العام بضرورة تطويره وتحديثه، حتى يواكب التطور العالمى،…، إلا اننا من المؤمنين فى ذات الوقت، بحقيقة ان الغالبية العظمى من الشعب لم يكن متاحا لها ان تلحق بركب التعليم فى ظل ما كان قائما قبل الثورة، من واقع اجتماعى واقتصادى وسياسى وثقافى أيضا.

والحقيقة الأخرى التى يجب ان ندركها، هى ان الملايين من أبناء الشعب من الفلاحين، الذين هم القاعدة الاساسية فى المجتمع المصرى، ما كان لهم ان يتملكوا فى يوم من الأيام شبرا ولا قيراطا من الأرض ليزرعوه، لولا ثورة يوليو 1952 وقانون الاصلاح الزراعى الذى حولهم إلى ملاك بعد ان كانوا مجرد مزارعين.

وفى ذات الوقت كان للثورة انجاز كبير فى المجال الصناعى، تمثل فى بناء العديد من الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وهو ما احدث تطوراً اجتماعياً كبيراً وأتاح العديد من فرص العمل، وخطا بالمجتمع خطوات واسعة على مسار العدالة الاجتماعية.
تلك متغيرات اساسية نشأت فى مصر نتيجة ثورة يوليو 1952، احسب انه من حق الاجيال الشابة ان تعلمها.