إنها مصر

هل تغير العرب ؟

كرم جبر
كرم جبر

هذه المرة بالذات تولدت لدى الزعماء العرب الذين حضروا قمة جدة، الرغبة الحقيقية فى استعادة التضامن العربي، قبل أن يفرض عليهم النظام العالمى الجديد الذى يتشكل قيوداً تضر بمصالحهم.
وفى لعبة شد الحبل أو تكسير العظام بين أمريكا وأوروبا من ناحية وروسيا من ناحية أخرى، خرجت من قمة جدة رسالة شديدة الوضوح، نحن مع مصالحنا، ولن ننحاز لطرف ضد طرف ولن ينجح أحد فى إدخالنا حظيرته.
والمؤكد أن الرئيس الأمريكى بایدن لم يجد العرب الذين التقى بهم فى جدة ، كما يعرفهم أو قالوا له عنهم، وفوجيء بحوارات عربية راقية ورؤی تدافع عن مصالحها وقضاياها، وتأكد أن فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية لن يتم دفعها من جيوب الدول الخليجية.
لم تعد الحظيرة الأمريكية قادرة على استيعاب المتغيرات الكثيرة التى طرأت على الساحة العربية، وأهمها التنسيق المشترك بين الزعماء العرب، واتفاقهم على القضايا المصيرية التى تشغل أمتهم وتهم شعوبهم، ولم يعد الانبهار بالزعماء الأمريكيين الذين يزورون المنطقة كما كان من قبل. فالحلف العسكرى المزعوم بمشاركة إسرائيل، واجه رفضاً عربیاً قویاً، فإذا كان الهدف هو أن تعيش إسرائیل بشكل طبیعى فى المنطقة، فعليها أن تمهد الطريق إلى ذلك بالسلام وإعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة، وليس بالأحلاف العسكرية.
وإذا سألنا أنفسنا، لماذا ناتو عربى إسرائیلي، وضد من، وما هى المخاطر التى يواجهها ؟
ليس من مصلحة دول المنطقة أن تتحالف عسكرياً لدرء مخاطر الوجود الروسى أو الصيني، فهذه الدول لم تهدد المصالح العربية ولم تعتد عليها، وتربطها بالدول العربية علاقات طيبة تقوم على الاحترام.
أما إيران فالخطر المحتمل هو امتلاكها لسلاح نووي، ويتعامل الغرب مع هذه القضية برعونة شديدة، ولا يتخذ إجراءات صارمة للحد من احتمالات الخطر النووى الإيراني، وحسناً تغليب الآراء التى تدعو إلى فتح نافذة للحوار مع إيران، فربما تشهد الفترات القادمة اقتراب فى وجهات النظر، وتتنازل إيران عن مطامعها، وتعرف هى الأخرى أن العلاقات الطبيعية مع دول الخليج تقوم على الاحترام المتبادل وألا تدس أنفها فى شئونها الداخلية.
وإيران ليست وحدها ولكن إسرائيل أيضاً تمتلك أسلحة دمار شامل، ولم تستجب أبداً للنداءات العربية المستمرة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.


والعدو المشترك لسائر الدول والشعوب العربية هو الإرهاب الذى غرس أنيابه وأظافره فى عديد من الدول العربية، والذى صنعته أمريكا والغرب تحت أكذوبة الربيع العربي، فأشعل الحروب الأهلية والدينية، وهدد حياة الشعوب، ولا سبيل لمواجهته إلا بعودة المؤسسات الوطنية وفى صدارتها الجيوش الموحدة، لتحل محل الميليشيات المتحاربة.
فى قمة جدة تولدت الرغبة الحقيقية لدى الزعماء العرب، فى العودة إلى التعاون والتنسيق لمواجهة الخطر القادم.